إصابة أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين ومقتل ابن عمه برصاص مسلحين في صنعاء مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    الأمم المتحدة: مخزون المساعدات بغزة لا يكفي لأكثر من يوم واحد    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    هجمات عدة في خليج عدن وإعلان للقوات الأوروبية    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    جرعة قاتلة في سعر الغاز المنزلي وعودة الطوابير الطويلة    العثور على جثة ''الحجوري'' مرمية على قارعة الطريق في أبين!!    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    صاعقة كهربائية تخطف روح شاب وسط اليمن في غمضة عين    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن    مليشيا الحوثي توقف مستحقات 80 عاملا بصندوق النظافة بإب بهدف السطو عليها    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    تهامة.. والطائفيون القتلة!    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني .. والعملات الأجنبية تصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    أول تعليق أمريكي على الهجوم الإسرائيلي في مدينة رفح "فيديو"    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    «كلاسيكو» الأهلي والهلال.. صراع بين المجد والمركز الآسيوي    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور باعباد ل النصف الآخر(4): مرحلة حرق الشاذر في عدن كانت ضرورية
نشر في سبأنت يوم 10 - 07 - 2010

صنعاء – سبأنت: حاور الشخصيات وأعد المواد للنشر:صادق ناشر
في حياة كل فرد منا شخصيتان مختلفتان: الأولى تلك التي يتعامل معها الناس ويعرفون مواقفها وأخبارها التي تخرج إلى الناس والصحافة، والثانية تلك المخفية التي لا يعرفها سوى قلة قليلة من المقربين والأصدقاء.
وفي هذه المساحة تحاول "السياسية" الدخول في الزاوية المخفية من حياة هذه الشخصية أو تلك، من خلال حديث ذكريات يشمل أسرار الطفولة والشباب والعمل، والتعرف عن قرب على العادات والتقاليد والظروف الصعبة التي عاشها اليمنيون قبل أن يروا النور بثورتي سبتمبر وأكتوبر ودولة الوحدة.
"النصف الآخر" محاولة لإخراج ما خبأته السنوات في حياة اليمنيين، من خلال رصد الواقع الذي عاشوه ويعيشونه اليوم. كما أنها محاولة لمعرفة كيف يفكر من عايشناهم طوال سنوات ولا نعرف ما ذا يحبون، وماذا يكرهون، وكيف وصلوا إلى النجاح الذي وصلوا إليه.
تحاول "النصف الآخر" الابتعاد عن الخوض في الشأن السياسي، الذي يحبذ الكثير عدم الخوض فيه، وإن كانت السياسة حاضرة في بعض المواقف التي ضمها الحوار، لكن بشكل غير مباشر.
"النصف الآخر" سلسلة لحوارات مع شخصيات يمنية مختلفة في السلطة والمعارضة، رجالاً ونساء على السواء، ومن كل مناطق البلاد. وستكون هذه الشخصيات حاضرة بتجاربها في الحياة هنا لتكون شاهدة على صور مختلفة من حياة اليمنيين.
* من هي المرأة التي كنت تتمنين أن تلتقين بها والتقيت بها في إطار العمل السياسي أو في إطار العمل النسوي؟
الفقيدة عائدة علي سعيد، شخصية مؤثرة في الحركة النسائية اليمنية، التقيت بها كثيرا وعملت معها، الشخصية الوطنية رضية إحسان الله، تأسفت لعدم مقابلتي ولم تسعفني الفرصة أن أقابلها، وأتمنى أن ألتقي بها.
هناك شخصية وطنية مناضلة معروفة على الساحة الوطنية هي السيدة ليلى الجبلي رحمها الله، ضحت من أجل حرية الوطن واستقلاله وعانت كثيرا وهي تسكن حارتنا المعروفة ب"حافة حسين"، كانت كبيرة في عيوننا عندما كنا نراها ونحن صغار، وهي أم الأخت سهام جبلي، التي كانت سند والدتها تمنيت أن أراها ثانية، عاشت بعد الاستقلال خارج عدن بحكم الصراع السياسي كونها تنتمي لفصيل معارض.
شخصية عربية السيدة عصام عبد الهادي، رئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية رئيسة الاتحاد النسائي العربي العام، مثقفة، متحدثة، سامية فوق جراحات الوطن، جمعتنا اجتماعات الاتحاد النسائي العربي العام وتقارب وجهات النظر، كنت أمثل اتحادي ورأست اللجنة العربية للاتحاد وقد فرحت عند اقتراحنا استضافة اجتماع اللجنة في عدن عام 1983.
الشخصية العالمية فالنتينا تروشكوفا، رائدة الفضاء السوفييتية الأول، وزارتنا في عدن في الثمانينيات، وكنت من الذين رتبوا لهذه الزيارة ببرنامج حافل استقبلتها النساء في عدن والمجتمع بحفاوة.
* من برأيك تركت بصمة حقيقية في العمل النسوي؟
هناك بصمات نسوية وطنية، عدد من النساء ممن بدأن العمل اللائي حملن راية التنوير سواء في تأسيس الجمعيات أو في التعليم والتوعية والتدريب قبل الاستقلال في الأربعينات وما تلاها.
وشكل الكفاح المسلح مرحلة هامة من الدور النسوي في نقل الغذاء والسلاح والمنشورات والمظاهرات والعمل السري، أثرت في جموع المتظاهرات في شارع الزعفران ثم فرحهن بالاستقلال فخروج المرأة الواسع للتعليم بمختلف مراحله والعمل، تحملت مناصب لا بأس بها؛ فقد تعينت 3 أخوات مديرات مصانع وقاضيات، ودخلت النساء العملية الانتخابية ووصلن لعضوية المجلس وكذا هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، وشاركن في عضوية مجلس الشعب والمجالس المحلية.
عدد من النساء في مرحلة السبعينيات، قدمن نموذجاً طيباً في العمل النسائي الجماعي، نكران الذات، نزول إلى المحافظات للإشراف على الفروع والعمل التنظيمي والانتخابات والقيام بحملات التوعية والتدريب والتحدث إلى الرجال كما إلى النساء للتعريف بضرورة تعليم البنات ودور المرأة وواجبها.
هناك محطة مهمة في مسيرة العمل النسوي، حيث فتحنا قنوات مع المنظمات الدولية، منذ فترة مبكرة (السبعينيات) دعمتنا اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا وصندوق الأمم المتحدة للسكان، واليونيسيف وقمنا بعمليات تدريب وتوعية للنساء.
الرؤساء الأنصار
* من مِن الرؤساء الجنوبيين برأيك كان نصيراً للمرأة أكثر؟
سالم ربيع علي، رئيس مجلس الرئاسة، عرف بشعبيته وتواصله المباشر مع الجماهير، دعم زيارة وفد نسائي من الاتحاد لتقييم النشاط وحضر شخصيا جلسات المؤتمر العام الأول عام 74 في سيئون ودعمنا في الاحتفاء بالسنة العالمية للمرأة (1975) ومنه إنشاء مراكز التأهيل المهني للشابات الفقيرات للتدرب مهنيا لعام في مرافق العمل والتعليم والتوعية وتم توظيفهن وفق.
في إحدى المرات تأخرنا في إحدى الزيارات إلى معسكر سبأ للمرأة حتى منتصف الليل مع الرئيس سالمين، وهو اسمه الجماهيري، لتدليل الصعوبات لم يتركنا نغادر لوحدنا فأوصلنا شخصياً إلى منازلنا في مناطق مختلفة من عدن، عندما كان الاتحاد في مرحلة تأسيس، ولم يكن به أي أثاث وجه بتوفير الأثاث، بل إنه جاء ليتأكد من وصولها إلى الاتحاد في الدور الرابع.
كان سالمين يتابع نزولنا للمحافظات ويوجه المسؤولين الحزبيين والحكوميين بتسهيل مهمتنا، وهذا ما حدث عند نزوله إلى حضرموت وتصادف وجودي هناك للإشراف على تأسيس اللجان النسائية، حينها كان الأستاذ عبد الله البار المسؤول الحزبي في المحافظة، كان يحيطنا كلجنة تنفيذية للاتحاد وقيادة نسوية شابة برعاية القائد، ولن أنسى في أحد احتفالاتنا باختتام العام العالمي للمرأة عندما سأل الرئيس سالمين الزميلات عني فقلن له إنني في فترة وضع، وبعد ذلك بفترة رآني فسألني عن صحتي وماذا وضعت ؟ كان ذلك يرفع المعنويات كونه من رأس الدولة، ومن الفخر أن زوجته الأخت عطية أنموذجا لعضوة الاتحاد في مركز التواهي، والتي كانت تشارك بفاعلية في نشاطات الاتحاد.
عبد الفتاح إسماعيل، أمين عام الحزب، رعى الإطار النظري والوضع المؤسسي للمرأة ودافع عن قضايا المرأة في العملية السياسية فدعم تعزيز مكانتها لمرحلة ما بعد الاستقلال وخاصة أنه أحد الفدائيين الذي أدرك كفاءة النساء في العمل السري وبالتالي أهمية تواجدهن الفاعل في العملية السياسية على صعيد التواجد الحزبي في كافة اللجان وكذلك التمثيل الجماهيري للنساء في كل المنظمات الجماهيرية وفي انتخابات ولجان مجالس الشعب المحلية ومجلس الشعب الأعلى بل وتكون عضواً في هيئة رئاسة مجلس الشعب ومختلف الأطر واللجان الحكومية وهو أشبه ب"الكوتا"، وقد التقى عدة مرات بقيادة الاتحاد للتأكيد على دعم الاتحاد وخاصة مع بدء الدورات الانتخابية.
في سنة 78 اهتم عبد الفتاح إسماعيل بالاتحاد للظروف السياسية التي مرت البلد بها ووجود قيادة نسائية توافقية، كما حرص على افتتاح بعض اجتماعات المجلس المركزي واستقبال الوفود النسائية الزائرة ومشاركة النساء في الوفود الخارجية وقد حرصنا كثيرا في الاتحاد على الاستفادة من توجيهاته وأفكاره، وكان هذا عوناً لنا.
علي ناصر محمد، الرئيس المناضل، كما يفضل كثير من محبيه أن ينادوه به، تحمل مناصب قيادية عليا أطولها رئاسته لمجلس الوزراء، وقد تشرفت وهو رئيس للجنة الوطنية العليا لمحو الأمية وتعليم الكبار أن أكون في اللجنة ممثلة للاتحاد، دعم تشكيلنا في السبعينيات للجان النسائية ونشاطنا الخارجي كثيرا.
أذكر عند حضوري لمجلس الوزراء لعرض اتفاقية السيداو وتم التصديق عليها في مايو 1984 بحكم أنني سكرتيرة العلاقات الخارجية للاتحاد كان مرحبا ومسهلا، ثم حملنا رسالة تفويض منه بذلك إلى مؤتمر نيروبي للمرأة عام 85، كنت قبل 6-8 سنوات في القاهرة لحضور تدريب في قضايا سكانية باللغة الانجليزية، علم بوجودي من الأخت عايدة عبد الحميد، وهي أخت سودانية عملت في اليمن، ففوجئت باتصاله بي إلى الدورة، وكم غمرتني السعادة وشعرت بفخر وأنا أستأذن لزيارته بعد غيبة طويلة وأحداث عصيبة دمعت عيناي لهيبة المقابلة ومازالت مكانته كبيرة وعطاؤه مؤثرا في المشهد السياسي الوطني والعربي.
كانت هناك شخصيات مؤثرة مثل: علي سالم البيض، أنيس حسن يحي، عبد العزيز عبد الولي، علي صالح عباد، الدكتور ياسين سعيد نعمان، محمد سعيد عبد الله (محسن)، أبوبكر باذيب، هادي احمد ناصر، صالح منصر السيلي، صالح مصلح قاسم، علي عنتر، وعبد الله البار...
كما كان من المهتمين بقضايا المرأة الفقيد سعيد راشد والفنان محمد محسن عطروش الذي لحن أغاني عن المرأة والفنان فيصل بحصو وغيرهم الكثير.
حرق الشياذر
* هل اختلف تعامل الرجل في تلك الفترة عن اليوم؟
نعم، هناك اختلاف كبير عن قبل 20 عاماً لغير صالح المرأة، بسبب التأثير الداخلي والخارجي: الهجمة العالمية ضد الإسلام وتنامي القاعدة وطالبان... نتاج رفد الأنظمة العربية بالإسلاميين وقودا لحرب أفغانستان وتأجيج التطرف وتباين في المذاهب؛ لكن الحقيقة هناك تراجعات إلى حد ما، بل صحوة كبيرة ودفاع مستنير عن حقوق المرأة، اقرأ ملحق "الجمهورية" الأسبوعي الديني والديمقراطي وما فيهما من نقاشات للمستنيرين من علمائنا ومثقفينا وهم يدافعون عن حقوقنا، وبالطبع مازالت هناك نظرة نمطية قادمة من نظرة تقليدية تستضعف دور المرأة وتتحكم بنشر أفكار تنتقص من حقوق المرأة عبر هجمة دينية متطرفة تصور عمل ومشاركة المرأة بأنه حرام.
خفت النظرة السلبية في بعض المجالات بحكم إن عمل المرأة والفقر فرض نفسه وأسهم التدريب والإقراض في تحسين وضع الأسرة عكس ما كان التشدد عليه من قبل.
النظرة النمطية عند البعض الآن تختلف عن النظرة النمطية من سابق؛ لكنني أريد أن أقول لك شيئاً، وهو أن النظرة الضيقة والمحافظة صححتها الحاجة، أناس يلجئون للمرأة لمساعدتهم، يستغربون لمن يقول إن خروج المرأة عيب وحرام، لكن صدقني، وأنا أقول لك هذا الكلام عن تجربة، إن الجمعيات الإسلامية عندما تريد شيئاً من وزارة الشؤون الاجتماعية تتصل بنور باعباد؛ فقد تغيرت النظرة وهذا أمر طيب لصالحنا وهم أيضا يقدمون أداءً متطورا تجاه قضايا المرأة ويلبي احتياجات التنمية والمجتمع ويضيفون تجربة إسلامية رائعة، وأنا إذا كانت أمامي فاعلية أخرى أفضل فعالية نشاط الإسلاميين؛ لأنني أهدف إلى تقريب الآراء معهم، وأسعد لتغيير الصورة السلبية عندهم، وأقول للآخرين إننا جميعاً مسلمون؛ فلماذا نقلل من دورهم ونسقط أيضا ما يروج له الغرب عن الإسلام، كيف يجب أن نفهم بعضنا البعض، والله يعلم بالسرائر، فنحن كلما قدمنا كنساء نموذجاً طيباً في التعامل لكيفية خدمة المجتمع كان ذلك أفضل.
* هل تتذكرين مرحلة حرق "الشياذر" في الجنوب؟ هل كانت مرحلة طبيعية؟
والله أنا أشوفها طبيعية، القريبون من الأمر يدركون ضرورتها وأنا منهم ولا داعي للمناكفات ولكل نظام مبرراته، لا بد أن ننظر للقضية من زاوية توقيتها وأهميتها وتنكر الداعمين لهذه الدولة الفتية حينها، وما عانته من ضغوط سياسية واقتصادية وحرب باردة.
"الشيذر" كان رمزاً لتكبيل المرأة وأميتها للونه الأسود، وهو اللون المعبر عن ظلم الماضي في علم دولة الوحدة وما قبلها ورمز للتخلف وهو نقاب أليس اليوم هذا النقاب الذي يثير جدلا دينيا ومجتمعيا ويختفي ورائه التطرف والإرهاب.
جاءت هذه المرحلة لما بعد خروج الإنجليز لتغيير هذه النظرة تجاه المرأة، للأسف هناك نظرة قاصرة يحاول البعض تكييفها لمآرب وأهداف أخرى، فيقول لك إن النظام في الجنوب فتح الحرية للنساء إلى آخر مدى، ولكنني أنا أتحدث معك وأنا من وسط هذه البيئة، ولا تنسى عدن حينها لم تكن المدينة الوحيدة التي تخرج فيها المرأة سافرة، بل معظم مدن العالم العربي ومن يناكف ويزايد عندما يعيش في هذه المدن يتطبع وتلبس زوجته وبناته ما تلبسه نساء هذه المدينة أو تلك والمثل يقول: "في بلاد العور أعور عينك".
مع ذلك فإنني أعتقد أن حرق "الشياذر" في تلك الفترة كان رمزاً سياسياً مهماً؛ يضاف إليه تخفيض الرواتب وتأميم المساكن، كانت ظروف البلد المالية والاقتصادية صعبة، وكانت الدولة وهي ذات توجه اشتراكي وتدفع ضريبة البيئة الكارهة لها، توفر بالكاد مخصصات المدارس، ثم حققت نجاحاً في التعليم العام والمختلط، وكانت هناك إلزامية التعليم، ولابد من الاستدامة، كونه نشاطاً تنموياً.
وأعتقد أن الجيل الذي جاء إلى الوحدة من المتعلمين كان نتاجاً لهذه السياسة وأنا وأنت منهم وكل القيادات والكفاءات الجنوبية، وهذا مكسب لدولة الوحدة، لقد أرسلت الحكومة في ذلك الوقت أعداداً كبيرة من الشباب إلى كوبا للدراسة لكي يستفيدوا من التجربة الكوبية في مجالات عديدة، كانت غالبية للأولاد وأعداد بسيطة من البنات، وهذه كانت تجربة مهمة، وكل تجربة لها ايجابياتها وسلبياتها، وأنا أتمنى ألا تقيم أية تجربة من دون النظر إلى البيئة المحيطة إيجابياتها وسلبياتها، فكل تجربة ابنة واقعها وابنة بيئتها.
* ما هو وضع المرأة اليمنية اليوم؟
وضع مازال يبحث عن استقرار، والحقيقة بقدر أن الحكومة لم تعطنا حقوقنا وفق الدستور والكفاءة إلا بضغط وعلى مضض بدليل أنهم يقولوا لنا: "إيش تشتوا"، وهذا ما لاحظته من ثقافة محدودة لقيادات سياسية –درجة أولى– كأننا نشحتهم، والحال نفسه لقصور الوعي بدور المرأة وحقها إلى درجة أن البعض يطالبنا بدور نضالي كأن هذا الإرث السياسي لاحق لنا فيه؛ فهل يريدون أن تخرج النساء من المظلة السياسية وإلى أين وكذلك لكفاءات من وزارة سيادية. كنت في محاضرة للمنخرطين الجدد، والحال نفسه في عدم توحد رأي القيادات النسوية ليشكلوا حركة نسوية تدافع وتقدم رؤية وطنية نسوية تنموية ولا يغرنك ذلك التواجد في اجتماعات دورية لدى اللجنة الوطنية للمرأة ينتهي بمجرد فض الاجتماع، الخاسرة ليست المرأة وحدها بل الوطن كله؛ لأنه لم يتم الاستفادة حتى من الإطار المؤسسي المجلس الأعلى للمرأة وأنا أحد أعضائه إلا من عدد قليل ومازالت الأمور الأخرى تفتقد لقرارات صائبة في إدماج النساء في العملية السياسية والحزبية والتنموية مما يعيق التنمية والعدالة الاجتماعية وعلى القيادات السياسية والحزبية أن تقرأ وتدرس احتياجات النساء وتزج بها لخدمة الوطن في مختلف المجالات والمواقع وعدم التقليل بقدرتها واستيعاب المتغيرات الخارجية وخاصة اتفاقية السيداو، وتواجد النساء في السلطة المحلية كوكيل في المحافظات الحضرية والمديريات والكليات والجامعات وأن تعتمد معايير في التعيينات ويصار إلى التزام واضح في المشاركة الانتخابية وأن تتطور العملية حتى للرجال.
* هل تعتقدين أن إنجازات المرأة في الجنوب سرقت بعد الوحدة؟
تقصد من حاول النيل منها؟ لأنها لم تسرق، بل طمست، ولكن ما لبث أن عادت متوهجة بدليل الدستور و"الكوتا" والزواج الآمن، وكل هذه قضايا عملنا من أجلها وإيجابي أننا نواصلها وأقول لأولئك الوحدويين الذين يمنون على النساء من العيب أن يشيعوا بفرض قناعتهم على دولة الوحدة بأنها تغمط النساء حقهن ولعل ما عانته المرأة بعد الوحدة -من وجهة نظري- أدى إلى عدم إعطاء قضية المرأة أولوية مثل اليوم، كما يعود إلى القصور في أداء الحزب الاشتراكي اليمني بعد الوحدة لما له من رؤية عملية متقدمة، لكنه ترك قضية المرأة ولم يحافظ على ما حققته المرأة في الجنوب، ولم يقدم رؤية لقضية المرأة وقرارات عملية للمواصلة، وغاص في ذاتيته، والدليل علي ذلك تراجع وجود القاضيات في المحاكم وإلزامهن البيت وإيقافهن عن العمل ومنعت الشرطيات من العمل في أقسام الشرطة ولم يرشح الحزب امرأة في منصب لدولة الوحدة، كما أنهم لم يثبتوا منصب نائبة وزير الثقافة الذي كانت تشغله المناضلة عايدة يافعي أو يرفعوها إلى وزير للثقافة، فلماذا لا ندافع عن النساء ونطعن بشرعية لمكسب كهذا فهي تستحق؟
وأنا ممن عانيت كأحد الخبرات النسائية؛ فقد عينت نائبا لرئيس المكتب الفني بوزارة الثقافة ولم يحرص المسؤولون الجنوبيون على تعييني، كون رئيس المكتب بدرجة وكيل ونائبته يفترض أن تكون بدرجة وكيل مساعد والتسلسل بعدهما لمدراء العموم، ولم يهتموا ويحترموا خبراتي، وهكذا تعاملوا بلا مبالاة وهذا حق وظيفي، وهم مسؤولون عن ذلك.
الآن وضعي حرج، 11 سنة وكيل مساعد، والحكومة الحالية تعييناتها أشبه ب"المغل"، خانة الفلوس لصاحب البقالة، لا توجد معايير الأهلية والكفاءة والأقدمية لدرجة أنه يعز عليّ أن أطالب بحقي الوظيفي، كون المسؤولين لهم أذن من طين وأخرى من عجين، فهم لا يسمعون، بل الجاه والوساطة هي الفيصل للرجال والنساء، اسأل عند أي تعيين لتعرف ذلك، لهذا أداؤها ضعيف فقياداتها بلا خبرة مكتسبة بدليل مخرجات التعليم ضعيفة فأي زيادة تلتهمها الزيادات السكانية، لا توجد مبادرات تعليمية بأن تفتح مدارس من البيوت الجاهزة والخيام المناسبة للمناطق البعيدة للتسريع بالتعليم حتى لا ننتظر القيام بالبناء المعروف للمدارس ويتوقف التعليم فهذا يؤخر التعليم ويضاعف الأمية وصار التمايز بين أبنائنا، فأبناء المسؤولين في مدارس خاصة والمواطن الفقير في مدارس عامة مكتظة، لو كانت عندنا قيادات تربوية كفؤة مازالت هذه الطبقية في العملية التعليمية ولخجلت من هذه المجاهرة بالخلل التعليمي.
للأسف كل واحد يحل مشكلته، وليس مهماً، مخرجات ضعيفة تسرب عدم وجود مدرسين أو استيلاء على الوظائف وهذه مسؤولية وطنية، الزواج الآمن لا يحتاج قانون بل يحتاج مدارس لتقضي البنات وقتها مرحلة 10-16-18 سنة تتعلم ووسائل تخفف نقلها للمياه ساعات طويلة.
هل تعرف أن المرأة المتعلمة صاحبة الدخل في الريف يكثر عليها الخطاب بل يقولون إنها ناضجة وقوية وليست غشيمة هذه نظرة جديدة تعبر عن وعي فرضتها مخرجات التعليم ولم يقولوا إنها خالفت الدين، نظرة ميكافيللية فالغاية تبرر الوسيلة.
أذكر أنه قبل خمس أو عشر سنوات عندما بدأت الحكومة تعيد للشرطيات وضعهن بحكم الحاجة لعملها في قضايا الإرهاب وكون دول الجوار لديها شرطيات، بعض وجهات النظر تقول: فلتعمل الشرطية، لكن لا تلبس الزي الرسمي!! حينها الأخ الرئيس تقبل هذا الكلام وربما من أجل أن يمتص غضب وجهات نظر علماء الدين، لكن عجلة التغيير تمضي ولا تعود إلى الخلف، فعملت الشرطيات ولبسن الزي الرسمي لهن بل وتدربن لمكافحة الإرهاب، لم ينتقد احد ولم ينتقد ويحاسب المتسبب في التراجع السابق لكن المزايدات لم تصمت على حرق "الشياذر"، وما تزال نظرة انفصالية عند البعض.
وهناك قضايا أخرى تتصل بالوضع النسائي، هناك طمس الإنجازات مع غيرة عند البعض لما تحقق للمرأة في الجنوب كأنها ليست يمنية، ولا بد أن يأتي المنجز من مرجعية معينة، البعض يقول إنه لم يكن هناك شيئاً في الجنوب. إذن، نحن الموجودات اليوم في الساحة من أين جئنا؟ هل نحن نبتة شيطانية، هل جئنا من "ألاسكا"، أم نحن من هذه البيئة؟
أتكلم وأنا لست خائفة، هذه ممارسات تشطيرية، محاولة طمس لحقائق تاريخية كل شطر وخصوصيته والوحدة تمت لتجمع ما تحقق في بوتقة ولتجب ما قبلها، وأنا في الحقيقة حزينة، فكل ما أنجز هو استحقاق وطني، ويجُبُّ ما قبله، بعد 1994 شطب أسماء الشهداء في المدارس في المحافظات الجنوبية ولم يتم غربلة وتبادل للأسماء، شطب اسم عدن من التلفزيون؟ ما دخل عدن؟ لقد استعدوا العامة، لهذا فإن الحراك تراكمات لتلك التصرفات والنصر المزعوم، وهذا الذي حصل.
وأتذكر في إحدى المرات عندما كنا في اجتماع للمجلس الأعلى للمرأة وكان حاضراً فيه الأستاذ عبد القادر باجمال، وقال: لماذا لا تدمج اللجنة الوطنية للمرأة واتحاد نساء اليمن؟ ورددت قائلة، وهو يعرف أنني جزء من هذا الجيل الذي عمل في السبعينيات والثمانينيات، قلت له: نحن في الاتحاد عندما كنا نمثل الحكومة قلتم إننا شموليون ولم تقولوا إن لكل دولة احتياجاتها لذا أنشئت اللجنة كجهاز حكومي، الآن وجد اتحاد نساء اليمن في ظل التعددية السياسية كمنظمة مجتمع مدني لها دور وطبعا باجمال كان متحمسا وغاب عنه خصائص ظل النظام العالمي الجديد ولكنه بفطنته استوعب الكلام.
لهذا أعود وأقول بصراحة إن الحزب الاشتراكي لم يكن يحمل رؤية حول قضايا المرأة بعد الوحدة، بدليل أنه رتب أوضاعاً لمن يريد وترك وضع النساء الجنوبيات على علاتها ونحن نحصد اليوم تركته العقيمة، ولم يعمل شيء حتى أنه ضحى بواحدة من أهم قيادات الحزب والاتحاد وهي عائدة علي سعيد، التي كانت نائبة وزير ثقافة قبل الوحدة، ولم يعمل الحزب شيئاً للمرأة، بمن فيهم أنا، فلم يتم ترتيب وضعي، وكذا فتحية محمد عبد الله وهي في درجة نائب رئيس وزراء ورضية شمشير ووفاء احمد علي وغيرنا كثر في الوقت الذي رتب للرجال.
للتذكير وللتاريخ اتصلت ذات مرة بمحمد جرهوم وزير الإعلام بعد الوحدة، وهو زميلي حزبيا مند ما قبل يناير 86، وقلت له: يا جرهوم لم يرتب وضعي حتى الآن وأنا سأنتقل لصنعاء، فقال لي: "طيب ولا يهمك"، لكنه لم يعمل شيئاً وهو كغيره لم يفكروا بالكفاءات النسائية بل هربوا منها وكأننا عورة، تعرف من أنقذني؟ نائب وزير الثقافة السابق الأستاذ فاروق الحكيمي، مع ذلك عندما صدر قراري كان لا بد على الأقل أن تعتمد لي درجة وكيل مساعد، لأن رئيس المكتب الفني كان بدرجة وكيل وأنا يفترض أن أعيّن بدرجة وكيل مساعد، ولم يراع ذلك رئيس الوزراء حينها حيدر العطاس، وصدر القرار بدرجة مدير عام، هناك حالات مؤلمة من التهميش للكثير، رجالا ونساء.
صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.