جسد الملتقى التربوي الخامس لاستراتيجية تطوير التعليم الأساسي الذي اختتم أعماله، الأربعاء الماضي، في صنعاء مهام الرؤية الإستراتيجية لواقع التعليم في اليمن بتقييمه جوانب القصور المصاحبة لتنفيذ الإستراتيجية ومحاولة تجاوز السلبيات للخروج برؤية موحّدة تخدم عملية التعليم، إضافة إلى إعداد الملتقى لإطار النتائج متوسطة المدى للأعوام المقبلة 2011 - 2015 بالتعاون مع ممثلي الدول والمنظمات المانحة. وفي سياق تشخيص واقع تطوير التعليم الأساسي في اليمن التقت "سبأ" بالمعنيين في وزارة التربية والطلاب والمدرّسين ومكاتب التربية بالمحافظات وخرجت بانطباعات مختلفة، يوضحها هذا الاستطلاع: * نوعية وجودة التعليم يقول نائب وزير التربية والتعليم، الدكتور عبد الله الحامدي: "إن أهم ما يميّز وزارة التربية والتعليم أن لديها ثلاث استراتيجيات للتعليم أساسي (ثانوي، محو الأمية وتعليم الكبار)"، مؤكدا أن المراجعة السنوية الخامسة التي نفذتها الوزارة مؤخرا بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة باستراتيجيات التعليم والشركاء المانحين، وقفت أمام أهداف الإستراتيجية المتمثلة في زيادة الالتحاق بالتعليم الأساسي من معدل 77 بالمائة إلى معدل 95 بالمائة بحلول عام 2015 للفئة العُمرية 6 -14 سنة، وخفض الفجوة بين الذكور والإناث لهذا النوع من التعليم. وأضاف الحامدي أن الإستراتيجية تسعى إلى تحقيق نوعية وجودة التعليم وتحقيق بناء القدرات وإعادة هيكلة وزارة التربية والتعليم لتقوم بدورها في التخطيط والمتابعة، لافتا إلى أن المراجعة تعتبر نقطة مضيئة نحو تقييم البرامج المنفذة، وما هو قيد التنفيذ لمعرفة نقاط القوة والضعف فيها، خاصة ما يتعلق بتعليم الفتاة. كما تعتبر المراجعة السنوية التي شخصت السلبيات التي رافقت تنفيذ الأنشطة التعليمية، خطوة مهمة لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في إشراكها مع وزارة التربية في وضع الخطط التربوية ومتابعة وتقييم مستوى تنفيذها، بالإضافة إلى تطوير السياسات والبرامج والآليات المساهمة في زيادة معدلات الالتحاق والاستمرارية في التعليم لأطفال الأسر ذات الدخل المحدود. * نجاحات ملموسة ويؤكد الوكيل المساعد لوزارة التربية والتعليم، محمد زبارة، أن هناك نجاحات ملموسة حققتها الوزارة على صعيد الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي في المباني المدرسية وصيانتها والخارطة المدرسية وهي انجازات تحسب للوزارة، مشيرا إلى أن الإستراتيجية التي مر على تنفيذها خمس سنوات ما زالت تواجه إشكالية في تطبيقها مع الشركاء في التعليم العالي والمؤسسات المعنية بها وهي بحاجة إلى تمويل أكثر لتنفيذ برامج التدريب والتأهيل. معتبرا الملتقى التربوي للمراجعة السنوية لاستراتيجية تطوير التعليم محطة جادة نحو تقييم العيوب ومعرفة أماكن الإخفاق والنجاحات وكشف الحقائق بشفافية ووضوح في إظهار أرقام مرعبة ومخيفة شملها الواقع التربوي والتعليمي. وبيّن وكيل وزارة التربية والتعليم أن إجمالي ما حققته الإستراتيجية الوطنية في مكوناتها الثمانية في التنفيذ نسبة 42 بالمائة، وهي متفاوتة بين المحاور الثمانية نسبة ما يقارب 70 بالمائة في المباني، و30 بالمائة في المناهج، مؤكدا أن هناك تحديات تواجه الوزارة في تصحيح وإصلاح الاختلالات الموجودة خاصة ما يتعلق بجودة التعليم وتحسين مدخلاته ومخرجاته. * أوشكنا على الانتهاء ويشير مدير عام الأنشطة المدرسية بوزارة التربية والتعليم أحمد الحاج إلى النتائج التي حققتها برامج الإستراتيجية في جوانب تشجيع الالتحاق وإزالة الفجوة بين الجنسين وتدريب وتأهيل القيادات التربوية والمعلمين والإداريين في مختلف محافظات الجمهورية. وقال الحاج: "نحن الآن بصدد الاتجاه نحو برامج التعليم الثانوي، وهذا يعطينا مؤشرا إلى أن حركة الإصلاح قد أوشكت على الانتهاء"، لافتا إلى أن الملتقى التربوي يشكل محطة لمتابعة سير العملية التربوية والتعليمية وتقييم جوانب القصور التي شابت تنفيذ الإستراتيجية في بعض محورها. * اهتمام بالريف من جانبه، يرى نائب مدير عام التعليم الأساسي والثانوي، محمد ناجي خماش، أن الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي حققت انجازات شملت التوسع في المباني المدرسية، خاصة في المناطق النائية الصعب الوصول إليها. كما أن الإستراتيجية أعطت القرى الريفية اهتماما أكبر، وجعلتها ضمن أولويات وخطط الوزارة في بناء المنشآت التربوية والتعليمية وتأهيل وتدريب مدراء وكلاء المدارس والمعلمين والمعلمات والفنيين والمجتمع المحلي لتحسين نوعية التعليم في المدارس الريفية. معتبرا السنتين المقبلتين تحديا كبيرا للقائمين على الإستراتيجية للوصول إلى تحقيق المؤشرات المخططة في الإستراتيجية، وخصوصا مؤشرات متوسط المدى الذي بدأ تنفيذها عام 2007، المتمثلة في رفع الالتحاق بالتعليم الأساسي وتقليص الفجوة بين الإناث والذكور وخفض معدل محو الأمية خاصة الأطفال خارج إطار المدرسة. منسقة المانحين، سوزان آياري، أشارت بدورها إلى أن اليمن تواجه تحديا حقيقيا في مجال التعليم الأساسي رغم النجاحات التي تحققت في هذا الجانب بتعاون المانحين، لافتة إلى أن التحاق الفتاة بالتعليم، ما زالت متدنية رغم الجهود التي تبذل خاصة في المناطق الريفية والنائية؛ بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية الموروثة لدى المجتمع، وهي ليست من الدين الإسلامي. وشددت على ضرورة تنفيذ برامج تأهيلية وتدريبية لمختلف التخصصات الدراسية، باعتبار أن المعلم يشكل حجر الزاوية في تحسين جودة ونوعية التعليم الأساسي. * معوقات مدير مكتب التربية والتعليم في أبين، عبد الواحد فرج، أشار إلى أن الملتقى التربوي الخامس لتطوير إستراتيجية التعليم الأساسي يأتي في إطار متابعة الجهود المشتركة بين وزارة التربية والشركاء المانحين لتحسين مدخلات ومخرجات التعليم الأساسي. وتحدث عن المعوقات التي تواجه تنفيذ الإستراتيجية، أبرزها إدخال مادة اللغة الانجليزية والحاسوب ابتداء من الصف الرابع الأساسي؛ باعتبارهما مادتين ذات أهمية وجدوى لاستفادة الطلاب منها في حياتهم العلمية والمهنية. أما مدير عام مكتب محافظة الضالع، محسن الحنق، فيرى أن الإستراتيجية أنجزت حيزا واسعا من جوانب التدريب والتأهيل للمعلمين في المواد الدراسية المختلفة، مؤكدا أن النجاحات ليست فقط في مجال التدريب وإنما في محاور الإستراتيجية تسير بتوازن، كتعليم الفتاة والمباني المدرسية، وتخطى خطوة جادة نحو تطوير التعليم وتحسين مخرجاته، حسب قوله. فيما قال مدير مدرسة الفوز في محافظة عمران، صادق الضبري، أن الإستراتيجية أهّلت ودرّبت 50 ألف معلم ومعلمة في مختلف التخصصات من مختلف المحافظات، ليؤكد أن المعلمين اكتسبوا مهارات إدارية ومعارف علمية في تحسين الأداء التعليمي للمدرسين. صحيفة السياسية