قالت صحيفة "الأخبار" المصرية أن خلافا حادا نشب الخميس الماضي داخل القصر الرئاسي بين نجلي الرئيس عقب تسجيل مبارك لخطابه. وتحدث علاء مبارك مع جمال بحده وغضب واتهمه بأنه السبب الرئيسي لما جرى في مصر من أحداث أجبرت والدهما على أن يظهر في تلك الصورة والنهاية التي لا تليق به. واشتد الخلاف بينهما وسمعها كل من في قصر الرئاسة حتى تدخلت بعض الشخصيات الكبرى في الدولة التي كانت حاضرة أثناء تسجيل الرئيس لخطابه. وبحسب وسائل الإعلام التي تناقلت الخبر عن صحيفة الأخبار المصرية قال علاء لشقيقه جمال: لقد أفسدت البلد عندما فتحت الطريق أمام أصحابك وهذه هي النتيجة بدلا من أن يتم تكريم أبيك في نهاية حياته ساعدت على تشويه صورته على هذا النحو. وكاد أن يحدث اشتباك بينهما بالأيدي، وقد زاد انفعال علاء بعد أن استمع لكلمة والده الى الشعب (أثناء تسجيلها) خاصة أن الرئيس مبارك كان قد أشار في تسجيله الأول (الذي لم يذع) أنه سوف ينقل سلطاته المدنية الى نائبه اللواء عمر سليمان وسلطاته العسكرية الى القوات المسلحة. وهذا ما كانت تعلمه الإدارة الأميركية لكن جرى اعادة تسجيل كلمة الرئيس ثانية. وقد اتضح ذلك للمشاهدين اذ ظهرت عملية مونتاج لكلمة الرئيس وكان السبب في ذلك أن مبارك كان قد سجل كلمته الأولى لكن جرى تعديل عليها وتغيير في مضمونها فظهرت عملية المونتاج. وظهر الخطاب الثالث للرئيس يحمل معنى مغايرا لما عرفته العواصم العالمية والتي نقلت لوسائل إعلامية كبرى خبرا عن تنحي الرئيس المصري الليلة لكن فوجئت تلك العواصم باختلاف ما جرى إذاعته على لسان الرئيس عن ما قد وصلها. ولعل ذلك جرى في اشارة الرئيس مبارك في كلمته الى رفضه للاملاءات الخارجية في اشارة منه الى تسريبات بعض أركان الإدارة الأميركية لوسائل الإعلام العالمية. وكانت القيادات الامنية السابقة قد نقلت صورة مغايرة عن ما كان يجري في ميادين الجمهورية يوم جمعة الغضب اذ ذكرت ان مظاهرات الشوارع تحت السيطرة وانها بضعة الاف. وأشارت بعض المصادر إن مبارك لم يدرك أن تنحيه عن الرئاسة هو الخيار الأفضل لإنقاذ البلاد من الفوضى التي تعصف بها منذ بدء الاحتجاجات يوم 25 يناير الماضي. وقال مصدر حكومي بارز: إن مبارك كان يفتقر للآلية السياسية التي يمكن أن تقدم له المشورة الصحيحة عما حدث في البلد. ولم يكن مبارك، ينظر أبعد من ما يبلغ به نجله جمال، ولذلك كان معزولا سياسيا، وكانت كل خطوة يتخذها محدودة جدًّا، وفي غير أوانها. أما الجيش فقد بدأ صبره ينفد بسبب فشل مبارك ونائبه المعين حديثا عمر سليمان في إنهاء الاحتجاجات التي خرجت عن السيطرة يومي الخميس والجمعة بعد أن اجتاحت المظاهرات والإضرابات والاعتصامات والاشتباكات بالأسلحة النارية جميع أنحاء البلاد تقريبا.وتحدثت المصادر عن نشوب معركة بين وزراء الحكومة بشأن حجم الخطر الذي يشكله المتظاهرون والمحاولات المقصودة من المساعدين المقربين من مبارك ومن نجله جمال في إخفاء حقيقة ما يحدث في الشوارع. وتشير هذه المصادر إلى أن الجيش بدأ يشعر بالقلق فور بدء الاحتجاجات، وتكشف أن الجيش هو الذي أقنع مبارك بتعيين سليمان نائبا له، وهو أول نائب له منذ توليه السلطة عام 1981، وكذلك تكليفه لإدارة المفاوضات مع جماعات المعارضة لإيجاد مخرج للأزمة.وبعد أن فشل سليمان في مهمته، لوح يوم الثلاثاء بالانقلاب بدلا من المفاوضات في حال عدم إحراز تقدم. وفي المقابل هدد قادة الاحتجاجات بعدم التفاوض إلا بعد رحيل مبارك. وبحلول يوم الخميس توقع الجميع، ومن بينهم الجيش، أن يعلن مبارك استقالته. وحتى الأمين العام للحزب الوطني الحاكم حسام بدراوي قابل مبارك الخميس الماضي، وأبلغ الصحافيين لاحقا أنه يتوقع أن يلبي مبارك مطالب الشعب ويتنحى. وبعد عدم إعلان مبارك التنحي، قدم بدراوي استقالته من الحزب احتجاجًا على ذلك، بحسب مصادر في الحزب. وفي خضم هذه التطورات عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعا بغياب رئيسه مبارك، وأصدر بيانا أقر فيه بالمطالب المشروعة للمحتجين، وسماه بيان رقم 1، وهو تعبير يفيد ضمنا في العالم العربي بحدوث انقلاب. وقالت المصادر إن خطاب مبارك يوم الخميس كان بمثابة محاولة يائسة أخيرة للتشبث بالسلطة بعد أن شجعه على ذلك مساعدوه المقربون، وعلى وجه الخصوص أفراد أسرته الذين يواجهون إشاعات بالفساد وإساءة استخدام السلطة وجني ثروات طائلة. وقال مصدر مطلع إن جمال نجل مبارك أعاد كتابة الخطاب عدة مرات قبل تسجيله، وتم بثه بعد ساعات من إعلان التلفزيون المصري أن مبارك سيلقي خطابا للأمة. ومن الواضح أن الخطاب الذي رفض فيه التنحي وفوض سلطاته لنائبه عمر سليمان قد أعد على عجل. وبحلول منتصف نهار الجمعة خرج ملايين المصريين إلى شوارع القاهرة والإسكندرية ومدن أخرى. كما ازداد عدد المعتصمين أمام بوابة القصر الرئاسي في القاهرة على بعد أمتار قليلة من دبابات الجيش. وبعد ساعات من ذلك أعلن سليمان تنحي مبارك بجملتين قصيرتين بثهما التلفزيون المصري، ولم يستغرقا أكثر من 49 ثانية، وهو إعلان غير تاريخ مصر للأبد.