رغم تنفيذ العديد من مشاريع المياه بمدينة تعز إلا أن الأزمة الحادة التي تعيشها المدينة منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي تزداد مع الكثافة السكانية والحركة العمرانية اللتان شكلتا علاقة طردية أخلتا بالمعادلة المائية وأفقدتها مقومات الاتزان. فالزيادة المرتفعة للطلب على المياه في المدينة التي يتجاوز عدد سكانها 600 الف نسمة ,وارتفاع مقدار العجز المائي يجعل المؤشرات تنذر بكارثة اذا ما استمر هذا العجز خاصة ان عدد الآبار العاملة لدى المؤسسة وصل إلى 46 بئرا فقط وصل إنتاجها حتى نهاية يناير الماضي إلى 657 الف و 498 متر مكعب . * أسباب الأزمة يرجع المهندس مدير عام فرع الهيئة العامة للموارد المائية بالمحافظة عبد الصمد محمد يحي الشجاع أسباب أزمة المياه في مدينة تعز إلى الطبيعة الجيولوجية لها ، حيث تعتبر منطقة تعز كثيرة الحركات البركانية والزلزالية والمدينة واقعة على الصخور القاعدية وهي صخور غير خازنة للمياه ، إضافة إلى قلة الأمطار والانتعاش الذي تشهده المدينة بشكل مستمر والحركة العمرانية فيها تتوسع كل يوم مما أدى إلى تفاقم الأزمة واستفحالها. فيما يرى مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالمحافظة المهندس محمود محمد عبد الولي ان عدم كفاية المصادر الحالية للمياه لحاجات الناس والاعتماد الكلي على المياه الجوفية باستمرار يؤدي الى استنزافها .. منوها الى ان الحفر العشوائي للآبار وعدم وجود توعية حقيقية بمخاطر استنزاف المياه الجوفية إضافة الى غياب التنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالمياه أدى الى تفاقم الأزمة.. مدير عام مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة و الوحدة الحقلية تعز / اب المهندس احمد سعيد الوحش يعدد كثير من الأسباب لازمة مياه تعز منها اتساع الفجوة بين الطلب على المياه وما هو متاح للاستخدام , والكثافة السكانية المتزايدة والهجرة من الريف إلى المدينة والتي بدورها أدت إلى إهمال المساقط المائية في الريف ، اضافة الى الحفر العشوائي للآبار الجوفية والنزول إلى أعماق كبيرة جدا باستخدام مضخات عالية الكفاءة و عدم استغلال مياه الأمطار والسيول وعمل حصاد للمياه من خلال استغلال السطوح وكذا عدم وجود سدود وحواجز مائية ومنشئات حصاد لتغذية المياه الجوفية . وقال " كما ان عدم استخدام وتركيب أنظمة الري الخاصة بترشيد المياه للري الزراعي و زيادة التوسع في زراعة القات خصوصا في الأراضي الخصبة والاودية اسباب اضافية للازمة". وعن دور المشروع في معالجة الأزمة يقول المهندس احمد الوحش ان المشروع نفذ العديد من المشاريع سواء في جانب التوعية بأهمية الري الحديث او في تقديم الخدمات للمزارعين من خلال أنابيب نقل المياه حيث تم تغطية مساحة 820 هكتار ودعم 205 مزرعة ,الى جانب حماية الأراضي وانجراف التربة والمدرجات الزراعية وإعادة تأهيلها من اجل زيادة التغذية المائية للمياه الجوفية , إضافة الى قيام المشروع بحصاد مياه الأمطار عن طريق خزانات حصاد وإعادة تأهيل البرك والاكراف القائمة وعمل مهدئات وكاسرات للسيول للتقليل من سرعتها وبالتالي زيادة تغذية المياه الجوفية. *مشاريع متعددة لم تحل الازمة نفذ أول مشروع للمياه في مدينة تعز في أوائل الستينات وهو مشروع مياه كنيدي التذكاري بمساعدة من وكالة التنمية الأمريكية وتم توفير المياه من ابار في منطقة الحيمة وشعبة كربة شمال شرق المدينة عبر أنبوب حديدي قطره 300ملم.. وفي عام 1970 م بدا البحث عن مصادر جديدة للمياه تلبي احتياجات السكان وبالفعل بداء الحفر في منطقة الحوجلة شمال المدينة تم من خلالها إيصال المياه إلى محطة الضخ في الحوبان ومنها إلى المدينة بلغت كميتها آنذاك 4100متر مكعب يوميا إلا أن نوعية المياه كانت غير جيدة فهي عالية الملوحة ومستوى النتريت فيها يصل إلى 150ملم/لتر. ومع تزايد السكان والحركة العمرانية في المدينة لم تعد تلك المصادر كافية لمواجهة الاحتياجات وتم في العام 1982م حفر 21 بئر في منطقة الحيمة ( على بعد 25 كم ) عبارة عن آبار سطحية وصلت كمية المياه المنتجة منها في بداية التشغيل إلى(19000 متر مكعب / يوم ) ، انخفضت بعدها الكمية الى أن وصلت في عام 1987م إلى (7000متر مكعب/يوم) نتيجة للجفاف في المنطقة والطلب المتزايد على المياه. ومع ارتفاع الكثافة السكانية في المدينة ازدادت حدة الأزمة وتم حفر آبار اسعافية داخل المدينة وخارجها وصلت الى ( 13 ) بئر وصل إنتاجها الى 2500متر مكعب / يوم ، لتمول بعد ذلك هيئة التنمية الدولية مشروع مياه تعز الاستطلاعي الذي انتهى العمل به عام 2000م بتكلفة ( 11مليون دولار) ساهمت الحكومة بنسبة 10 بالمائة منها . وللمشروع ثلاثة مكونات رئيسية هي مكون خاص بالمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي تمثل في خدمات ودراسات وتصاميم وتركيب مواسير جديدة لنقل المياه من منطقة حبير إلى الخط الرئيسي واستبدال محطة الضخ بالحوبان وتنفيذ محطة تعقيم ومكون خاص بالهيئة العامة للموارد المائية يهدف الى تقييم وتحديث المصادر المائية على مسافة أربعين كيلومتر في جميع الاتجاهات انطلاقا من المدينة وحفر واستكشاف 5500متر ، اضافة الى مكون خاص بمشروع المرتفعات الجنوبية يتمثل في دراسات لانشاء السدود وحفر ابار ومعدات . ولتقليل الفاقد من شبكة المياه القديمة والذي يعد جزء من الازمة تم تنفيذ مشروع بلغت تكلفته 200مليون ريال تم خلاله استبدال شبكة المياه القديمة في جزء من المدينة بمواسير أكثر كفاءة وفاعلية لتحمل الظروف وتم استبدال 15 بالمائة من الشبكة بطول 21 كم بمواسير رئيسية أقطارها من ( 80-400ملم ) و20كم مواسير فرعية أقطارها من 0.5-2 هنش واستبدال 8 الاف عداد إضافة إلى عمل نظام للتحكم والمراقبة للمياه المفقودة على المدى الطويل . كما نفذ مشروع لاستبدال الشبكة كاملة داخل المدينة بلغت تكلفته الإجمالية 12 مليار و71 مليون و286 الف ريال . وكان اخر مشروع نفذ بالمدينة مشروع مياه الضباب والذي دخل الخدمة بالفعل في ابريل 2006م ويتكون من 9 آبار بلغت تكلفته الإجمالية 579 مليون و340 الف ريال ووصلت إنتاجيته حتى يناير 2007م الى 112 الف و 252 متر مكعب . *حلول ومعالجات يشير المهندس الشجاع الى ان هيئة الموارد المائية بالمحافظة قامت بالكثير من المهام الهادفة الى التقليل من الازمة والحفاظ على المياه الجوفية واعدت الكثير من الدراسات للأحواض المائية ومراقبة الحفر فيها ومستوى المناسيب الى غير ذلك مما يدخل في اختصاصاتها وكان أخرها خطة إدارة المياه الجوفية في اعالي وادي رسيان والهادفة الى التحكم في انحسار المياه الجوفية للتخفيف من مخاطر انخفاض مناسيبها وحماية الموارد المائية من التلوث وتحقيق التوزيع الرشيد للمياه بين القطاعات المختلفة وزيادة كفاءة استخدام المياه في جميع القطاعات الا ان الخطة توقفت بعد العمل بها بستة أشهر فقط لعدم وجود الإمكانيات. وفيما يتعلق بتحلية المياه لحل المشكلة اشار الى ان الحل الجذري لازمة المياه يكمن في كيفية استغلال مياه الأمطار وهومايسمى بحصاد المياه وبناء عليه يمكن استغلال أسطح المنازل ومختلف المرافق والمنشات وتجميعها في خزانات أرضية كذلك يمكن معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها في الري..مشيرا الى ان الهيئة عملت تجربة في هذا الخصوص بعمل خزانين أرضيين لاثنين من مساجد المدينة كنموذج إلا أنها لم تتمكن من المواصلة للإفتقار للامكانيات . ويبين ان تحلية مياه البحر مكلفة جدا خاصة عندما يكون المشروع استثماري فالمستثمر يسعى الى الربح ولذلك سترتفع قيمة التعرفة للوحدة المائية وستكون فوق طاقة المواطن إلا اذا تبنت الدولة المشروع أو أنها تدعم فارق التكلفة للمشروع الاستثماري. و يتفق معه المهندس محمود عبد الولي في ان الحل الجذري يتمثل في تبني مشروع لحصاد المياه والذي يتمثل في تغذية المياه الجوفية وعمل سدود سطحية كمصادر للمياه ومحطات للتنقية ، إضافة إلى توعية شاملة للمواطنين باستغلال سطوح المنازل ومختلف المرافق في حصاد مياه الأمطار . وعن دور المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي يقول "ان المؤسسة نفذت العديد من المشاريع ولكنها كانت كلها حلول وقتية لمواجهة ازمة" مشيرا الى ان لديهم حاليا دراسة خاصة بحصاد المياه سيتم الانتهاء منها قريبا ودراسة أخرى خاصة بتحلية مياه البحر. وأوضح انه يتم التركيز على حصاد المياه لانه الأهم والأقل كلفة بالنسبة للمواطن . ويرى المهندس الوحش ان من اهم الحلول تفعيل قانون المياه وتطبيقه بصرامة خاصة فيما يتعلق بالحفر العشوائي للآبار إلى جانب استخدام الطرق الحديثة في الري . سبأنت