مدير مؤسسة المياه بصنعاء: 13 مليار ريال مديونية تراكمية ومشاريع الطاقة الشمسية طوق النجاة    قاعدة يمنية إنتاجية قوية في الملبوسات    عاجل: القوات المسلحة الجنوبية تُغلق جبهة عارين في شبوة وتُحكم السيطرة على الصحراء الشمالية    الرئيس الزُبيدي يوجه بتبنّي حلول مستدامة لمعالجة أزمة المياه    الرئيس الزُبيدي يطّلع على الوضع الصحي العام بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    مقتل 6 جنود أمميين بالسودان في قصف بالمسيّرات    تدشين مشروع صيانة خطوط شبكة الصرف الصحي بمدينة البيضاء    عرض سعودي خرافي لشراء برشلونة    السعودية والجنوب: تحالف راسخ فوق كل الخلافات    عدد خرافي للغائبين عن ريال مدريد بمواجهة ألافيس    حضرموت.. لماذا القوات الجنوبية؟    توزيع الأدوار في جنوب وشرق اليمن    "الانتقالي" يرتمي في الحضن الصهيوني    10 قتلى وجرحى في إطلاق نار بجامعة أميركية    الترب يعزي في وفاة محمد بجاش    أجواء إيجابية تسود مفاوضات مسقط    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    مصادر: إخلاء معسكر التحالف بعدن ونقل قوات من لحج وأبين    السلاح لا يمنح الشرعية    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    البيض: المرحلة تحتاج إلى احتواء وإدارة لا مغامرة وفرض وقائع    برشلونة يحقق فوزا هاما امام اوساسونا في الليغا    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    هولندي يتوج بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرائيلية    قوات الحزام الامني بالعاصمة عدن تضبط عصابة متورطة في ترويج مادة البريجبالين المخدرة    مدير ميناء المخا: تطوير الميناء يهدف إلى استقبال سفن الحاويات    صنعاء.. توقيع عقود زراعة تعاقدية لتعزيز الإنتاج المحلي    غوتيريش: ما يجري في حضرموت «مشكلة إقليمية معقّدة»    أمن العاصمة عدن يطيح بعصابة متخصصة في سرقة منازل وممتلكات المواطنين بالممدارة.    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة العميد مهندس طيران عبدالله سعيد حسين    انضمام تحالف عماد والاتحادات المهنية إلى مخيم الاعتصام بالمكلا    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة عبد الفتاح الماوري    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبيًا على المرتفعات وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    واشنطن تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام    موعد مباريات نصف نهائي كأس العرب 2025    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    الأجهزة الأمنية في سيئون تضبط عصابة تنتحل صفة القوات الجنوبية لنهب منازل المواطنين    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    تحركات مثيرة للجدل: كهرباء تعز تسحب المحولات من الأحياء إلى المخازن    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات التمدد التركي في القارة السمراء
نشر في سبأنت يوم 24 - 08 - 2021

تسعى تركيا بشكل حثيث للتمدد والتغلغل في قارة أفريقيا ، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء وغرب القارة والقرن الأفريقي، بهدف إيجاد موطئ قدم لها في هذا الجزء الاستراتيجي من القارة السمراء والمساهمة في إعادة هندسة المعادلة الإقليمية في ظل محاولاتها المستمرة للتأثير في عدد من الملفات بهدف تعزيز نفوذها وتطويق المصالح الإستراتيجية للقوى المحلية والإقليمية والدولية المناوئة لدور تركيا السلبي هناك.
وللجانب التركي تحركات بهدف تعزيز العلاقات مع بعض دول المنطقة وتعميق العلاقات مع المنظمات الإقليمية على المستويات كافة، وذلك عبر استخدام العديد من الأدوات الفاعلة اللازمة لذلك، وتوقيع المزيد من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، وتحديداً الأمنية التي تسمح لأنقرة بالوجود وفتح أسواق جديدة للصناعات العسكرية التركية، الأمر الذي يمثل تهديداً للمصالح الإستراتيجية للعديد من القوى الإقليمية والدولية في المنطقة.
وتشير عدد من الدراسات الى دوافع وأسباب التمدد والتغلغل التركي في القارة السمراء وذلك في إطار سعي أنقرة للعب دور أكبر في النظام الدولي عبر التأكيد على حضورها في الساحة الأفريقية، باعتبارها ساحة تنافس بارزة في السباق على النفوذ في أفريقيا من خلال الدفع نحو انطلاقة قوية لمزيد من التعاون التجاري والاقتصادي بين تركيا والدول الأفريقية، وإظهار أنقرة تحديها لخصومها الإقليميين في المنطقة لا سيما مصر ومن ثمّ محاولة تطويق وإضعاف النفوذ العربي.
وتعد ليبيا بالنسبة لتركيا نقطة انطلاق نحو منطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا، ومن ثمّ تسعى أنقرة إلى التعاون مع بعض قوى الإسلام السياسي في المنطقة، بهدف تغيير موازين القوى عبر التنظيمات المتطرفة التي ترغب أنقرة في نسج خيوط الارتباط بينها في ليبيا.
وعمدت تركيا على التدخل في ليبيا بشكل سافر، حيث أرسلت آلاف المرتزقة إلى غرب البلاد لمساعدة حكومة الوفاق في طرابلس، كما انتهكت القرارات الدولية بمنع إمداد ليبيا بالسلاح.
وهناك تقارير تشير إلى وجود اتفاق بين أنقرة وجماعة بوكو حرام لنقل بعض عناصرها إلى الجنوب الليبي الخاضع لسيطرة الجيش الوطني الليبي.
ونظرًا للتشابكات الجيوسياسية بين الشمال الأفريقي والساحل والصحراء وغرب أفريقيا والقرن الأفريقي فإن ذلك يؤثر ايضا في المعادلة الأمنية بالمنطقة لا سيما فيما يتعلق بالأزمات والتي عادة ما تعرض تركيا نفسها كوسيط أو تتدخل تدخلا مباشرا.
كما يسعى الجانب التركي الى التغلغل في قطاع الموانئ البحرية والسيطرة على المزيد منها على الساحل الغربي للقارة الأفريقية حيث استحوذت مجموعة البيرق التركية على ميناء كوناكري المستقل في غينيا لمدة 25 عاماً، باستثمار يتجاوز 700 مليون دولار إلى جانب ميناء بانجول-بارا في غامبيا، بهدف تحسين فرص الاستثمار للشركات التركية و نجحت تركيا في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير في الحصول على حق استغلال ميناء سواكن السوداني، باتفاقية في عام 2017.
وعززت تركيا نفوذها في الصومال من خلال إقامة قاعدة عسكرية بها، ودعم الحكومة الصومالية الحالية ،وتسعى أنقرة حاليا إلي زيادة عملية التبادل التجاري مع إثيوبيا،لا سيما وأنها تأتي في المرحلة الثانية بعد الاستثمارات الصينية، وهو ما يدل على حجم النشاط التجاري التركي الكبير في المنطقة.
كما تسعى تركيا الآن جاهدة الى تصدير سلاحها للعديد من الدول النامية ومناطق الصراع، ففي القارة الأفريقية اتضحت السياسات التركية في تصدير الأسلحة إلى مناطق الصراع في حالات الأزمة الليبية ، وأخيرًا دعم الحكومة الإثيوبية في حربها ضد متمردي التيغراي.
وشهدت العلاقات التركية الإثيوبية خلال الفترة الأخيرة تقاربا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا،حيث عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء الماضي على ضيفه رئيس الوزراء الاثيوبي أبيي أحمد الذي زار أنقرة بدعوة رسمية، التوسط لإنهاء النزاع الدامي في إقليم تيغراي و"الإسهام في وحدة أثيوبيا" في عرض تحاول من خلاله تركيا تعزيز أقدامها وتوسيع نفوذها في منطقة القرن الإفريقي.
وبدأ التقارب الإثيوبي التركي يتسع مداه ليصل إلى إقحام أنقرة في أزمات وخلافات منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل، فالطلب الإثيوبي الأخير بتوسط أنقرة في حل الخلاف الحدودي بينها وبين السودان، ليس هدفه حل الخلاف بل تعقيد الأزمة في حوض النيل باشراك تركيا ذات السياسات العدائية لمصر في أزمات منطقة حوض النيل.
وسبق لأبيي أحمد أن طلب من تركيا التوسط في الأزمة بين اثيوبيا والسودان لإنهاء الحرب الدائرة حول إقليم الفشقة، فيما تشكل هذه الأزمات فرصة لأنقرة للتمدد في المنطقة تحت عنوان الإسهام في إرساء السلام بالقرن الإفريقي وحوض النيل حيث تستعر أزمة سد النهضة بين أديس أبابا من جهة وكل من مصر والسودان من جهة ثانية.
وتسعى اثيوبيا على الأرجح للحصول على طائرات تركية مسيرة في خضم التوترات التي لا تهدأ خاصة مع تصاعد الصراع مع متمردي جبهة تيغراي.
ويعتقد أيضا أن التقارب التركي الأثيوبي له علاقة بمحاولة ممارسة ضغوط مشتركة على مصر القوة الإقليمية في قضايا خلافية حيث أشار أردوغان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أبيي أحمد في أنقرة إلى الأهمية التي توليها بلاده ل"سلام ووحدة" إثيوبيا، وقال "نحن على استعداد لتقديم أي نوع من المساهمة في حل المشكلة، بما في ذلك الوساطة. في حال تدهور الوضع، ستتأثر كل دول المنطقة".
وجاء عرض الوساطة بعد عمليات تقارب سياسي طويلة، بدأت مع زيارة الرئيس أردوغان لأديس أبابا في يناير 2015 التقى خلالها كلا من الرئيس الإثيوبي السابق "ملاتو ويرتو" ورئيس الوزراء حينها "هايله مريام ديسالين"، وخلال تلك الزيارة تم التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون بين الجانبين في مجالات عديدة، وتعهد الجانبان وقتها برفع قيمة التجارة البينية إلي 500 مليون دولار.
وتبين بعض الدراسات المتخصصة أن هناك حالة تقارب شديدة في السياسات التركية الإثيوبية على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، فكلا الدولتين تواجهان تجربة إثنية معقدة يغيب عنها التجانس والاندماج الاجتماعي، الأمر الذي يعرض سلامة الدولتين للخطر الشديد، في ظل تصاعد حدة الحروب الأهلية، ومن ثم، فلعل أحد أهداف التواصل التركي الإثيوبي في بداية حرب التيغراي كان يتمثل في الاستفادة من التجربة التركية في محاربة متمردي الأكراد في جنوب البلاد.
كما تبين الدراسات أن الدولتين تنتهجان سياسة مائية متشابهة إلى حد بعيد، بل يمكن القول إن السياسات الإثيوبية تجاه أزمة سد النهضة هي تكرار ونقل للتجربة التركية في سد أتاتورك الذي تم تدشينه في عام 1992، والذي حرم سوريا والعراق من 75% من إيرادات نهر الفرات، كما أن سد إليسو حجب نحو 60 % من إيرادات نهر دجلة بالعراق الأمر الذي أدخل سوريا والعراق في أزمات اقتصادية طاحنة بسبب انحسار المياه عن نهري دجلة والفرات.
وتقول الدراسات أن تعاظم الدور التركي في إثيوبيا ومنطقة حوض النيل من شأنه خلط للأوراق السياسية، إذ ترغب أديس أبابا وأنقرة في ممارسة ضغوط مزدوجة على السياسة المصرية، فمن ناحية تريد أديس أبابا التأثير على الموقف التفاوضي المصري فيما يخص أزمة سد النهضة مستغلة الأزمة التي تعيشها العلاقات المصرية التركية، ومن ناحية أخرى ترغب أنقرة في ممارسة ضغوط على الموقف المصري باستغلال تواجدها في منطقة حوض النيل لتحقيق مصالح خاصة في ليبيا وشرق المتوسط.
ويرى الكثير من المحللين أن التوجه نحو توسيع علاقات تركيا مع أفريقيا ونطاق نفوذها جاء لتعويض الخسائر التي تكبدتها أنقرة خلال العقد الأخير على المستويين الإقليمي والدولي سياسيا واقتصاديا في ضوء سلسلة الأزمات في علاقات أنقرة مع الغرب وتزايد عزلتها في الشرق الأوسط وذلك من خلال إظهار منافسة للقوى الدولية الكبرى المنخرطة في الساحل وغرب أفريقيا والتوغل فيها ، لا سيما في ظل وموقف الغرب الرافض للتدخلات التركية في ليبيا وفي شرق المتوسط كما في سوريا.
ويعتقدون أن تركيا تسعى الى التغلغل في القارة السمراء من خلال أدوات القوة الناعمة السياسية والتي تتعدد في الساحل وغرب أفريقيا، وتأتي على رأسها المساعدات الإنسانية، واستغلال أنقرة المشاعر الدينية للتجمعات السكانية المسلمة في دول المنطقة مثل نيجيريا ومالي والنيجر والسنغال، بهدف نسج شبكات نفوذ ومصالح تركية على أراضيها.
كما يرى الكثير من الكتاب والمحللين أن تداعيات الوجود التركي في المنطقة ومخاطره تحوُل المنطقة إلى ساحة صراع بين تركيا والقوى الفاعلة هناك، مما يهدد الأمن الإقليمي للفناء الخلفي لأوروبا، والمصالح الاستراتيجية لبعض القوى الإقليمية الرئيسية مثل مصر، وتشكيل حزام تهديد أمني حولها، من البحر الأحمر من خلال القاعدة التركية في الصومال، حتى البحر المتوسط شمالاً من خلال التحركات في ليبيا وشرق المتوسط، وشرقاً في شمال سوريا والعراق، وغرباً عبر التوغل العسكري في ليبيا والساحل والصحراء وغرب أفريقيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.