أيام في صنعاء استمعت فيها الى آراء كثيرة، واختلافات كثيرة حول قضايا الحاضر والمستقبل في هذا البلد العربي الذي يجاور ثلاث دول خليجية، ويمثل بوابة الجزيرة العربية لأفريقيا. في اليمن مشكلات جدية. بعضها أزلي، وبعضها حديث، بعضها يقال في كل مجالس القات وفي المؤتمرات التي لا تخلو فنادق اليمن ولا صالاتها من مؤتمر دولي أو إقليمي، وبعضها من المسكوت عليه، فليس كل ما يعرف يقال. اليمن يواجه تحديات كثيرة، تحدي الصراع الأزلي بين سلطة الدولة المركزية وبين السلطة القبيلة، كل ضعف في الدولة المركزية وفي العاصمة سيقابله بالتأكيد استقواء للنزعات القبلية والطائفية والمناطقية. البلد موارده محدودة وضعيفة، ولكن هناك اتهامات من أطراف عديدة بينها منظمات دولية ودول حليفة لليمن بأن الإدارة أيضا ضعيفة، أعني إدارة الأموال، وهي الكلمة الملطفة لكلمة الفساد المالي، حيث ينتشر مفهوم «حق القات» على مستويات عديدة تصل الى درجة أشخاص متنفذين في مؤسسات الدولة. هناك حالة من التمترس السياسي، والاحتقان غير المسبوق بين أطراف اللعبة السياسية، وهو الذي دفع المتناقضات للتوحد، حيث تتشكل جبهة غير مفهومة وغير منطقية بين أكثر التيارات ليبرالية وهو الحزب الاشتراكي مع أكثر التيارات الأصولية وهو حزب الإصلاح مع خليط من تيارات أصولية قومية ويسارية. تواجه البلد مشكلة اقتصادية خانقة ومعدلات من البطالة المرتفعة وتأخر للبنية التحتية وخاصة المواصلات ويواجه التعليم والخدمات الصحية مشاكل جدية، وهناك أزمة مياه خانقة في العاصمة اليمنيةصنعاء ومناطق أخرى، وهناك مشكلة تبديد موارده ومدخرات الأفراد على القات، مع احتلاله لأكثر الأراضي اليمنية خصوبة. وفي المقابل هناك انفتاح نسبي حقيقي لا ينكره إلا المعاندون، فنبرة الصحافة عالية جدا، وحرية العمل الحزبي مفتوحة، وهامش النقد للحكومة مرتفع، وصوت الإصلاح السياسي والاقتصادي وقضايا الحريات وقضايا المرأة كبيرة. وهو ليس بالوضع المثالي ولكنه ليس بالسيئ. نقلا عن الشرق الأوسط