يعتبر فتح نقطة عبور الوديعة بمحافظة حضرموت فى أقصى جنوب شرق اليمن اليوم الاثنين إضافة جديدة لمسيرة العلاقات اليمنية السعودية التى شهدت نموا ملحوظا بعد التوقيع على اتفاق جدة بين البلدين في يونيو عام 2000 الذى اكد تسوية قضايا الحدود بين البلدين بالوسائل السلمية بما يكفل وقف تسلل العناصر الإرهابية وتهريب السلاح والسلع . لقد بلغت تكاليف نقطة عبور الوديعة ثمانية ملايين دولارساهمت فيها اليمن والسعودية وهى النقطة الرابعة التى تفتتحها اليمن على حدودها مع السعودية بعد نقطة عبور حرض فى محافظة حجة ونقطتي علب و البقع بمحافظة صعدة . وقد اسهمت هذه النقاط الحدودية فى اثراء النشاط الاقتصادي اليمنى الذى تعرض لضربات قاسية فى أعقاب الأحداث الإرهابية التى شهدتها البلاد على مدى العامين الماضيين وابرزها الهجوم على المدمرة الأمريكية يو.ا س.اس.كول والناقلة الفرنسية ليمبورج . لقد حرصت الحكومتان اليمنية والسعودية على حل نزاعات الحدود الممتدة بينهما لمسافة 1300 ميل من سلطنة عمان الى البحر الاحمر بالوسائل السلمية وفقا لاتفاق جدة دون الحاجة الى التحكيم لاثبات ان العرب قادرون على تسوية مشاكلهم فيما بينهم على حد تعبير الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودى . وياتى افتتاح نقطة عبور الوديعة فى اطار الجهود التى تبذلها الحكومة اليمنية للسيطرة الامنية على حدودها بشكل عام بعد ان وجدت نفسها فى وضع يملى عليها اتخاذ هذه الخطوة لوقف تدفق المهاجرين اليها وخاصة من دول القرن الافريقى ليس من اجل العمل بالطبع ولكن لاتخاذ اليمن نقطة عبور الى المملكة العربية السعودية . وتشير التقارير الامنية الى ان السلطات اليمنية ابعدت فى الاونة الاخيرة اكثر من الف شخص من الرعايا الاجانب لاسباب امنية ولاقامتهم بطريقة غير مشروعة على الاراضى اليمنية بعد ان ابعدت اكثر من 1800 شخص اخرين فى العام الماضى معظمهم من دول القرن الافريقى فى الوقت الذى تشير فيه التقديرات الى وجود اكثر من مائة الف لاجئ فى اليمن . وتهدف السلطات اليمنية والسعودية من وراء فتح نقاط العبور الرسمية على حدودهما المشتركة الى ضرب اكثر من عصفور بحجر واحد فى ظل التطورات الراهنة التى شهدتها المنطقة حيث تستهدف اليمن فى المقام الاول الجانب الاقتصادى المتمثل فى تنظيم حركة الصادرات والواردات مع جارتها الشمالية بما يعود بالنفع المالى عليها . وتتيح هذه الخطة لليمن الفرصة لضخ المزيد من الرسوم الجمركية التى يتم تحصيلها عبر هذه المنافذ الى خزانتها بدلا من ذهابها الى جيوب افراد عصابات التهريب الامرالذى يكلف الاقتصاد اليمنى خسارة سنوية قدرها ثلاثة مليارات ريال يمنى فى الوقت الذى تهدف فيه السعودية الى وقف عمليات تهريب السلاح والعناصر الارهابية الى اراضيها . ويرصد مدير عام الدائرة الجمركية اليمنية بمنفذ حرض فى محافظة حجة حدوث انتعاش ملحوظ فى حجم النشاط التجارى بين اليمن والسعودية حيث بلغت قيمة الصادرات اليمنية الى الأسواق السعودية عبر هذا المنفذ نحو ستة مليارات ريال يمنى خلال النصف الاول من العام الجارى - مقابل ثمانية مليارات ريال فى العام الماضى كله - هذا بالإضافة الى نحو مليار و300 مليون ريال تم تحصيلها عبر المنفذ فى صورة رسوم جمركية وضرائب استهلاك ..وارتفع عدد المسافرين عبر منفذ حرض خلال نفس الفترة الى مائتين واربعة الاف و700 مسافر. وفى منفذ البقع بمحافظة صعدة بلغ اجمالى قيمة الصادرات اليمنية الى الاسواق السعودية نحومليار ريال فى النصف الاول من العام الجارى . ويقول مدير جمارك البقع ان نسبة الزيادة فى حجم الصادرات بلغت 265% خلال هذه الفترة بقيمة 251 مليون ريال وبزيادة 183 مليون ريال مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى . ومما لاشك فيه ان عائدات هذه النقاط سوف تتضاعف اذا نجحت اليمن فى اعادة العاملين اليمنيين الذين عادوا اليها من السعودية عقب حرب الخليج الثانية عام 1990 - والبالغ عددهم وفق بعض التقديرات 650 الف شخص - اى ثلثى اليمنيين الذين كانوا يعملون فى السعودية قبل الحرب اضافة الى وجود نحو نصف مليون يمنى حاليا فى السعودية ..وبالتالى فان استخدام العاملين اليمنيين فى السعودية للمنافذ المشروعة على الحدود سوف يتيح مبالغ مالية لاباس بها للدولة فى صورة رسوم جمركية . وفى اطار جهودها المبذولة للسيطرة على عمليات التهريب عبر الحدود انجزت الحكومة اليمنية نسبة تصل الى 50% من عملية الربط الالى للمنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية بنظام المراقبة الالية عبر شبكة المعلومات حيث تم حتى الان الانتهاء من ربط مطارات صنعاءوعدن وتعز والمكلا ومينائى المخاء والمنطقة الحرة فى عدن ومنافذ اخرى . وتحرص السعودية من جانبها على دعم الاقتصاد اليمنى من خلال اقامة المشروعات المشتركة بين البلدين والتى بلغ عددها وفق الاحصاءات الى خمسة وعشرين مشروعا فى المجالات الصناعية وغيرها برأسمال744 مليون ريال سعودى يساهم فيها الجانب اليمنى بنسبة 18ر20 %. وعلى الصعيد الزراعى بلغ حجم الصادرات الزراعية اليمنية الى السعودية فى العام الماضى اكثر من 320 الف طن فواكه و250 الف طن خضروات و280 الف طن حبوب و50 الف طن بن فى الوقت الذى تقدم فيه السعودية دعما انمائيا اضافيا لليمن يبلغ حجمه 300 مليون دولار ويتم تمويله على مدى ثلاث سنوات من الصندوق السعودى للتنمية. واذا كانت هذه الكميات من السلع يتم تصديرها عبر المنافذ الشرعية فهناك نحو مائة ثغرة برية وبحرية لتهريب السلع الى السعودية ..وتزداد خطورة عمليات التهريب بين البلدين فى المناطق الجبلية الوعرة مثل منطقة / رازح / التى يتم منها تهريب قطعان الماشية والماعز والمخدرات بينما تخصصت بعض مناطق محافظة صعدة فى تهريب السلاح فى الوقت الذى يتم فيه تهريب النساء الافريقيات والاطفال والقات من مناطق محافظة حجة . واخيرا فان ما لاينكره منصف هو الاثر الايجابى لفتح نقاط العبور الرسمية على الحدود اليمنية السعودية من الناحيتين الامنية والاقتصادية ..ولكن فتحها دون رقابة حازمة على العاملين فيها قد يحولها الى مصدر رزق لذوى النفوس الضعيفة من العاملين فيها مقابل ادارة ظهورهم عند مرور السلع المهربة مما يفقدها الغرض الذى انشئت من اجله . وكالة انباء الشرق الاوسط