قد ظللنا نحذر من مغبة عدم التحرك السريع والفاعل لتلبية استحقاقات الإصلاح الوطني العميق و الشامل، وظللنا نؤكد أن حالة الاحتقان والانسداد قد بلغت مستويات مخيفة مشحونة بنذر التفجر، لا يؤدي الإمعان في تجاهلها أو الاستخفاف بها إلا إلى التعجيل بانزلاقات مدمرة، تزج بالبلاد والعباد في مجاهل لا تبقي ولا تذر، وهاهي الأحداث الملتهبة في أرجاء مختلفة من الوطن، تضج بكل ما يؤكد صدق مخاوفنا، وتحذيراتنا.. إن ما توالى طوال الأيام القليلة الماضية في عدد من المحافظات الجنوبية, من مشاهد حافلة بصور المواجهات وأعمال الشغب والعنف، وما تخللها من اضطرام لسعير الكراهية والشحناء والضغائن والتشظيات، قد عبر وعلى نحو مؤلم وراعب، عن حقيقة بلوغ التوترات والأزمات الوطنية، حافة التفجر الكارثي، وهي حالة لا تسمح بأي قدر من التجاهل والمكابرة والعناد، ولا تحتمل أي إهدار للوقت في إنتاج إجراءات تحذيرية أو ترقيعية، أكدت التجارب والوقائع، عقمها، ووبالها وعجزها عن تحقيق أي معالجة حقيقية، من قبيل تشكيل اللجان واتخاذ إجراءات انتقائية معدومة الفاعلية، بل نراها – حالة – ناضحة بالخطر، تستدعي أفعالاً حقيقية وجادة في مضمار تفعيل الإصلاحات الوطنية الشاملة والعميقة والمحققة للمواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة: العدالة في توزيع الثروة، والديمقراطية المحققة للتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته، والتنمية الشاملة المستدامة وعلى نحو يرسخ في النفوس قبل الأرض صرح وحدة يمنية يستمد منعته وقابليته للاستقرار والاستمرار، من ارتكازه على أسس لا يداخلها أي اختلال، ولا تسوغ للغبن والتمييز والإقصاء والاستحواذ، بل تجسد التوازن والعدالة وثراء التنوع، وتقتدر على تعزيز شعور الجميع بوجودهم الحقيقي والفاعل والملبي لمصالحهم وحاجاتهم في إطارها.. لم يعد هناك أي مجال لأي شكل من أشكال الفعل المناور والمراوغ، فقد طفح كيل الناس، وأضحت النزعات والتعبيرات الجهوية والطائفية والمناطقية، تطرح نفسها بقوة بديلاً ومشروعاً للفكاك من قبضة الأوضاع المأزومة الجاري تكريسها، فهل من انبراءة جريئة تقتحم بالبلاد دروب التغيير الجذري والشامل؟.. نأمل ذلك ونسأل الله اللطف والسداد.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..