يبدو أن الخيار أمام السلطة الوطنية الفلسطينية بات أكثر صعوبة بعد الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي الذي جاء بعد أن خاب أمل السلطة في عملية تفاوض ناجحة، وإمكانية ضغط إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على "إسرائيل" لوقف الاستيطان. وقد أعلنت السلطة الفلسطينية أن الفيتو الأمريكي ضد مشروع القرار يشجع إسرائيل على الاستمرار في الاستيطان، مشيرة إلى أنها ستعيد النظر في عملية المفاوضات مع إسرائيل بمجملها. وقررت القيادة الفلسطينية أمس، السبت، التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار ضد الاستيطان كما ستتوجه مجدداً إلى مجلس الأمن للغرض ذاته. وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، "إن قرارنا الآن التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار أممي ضد الاستيطان وإدانته والتأكيد على عدم شرعيته وسنعيد بعدها طرح مشروع لإدانة الاستيطان عبر مجلس الأمن الدولي". وأضاف:" إن الفيتو الأمريكي لن يوقف تحركنا باتجاه المؤسسات الدولية ولن يوقف إرادتنا نحو الحرية والاستقلال"، وأكد عبد ربه "ستكون لدينا إجراءات سياسية أخرى" بدون أن يفصح عنها. من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات في تصريح له "يجب إعادة النظر بمجمل وجود السلطة الفلسطينية وهل هي أداة للاستقلال الفلسطيني أم أن الاحتلال يحاول أن تكون أداة له رغم أنني لا أدعو لحل السلطة". وأضاف:" إن إسرائيل فرغتها من مضمونها ولابد من إعادة النظر جيداً لأن السلطة فقط أداة لاستقلال الشعب الفلسطيني. من جانبه، قال عضو مركزية حركة فتح جمال محيسن:" لن نتوقف عند الفيتو الأمريكي وسنواصل خطواتنا باتجاه مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة لاهاى وكل المؤسسات الدولية جنباً إلى جنب مع حركة شعبنا في الشارع لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وسنلجأ لكل البدائل". وعن احتمال تعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحصار على غرار الحصار الذي لقيه سلفه الراحل ياسر عرفات قال محيسن "إن الرئيس أبو مازن فدائي وهو احد قيادات الشعب الفلسطيني الذين أطلقوا الثورة الفلسطينية وليس لديه حسابات خاصة بل حساباته وطنية وهو دائما منحاز لصالح خيارات الشعب. وفي المقابل اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل أن "الانحياز الأميركي والعجز الدولي" يفرضان "إجراء مراجعة جذرية وشاملة" للوضع الفلسطيني. وبيّن مشعل أن حركته ستقوم بالتشاور مع فصائل المقاومة الفلسطينية لبحث آخر المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتحديداً عقب الفيتو الأمريكي على قرار مجلس الأمن الذي دان الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وقال خلال كلمة ألقاها في حفل افتتاح "مركز زهر الحنون للمرأة والتراث الفلسطيني" في مخيم اليرموك بدمشق: "في الأيام القادمة لنا قول سنقوله ولنا فعل سنفعله ومبادرات سنقوم بها". ويرى محللون سياسيون فلسطينيون أنه "بعد استخدام الإدارة الأمريكية للفيتو ضد المشروع الذي قدمته السلطة، فلم يعد أمامها خيار سوى الالتفاف إلى خيارات الشعب، وإيجاد حالة من التوافق الوطني حول كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية". واستخدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية الليلة قبل الماضية حق النقض "الفيتو" لإسقاط مشروع قرار قدمته الدول العربية بمبادرة من السلطة يندد بالنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرقي مدينة القدسالمحتلة، ما أسقط القرار. وشدد المحللون أنه لا من خيار أمام السلطة سوى الالتفاف إلى الشعب والفصائل الفلسطينية وتحقيق المصالحة الوطنية ووضع برنامج كفاحي لمواجهة الاحتلال وحماية نفسها من كافة الضغوطات.