امتن الله سبحانه وتعالى على قريش بنعمة الأمن والاستقرار التي أسبغها الله تعالى على أهلها في مرحلة ما قبل ظهور الإسلام وهو ما جعل قريشاً في صدارة القبائل العربية رقياً وازدهاراً فصارت تجارتها رائجة، وأسواقها شهيرة. وهو ما أشارت إليه سورة قريش في قوله تعالى: (لإيلاف قريش، إيلافهم، رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). وفي مقابل هذه النعمة العظيمة صار من الواجب على الناس ان يشكروا الله عليها، لأن نعمة الأمن من الضرورات الإنسانية التي من خلالها تتحقق للإنسان كل متطلبات الحياة، فبالأمن تطمئن النفوس، وتشرح الصدور، ويتفرغ الناس لأداء واجباتهم الدينية والدنيوية، وفي ذلك يقول الله تعالى: (أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً، ويتخطف الناس من حولهم) (العنكبوت 67)، وفي ذلك دعوة للتأمل والاعتبار بالمجتمعات التي فقدت الأمن، وما صارت إليه أحوالها من فوضى واضطراب أمني، وعدم استقرار، في حين ان المجتمعات الآمنة تنعم بالرفاه، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: (أو لم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء) (القصص 57). وليس بخاف أن أعظم نعمة في أي مجتمع هي نعمة الأمن والاستقرار، فإذا توفرت هذه النعمة في أي مجتمع، كان لزاماً على أبنائه إدراك قيمة هذه النعمة، وأثرها في حياتهم، وهو ما يستوجب شكر الله عليها، لا انكارها والاستخفاف بها، كما يفعل بعض الناس في مجتمعنا حالياً، للأسف، ممن يعمدون إلى ايجاد اختلالات أمنية بين الحين والآخر، لخلق الفوضى والاضطراب، حتى لا ينعم الناس بالأمن ولا الاستقرار، وهو ما حذر منه نبي الله صالح عليه السلام حين خاطب قومه قائلاً: (أتتركون في ما هاهنا آمنين، في جنات وعيون، وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين، فاتقوا الله واطيعون، ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) (الشعراء 146 152). ولأهمية الأمن في المجتمع اليمني لابد من العمل على الحفاظ على وحدة الوطن، وتعزيز الجهود المخلصة المبذولة لبنائه وتطويره، واستقراره، والعمل على منع كل من يريد زعزعة الأمن وتكدير حياة الناس، ومقاومة كل من يتمادى في شره وطغيانه للإضرار بالمجتمع: قال تعالى: (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الأنفال 52). ومما يؤسف له ان هناك فئات من الناس ظهرت في مجتمعنا اليمني مؤخراً تعمل على زعزعة أمن المجتمع، تحركهم أغراض غير شريفة، وأهداف مزيفة، لضعف ايمانهم، فهم لذلك يعمدون إلى التفجير والتدمير هنا أو هناك، بقصد إيذاء أبناء المجتمع واقلاقهم، يريدون أن تعم الفوضى حياة الناس، فهؤلاء هم الفئة الضالة، والمنحرفة عن جادة الصواب، وهؤلاء هم الذين وصفهم القرآن الكريم (بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً) (الكهف 103).