دعا الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور اليوم السبت الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد يومي 14 و15 يناير المقبل.. في ظل دعوات قيادات "الإخوان المسلمين" المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي إلى مقاطعة الاستفتاء عليه حتى لا يعد ذلك اعترافًا ضمنيًّا بما أسموه "الانقلاب العسكري". ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن الرئيس منصور في كلمة له اليوم وجهها للشعب المصري القول: "لقد اتخذت قراري بدعوتكم للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور المعطل الصادر سنة 2012 وذلك يومي الرابع عشر والخامس عشر من يناير 2014". وقال رئيس لجنة الخمسين التي تولت صياغة الدستور المصري، عمرو موسى، في احتفالية رئاسية للإعلان عن موعد الاستفتاء، إن الدستور يضمن حقوق المواطنين بكافة فئاتهم.. مؤكدا أن الدستور الجديد يؤسس لمجتمع مزدهر ومتلاحم يفتح لآفاق المستقبل أمام الشعب المصري. وأكدت رئيس المجلس القومي للمرأة وعضو لجنة الخمسين السفيرة ميرفت تلاوى أن دستور مصر الجديد يتضمن لأول مرة آليات واضحة لمحاكمة رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أنه لأول مرة يتم النص على محاكمة رئيس الجمهورية وأيضًا رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء الحكومة بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أية جناية أخرى أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى. وقالت في تصريح لها اليوم إن أحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن، لافتة إلى أن الدستور يتضمن نشر إقرارات الذمة المالية لرئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء في الجريدة الرسمية. وأضافت إنه يتضمن قيام رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك في ما لا يخالف أحكام الدستور، كما تم النص على أنه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. مشيرة إلى أنه لأول مرة تم النص في الدستور على العودة للاستجوابات في المجالس المحلية مرة أخرى. وعلى الجانب الآخر اتفقت مؤخراً قيادات "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، المحبوسين، على ضرورة رفض مسودة تعديل الدستور ومقاطعة الاستفتاء عليه حتى لا يعد ذلك اعترافًا ضمنيًّا بما أسموه "الانقلاب العسكري". ودعت قيادات التحالف المقبوض عليها "بتهم التحريض على أعمال عنف"، في رسائل بعثوا بها من داخل محبسهم عبر أهاليهم، الشعب المصري إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور، مشيرين إلى أنه لا ضمان لحفظ وصون صوتهم بعد ما أسموه "الانقلاب على 5 استحقاقات انتخابية سابقة". وقال القيادي الإخواني وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي، في رسالته، إن "مشروع الدستور الذي يحصّن القاتل مكانه صناديق القمامة وليس صناديق الاستفتاء". وطالب البلتاجي الشعب المصري ب"مقاطعة الاستفتاء علي الدستور"، مشيرًا إلى أن "المشاركة فيه ولو بالرفض (التصويت بلا) سيعطي شرعية لمن أسماهم الانقلابيين"، وقال: "هذا ما يريدوه ونحن لن نسمح لهم بذلك". هذا وتتجه الأنظار المصرية والدولية لأول خطوات خارطة المستقبل التي وضعها الجيش المصري بالتوافق مع قوى سياسية في يوليو الماضي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وبحسب المراقبين فإن نتائج الاستفتاء ستعزز إلى حد كبير شرعية ثورة 30 يونيو، لكن الاحتجاجات التي تنظمها جماعة "الإخوان المسلمين" لا تزال تثير القلق من تأثير محتمل على نسبة المشاركة في الاستفتاء. وقال مصدر مسئول في مجلس الوزراء المصري "إن الحكومة وضعت خطة الاستعدادات للاستفتاء، تتضمن متابعة من جانب الحكومة لكل ما يثار بشكل خاطئ حول أدائها أو تأمين عملية الاستفتاء أو صدور أي معلومات خاطئة تؤثر في توصيل أي فهم خاطئ إلى المواطنين، بعدم قدرة الحكومة على تأمين عملية الاستفتاء". وقال مصدر أمني مصري إن "وزارة الداخلية على علم بمخطط جماعة الإخوان لإرباك المشهد قبل الاستفتاء على الدستور.. وسوف يجري التصدي بكل قوة لهذه المحاولات".. لافتا إلى أن الوزارة استعدت بخطة تأمينية عالية المستوى للاستفتاء. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد المسجلين في الجداول الانتخابية الخاصة بالاستفتاء نحو 53 مليونا و377 ألف ناخب، في مقابل 51 مليونا و919 ألف ناخب في الاستفتاء على دستور عام 2012، الذي استحوذ على وضعه الإخوان. وبدأت الأحزاب السياسية المدنية حملاتها الشعبية لدعم الدستور، ودعوة المواطنين للتصويت ب"نعم". ودشن حزب الوفد الحملة الشعبية لدعم الدستور، والتي قامت بتشكيل حملات فرعية لها في محافظات مصر حتى تصل إلى القرى والنجوع "التجمعات السكانية الريفية الصغيرة"، كما أعلن الحزب عن تنظيم مؤتمرات شعبية حاشدة في كل المحافظات بمشاركة شخصيات عامة وقيادات الحزب لتعريف المواطنين بالدستور. فيما أعلن حزب التجمع أنه يحضر ل14 مؤتمرا بالمحافظات لتوعية المواطنين بأهمية التصويت ب"نعم"، وقال الحزب إن هذه المؤتمرات سيعقدها أعضاء اللجنة المركزية للحزب، وسوف يجري السعي فيها للتواصل مع العمال والفلاحين. وبدأت حملة "تمرد"، التي قادت مظاهرات أطاحت بالرئيس السابق، بعقد مؤتمرات شعبية حاشدة لمناقشة الدستور وتوعية المواطنين بما جاء فيه ودعوتهم للمشاركة في الاستفتاء، وضرورة التصويت ب"نعم" انتصارا لخارطة الطريق، وتأييدا لثورة 25 يناير و30 يونيو. من جهته أكد رئيس حزب "الأحرار" الدكتور مدحت نجيب في بيان له اليوم أن الاستفتاء على الدستور يمثل انطلاقة كبري نحو تأكيد الدولة الديمقراطية بعد ثورة 30 يونيو.. مضيفاً "إن الاستفتاء على الدستور هو البداية الحقيقية لاستقرار الحكم بعيدا عن الأنظمة الفاشية والدينية التي كادت تخرب الوطن". وقال الأمين العام للحزب الناصرى توحيد البنهاوى، "إن موعد الاستفتاء على الدستور 14 و15 يناير المقبل، مناسب ويتسق مع الإعلان الدستوري، متمنياً خروج الجماهير التي أسقطت حكم الإخوان المسلمين، للتصويت ب"نعم" على الدستور المعدل، لكي يكون أول خطوة لبناء مصر الديمقراطية". وتزامنا مع إعلان الرئيس المصري موعد الاستفتاء تستعد الأحزاب والقوى المدنية لتشكيل لجان لمراقبة الاستفتاء القادم، من داخل وخارج لجان الاقتراع، ورصد مختلف محاولات جماعة "الإخوان"، أو أي فصيل يهدف لإفساد العملية الانتخابية. الجدير ذكره أن عدد مواد مشروع الدستور الجديد يبلغ 247 مادة، منها 42 مستحدثة، و18 في باب الحريات و45 تتحدث عن العمال والفلاحين. ودعا رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى الشعب المصري إلى التصويت لمصلحة مشروع الدستور كي تنتقل مصر من "مرحلة الاضطراب إلى مرحلة الاستقرار"، موضحاً أن المسودة مطروحة للحوار المجتمعي حتى موعد الاستفتاء. وكان الجيش المصري قد علق العمل بدستور 2012 عقب إطاحة مرسي، وأعلن خارطة مستقبل لتنظيم المرحلة الانتقالية تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عقب الاستفتاء على مشروع الدستور.