تستعد تركيا للدخول في جولة جديدة من المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي بشأن انضمامها الى الاتحاد والذي اعلن منتصف الاسبوع الجاري، اعتزامه فتح فصل جديد في مفاوضات انضمام تركيا إليه، بعد توقف دام 3 سنوات، فيما ينتظر الجانبان 35 ملفاً، الى جانب اعتراف تركيا بجمهورية قبرص، كإحدى الدول الأعضاء ال 28 في الاتحاد . وبموجب التوصيات التي أصدرتها المفوضية الأوروبية، أعطى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في لوكسمبورغ موافقتهم على فتح فصل جديد في المفاوضات مع تركيا في الخامس من نوفمبر المقبل . وكان القرار الرسمي بفتح فصل جديد من مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد، قد اتُّخذ في شهر يونيو الماضي، الا انه أرجئ اثر اعراب المانيا للطريقة التي تعاملت بها السلطات التركية مع موجة التظاهرات التي عمت البلاد وانطلقت من ساحة تقسيم في إسطنبول. اضافة الى تنديد المفوضية الأوروبية باستخدام الشرطة التركية القوة المفرطة في قمع تلك التظاهرات، إلا أنها أشادت بما اسمته "خطوات مهمة" اتخذتها تركيا في مجال الديمقراطية. وتعتبر تركيا مرشحة رسمياً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنة 1999م، لكنها فشلت حتى الآن في إحراز تقدم في مفاوضاتها التي تصطدم بتحفظات باريس وبرلين على ضم دولة مسلمة كبرى إلى الاتحاد، وخاصة في ظل عدم حل قضية قبرص التي يعتبر الاتحاد الاوروبي ان تركيا تحتل مناطقها الشمالية بالقوة منذ العام 1974م . ويربط الاتحاد الأوروبي التقدم في مفاوضات الانضمام والتي تضم 35 فصلاً، اعتراف تركيا بجمهورية قبرص، كإحدى الدول الأعضاء ال 28 في الاتحاد . وشهدت العلاقات التركية - الأوروبية فتوراً كبيراً خلال العام الجاري 2013م، وساهمت صدامات الشرطة التركية مع المتظاهرين في حديقة غيزي في اسطنبول، في توتير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي . وكانت المفوضية الاوروبية على وشك بدء محادثاتها مع الجانب التركي حول الفصل رقم 22 والخاص بالسياسة الإقليمية وتنسيق آليات السياسة الهيكلية، الا ان المحادثات اوقفت، على خلفية تعامل السلطات التركية مع المتظاهرين في اسطنبول . ويضاف الى ذلك مسألة حرية الصحافة وتفسير أنقرة لها، والتي تعتبر نقطة خلافية أخرى، خاصة وان رئيس ممثلية الاتحاد الأوروبي لدى تركيا موريس ريبيرت ينتقد "وجود خروقات في هذا المجال". ولا تقتصر ردود فعل رئاسة الاتحاد على النقد فقط، اذ ان الاتحاد الأوروبي عبر الأسبوع الماضي عن ارتياحه لانطلاق "الحزمة الديمقراطية" التي أطلقتها الحكومة التركية مؤخراً واشاد الاتحاد بالإصلاحات التي بدأ بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان . وتتضمن إصلاحات الحزمة الديمقراطية، تخفيف الحظر المفروض على المحجبات عبر تغيير قانون منع الحجاب في المؤسسات الرسمية، واعطاء المزيد من الحقوق للأقليات، وهما نقطتان اعتبرهما مفوّض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن التوسع، شتيفان فويله، تقدماً ملموساً. ويأتي ذلك في الوقت الذي اظهرت استطلاعات الرأي في تركيا، ان اهتمام الاتراك بمفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي والتي كانت قد بدأت رسمياً في العام 2005م، اصبحت في تراجع . وأظهرت آخر استطلاعات الرأي أن الانضمام إلى الاتحاد لم يحظ حتى بتأييد نصف المشاركين الأتراك، علماً بأن ثلاثة أرباع المشاركين في استطلاع أجري عام 2004م، كانوا مؤيدين للإنضمام . وكشف الاستطلاع الحديث عن أن ثلث المشاركين يرفضون الانضمام رفضاً تاماً، فيما كانت نسبة الرفض 9 في المائة فقط قبل 9 سنوات . كما وينطبق الامر على السياسيين الاتراك أيضاً، والذين لم يعودوا متحمسين للأمر، حيث أبدى الوزير التركي للشؤون الأوروبية إيغمن باغيش تشاؤمه من إمكانية الانضمام للاتحاد أساساً . وقال باغيش في تصريح نُشر في جريدة حريات التركية مؤخراً "قد ينتهي الأمر بتركيا مثل النرويج، بحيث نلتزم بالمعايير الأوروبية ويكون التنسيق بيننا على مستوى عالٍ، لكننا لن نصبح أبداً عضواً في الاتحاد". الا ان هناك رأي مختلف داخل تركيا، وخاصة في صفوف رجال الأعمال الأتراك، وذلك بعدما شدد رئيس اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك محرم يلماز، على ضرورة السعي للانضمام للاتحاد بهدف دعم النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي وتحقيق مزيد من الديمقراطية . ويؤكد العديد من الاقتصاديين على حاجه تركيا للانضمام الى الاتحاد الأوروبي، لما له من فوائد اقتصادية كبيرة .. مشيرين الى أن انضمام تركيا للاتحاد، أو تكون حتى مرشحة للإنضمام، ينعكس على الاستثمارات الخارجية ويجذب المزيد من المستثمرين الأجانب . فيما يرى حقوقيون اتراك أن الاتحاد الأوروبي يمثل محركاً لعملية توطيد الديمقراطية في تركيا، خاصة وان الديمقراطية التركية كانت ستتدهور خلال السنوات ال 5 الأخيرة، لولا تأثير الاتحاد الأوروبي . ويأتي ذلك فيما انصب اهتمام العديد من وسائل الاعلام في عدد من دول الاتحاد، وخاصة في المانيا، على الجدل القائم حول مباشرة التفاوض مع تركيا لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، والذي تعارضه المانيا وفرنسا بشدة .