تشهد ليبيا حالة من الفوضى غير المسبوقة مع تزايد أعمال العنف المتصاعدة بين الجماعات المسلحة المتناحرة فيما بينها من جهة والجيش من جهة أخرى، في مدينة بنغازي وطرابلس متسببة في رحيل عدد كبير من رعايا الدول الأجنبية وإغلاق عدد من السفارات وزيادة معاناة السكان. ويدور قتال عنيف في بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية بين القوات الخاصة من جهة وتحالف من مجلس شورى بنغازي المؤلف من مسلحين سابقين، وجماعة أنصار الشريعة المتشددة، حسبما يقول سكان في بنغازي. واستولى مسلحون على معسكر تابع للقوات الخاصة الليبية في بنغازي شرقي البلاد بعد معركة شرسة استخدمت فيها الطائرات والصواريخ، وراح ضحيتها 30 قتيلا على الأقل. واضطرت عناصر القوات الخاصة للانسحاب من المعسكر بعد تعرضه لهجوم مركز شنه تحالف من المسلحين والميليشيات، حسبما أفاد مسؤولون عسكريون وسكان محليون. ونقل عن أحد ضباط وحدة القوات الخاصة قوله " أنسحبنا من المعسكر بعد أن تعرض لقصف شديد." في حين أكد ناطق باسم القوات الخاصة استيلاء المسلحين على المعسكر. وتتزامن هذه التطورات مع المواجهات المسلحة بين مليشيات الجماعات المسلحة والمليشيات التي تحرس مطار طرابلس في العاصمة الليبية وهي المواجهات التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى وأدت إلى حريق ضخم لخزانات وقود مما يهدد بكارثة بيئية. وتعتبر واشنطن جماعة أنصار الشريعة جماعة إرهابية وحملتها مسؤولية الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في عام 2012، حيث قتل السفير الأمريكي وعدد من الدبلوماسيين الأمريكيين. وما زال الحريق الضخم الذي اشتعل في خزانين للوقود بالقرب من المطار بعد أن ضرب صاروخ أحدهما، خارج السيطرة وتكافح فرق الاطفاء لليوم الثالث على التوالي لاخماده وسط مخاوف من امتداده لخزانات للغاز الطبيعي مجاورة. ويعاني سكان طرابلس من شح شديد في الوقود، حيث أغلقت محطات الوقود في المدينة حرصا على سلامة العاملين فيها بسبب القتال بين المليشيات. ودفعت أعمال العنف المتصاعدة في ليبيا عواصم غربية إلى دعوة مواطنيها إلى مغادرة هذا البلد الغارق في الفوضى وذلك غداة إجلاء الموظفين الدبلوماسيين الأمريكين من ليبيا. ودعت بلدان أوروبية من بينها بريطانيا وألمانيا مواطنيها إلى مغادرة ليبيا بعد مهاجمة موكب للسفارة البريطانية السبت الماضي ،دون سقوط ضحايا. وكانت الولاياتالمتحدة أجلت موظفيها الدبلوماسيين السبت الماضي برًا تحت غطاء جوي. من جانب آخر اختطف مسلحون نائب رئيس الوزراء الليبي السابق والنائب البرلماني الحالي مصطفى أبو شاقور في العاصمة طرابلس حسبما أفاد ابن أخيه عصام النعاس. وقال النعاس إن " رجال في ثلاث سيارات اختطفوا عمي من منزله وأخذوه بعيدا إلى جهة غير معلومة"، مشيرا إلى ان الشاقور تلقى مكالمة هاتفية قبيل اختطافه من مجهول يحذره فيها من اختطافه وطالبه بمغادرة منزله. وتنتشر عمليات الخطف والقتل للسياسين ونشطاء حقوق الانسان بشكل واسع منذ الاطاحة بمعمر القذافي عام 2001 بسبب الفوضى الأمنية بالبلاد. وتعاني بنغازي من صراع المليشيات وأعمال الاغتيال. وتخشى السلطات الليبية من أن يسفر حريق خزانات الوقود عن كارثة بيئية. ويرى خبراء أن الدول الغربية التي تدخلت عسكريا في ليبيا تتابع في حالة من العجز المواجهات الجارية بين الميليشيات المتخاصمة والتي أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص في غضون أسبوعين في ليبيا حيث تقلص هامش المناورة لديها تدريجيا منذ سقوط نظام القذافي. وبعد مقتل القذافي في اكتوبر 2011 بعد حرب بين جيشه النظامي و المسلحين استضافت العواصم الغربية عددا من المؤتمرات الدولية بهدف مساعدة السلطات للليبية على بناء دولة جديرة باسمها واعادة تنظيم الجيش واعادة بناء الاقتصاد ، بيد أن هذه المقترحات المتعلقة بالتدريب لم تلق حماسة الليبيين أنفسهم.