مع دخول الانتخابات الرئاسية والمحلية مرحلة الدعاية الانتخابية بدأت تطل على الساحة اليمنية معركة من نوع آخر تمثلت في حرب "الكاسيتات" الفنية.. بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك. وانتشرت في أسواق العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات وحتى المدن الثانوية والأرياف "أشرطة" سياسية لفنانين شعبين ممن تمتعوا بشعبية كبيرة خاصة في الآونة الأخيرة في أوساط العامة. جهات حكومية متعددة بدأت بملاحقة مروجي هذه الكاسيتات متزامنة مع تصريحات لمسؤولين في وزارة الثقافة بأن الأساليب المتبعة في إنتاج وإخراج هذه الأشرطة مخالفة للقانون ويخضع أصحابها للمساءلة القانونية نظراً لانتحال كلمات والحان لفنانين مشهورين والتعدي على حقوق الملكية الفكرية، إلا أن هذه الأشرطة تقابل بشعبية متنامية وإقبال متزايد من قبل الجمهور الذي يجد في مثل هذه الألوان الفنية مبتغاه من التنفيس والتعبير عن معاناته اليومية بأسلوب فكاهي غير معقد. وإذا كان هذا الأسلوب الفني قد اثبت نجاحه في حملات الدعاية الانتخابية بالنسبة لأحزاب المعارضة وخصوصاً كتلة اللقاء المشترك الذي دفع بمرشح مستقل يمثله في الانتخابات الرئاسية إلا أن الحزب الحاكم "المؤتمر الشعبي العام " لم يستسلم لهذا النفوذ الواسع لكاسيتات "المشترك" وأخذ في إعداد العدة منذ وقت مبكر. ويقول مصدر في الحزب الحاكم ل "رأي نيوز" إن المؤتمر الشعبي العام عمل على إعداد مجموعة من الأشرطة المضادة لدعايات أحزاب المعارضة "التي تسعى عبر تحوير الكلمات والتلاعب على الألفاظ ومخالفة قواعد الإنتاج الفني دغدغة مشاعر الجماهير والعبث بعواطفهم ومحاولة تسخير ذلك لتحقيق مكاسب سياسية لأحزابها". وصدرت أوامر من الحزب الحاكم إلى كوادره من كبار الموظفين في مؤسسات ومرافق الدولة المختلفة بالعمل على توزيع أكبر كميات من هذه الكاسيتات على الموظفين في تلك المؤسسات والمرافق الحكومية، غير أن هذا النوع من الإنتاج الفني لا يلقى رواجاً في الأوساط الشعبية المتعطشة لأسلوب النقد اللاذع للأداء الرسمي الذي ينظرون إليه بكثير من الريبة والشك". وعلى صعيد متصل فقد أحدثت تعميمات حكومية من وزارة الإعلام ورئاسة الجمهورية بشأن الالتزام بضوابط الدعاية الانتخابية الكثير من الإرباكات في أروقة المؤسسات الإعلامية الرسمية والتي دأبت على التعامل مع مثل تلك التوجيهات على أنها رتوش تجميلية ورسائل يقصد بها الخارج أكثر من الداخل، غير أن التأكيد على ضرورة الالتزام بتلك الضوابط أصاب أداء الإعلام الرسمي بالتردد والارتباك وخاصة فيما يتعلق بالأنشطة والفعاليات المتعلقة برئيس الجمهورية. وانتقد الرئيس علي عبد الله صالح السياسة الإعلامية للجنة العليا للانتخابات فيما يتعلق بالبث التلفزيوني لكلمات المرشحين الرئاسيين خلال مهرجاناتهم الانتخابية وهو ما دفع اللجنة إلى اتخاذ قرار في اجتماع استثنائي حول آلية لضمان تساوي البث التلفزيوني لمهرجانات المرشحين في إجراء لقي استهجاناً واسعاً لأنه أكد أن اللجنة تنتظر تلقي التوجيهات من أحد المرشحين كي تؤدي واجباتها. وينظر مسؤولو الحزب الحاكم بخوف وتشاؤم إلى آثار ونتائج الأشرطة الفنية التي تظهر مع مواسم الانتخابات في قلب نتائج الانتخابات.. ويعتقدون بأن الانتصار الكبير الذي حققه حزب التجمع اليمني للإصلاح في الانتخابات النيابية الأخيرة على مستوى أمانة العاصمة وقفت وراءه تلك الأشرطة ذات الخطورة الكبيرة على رأي الناخب وتوجهاته وقناعاته. وتعرض فنانون شعبيون خلال الفترات الماضية إلى ملاحقات أمنية على خلفية إصدارهم لكاسيتات قيل عنها أنها وصلت إلى حد التطاول على شخص رئيس الجمهورية. ومع حادثة مقتل رئيس اللجنة الإشرافية للانتخابات بمحافظة الجوف ومسؤول في الحزب الحاكم هناك و تجمهر جموع القبائل في المحافظة فقد بدأت تلوح في الأفق معركة حامية الوطيس بين الخصوم السياسيين قد لا تتوقف عند حرب الكاسيتات".