غير خافٍ على أحد ما تعانيه العملية التعليمية من تدهور حاد يكاد يهد مفاصل التعليم ويقضي على ما بقي فيه من مناعة. وهو تدهور له أسبابه الواضحة التي نراها رأي العين في الفصول والعقول وفي مختلف الحقول. وله أيضاً مسبباته الفاضحة التي نستجلي البحث عنها وكانت سبباً في هذا التدني الذي لا يسر صديقاً ولا عدواً ويتخذها أصحاب القرار مبررات يدارون بها عيوبهم وهذا يؤدي إلى فضح عيوبهم ونبش ما في جيوبهم. وهذه قضية لا بد أن تعطي حقها من الاهتمام وقيام الجهات المسئولة بدور أكبر في هذا المجال وبالذات في المجال البحثي والتوغل في صلب هذه المسببات للخروج بالنتائج الجيدة، فمن المؤكد أن ثمة مسببات رئيسة بحاجة إلى وقفة جادة والتعامل معها وفق آليات منهجية تعيد للتعليم هيبته ومكانته قد تكون غائبة نوعاً ما لكنها في أمس الحاجة لمعرفتها وإجراء الدراسات حولها. وأعني هنا موضوع القراءة والكتابة بشكلها وقواعدها الصحيحة المفقودة لدى الطلاب ولو تكلمنا بصراحة حول الموضوع ذاته لوجدنا فيه العجب العجاب إن لم نقل بأن أهمه يكمن في هذه المسألة، والمسألة هنا تتعلق بلغة أمة الضاد التي ما كان أن تضحك من جهلها أو تسخر من أهلها الأمم الأخرى لولا سباتها العميق في استجهال تعليم القراءة والكتابة أثناء التدريس وعدم البحث عن مسببات التدني وتحاشي توارثه السيء بين الأجيال. بصراحة أكثر تدني التعليم في بلادنا أثر على كل شيء في حياتنا وساهم بشكل كبير في هذا التأخر الذي نراه في مختلف المجالات كون التعليم مرتكز التقدم ومنطلق الحياة الأول وإذا لم نتدارك هذا الأمر فإن المشكلة ستتفاقم وتخرج عن نطاق السيطرة، أما مرتكز الحديث عن القراءة والكتابة في هذه التناولة فيكمن في عدم تركيز المدرسين على مسألة القراءة والكتابة بدرجة رئيسية بالنسبة لطلاب الصفوف الأولى، ومن ثم الاهتمام بقواعد الخط لما فوقها فكثير من الطلاب ينهي المرحلة الثانوية وخطه ضعيف جداً لا يكاد يتعدى فك الحروف ناهيك عن عدم امتلاكه لقاعدة خطية واحدة من قواعد الخط العربي والقراءات الجيدة. بل إنه ولعدم التركيز على هذه المسألة فإن كثيراً من طلاب المرحلة الأساسية يجدون صعوبة في قراءة وكتابة الكلمات والتراكيب الجملية بشكلها الصحيح وهذا ما ثبت في لجان تصحيح اختبارات الشهادتين الأساسية والثانوية وكان سبباً في رسوب البعض نتيجة ضعف الخط أو يرجع لعدم فهم الطلاب لمحتوى السؤال وقراءته القراءة الصحيحة فما بالك حين يستمر هذا الضعف حتى التعليم الجامعي، وبعضهم يتوظف في المجال التربوي، فماذا سيقدمون؟! وهذا الضعف قد لازمهم إلى وقت التخرج.. إن الاهتمام بقواعد الخط والتركيز على تلقين النشء وتعريفه بأهميتها وإلزامه بممارستها كمادة أساسية ووضعها سؤالاً اختيارياً في جميع المراحل مسألة مهمة يتعين على أرباب التعليم الأخذ بها والتنبه إلى انعكاساتها الخطيرة المؤثرة على العملية التعليمية برمتها وإلا على التعليم السلام.