المشهد اليمني يزداد تعقيدا بعد فشل المبادرة الخليجية وبروفة الحرب الأهلية كما يحلو للبعض وصفها ,ظهرت ثلاثة محاور متنوعة على الساحة اليمنية حرب محدودة النطاق بين قبيلة حاشد وقوات صالح,حرب قوات صالح على المعتصمين سلميا في ساحة الحرية تعز,والحرب على القاعدة في زنجبار. وبحسب ورقة تحليلية لريفا بالا -الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بمعهد ستراتفور الأميركي للدراسات الاستخباراتية- دخل المشهد اليمني مرحلة الجمود مع تحول الوضع إلى ساحات للقتال بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ونظيرتها الموالية للشيخ صادق الأحمر.
ووفقا لريفا بالا السعودية تبذل قصارى جهدها لمنع حدوث حرب أهلية شاملة وأشارت بالا إلى أن المهمة لا تبدو سهلة لأن أطراف الصراع دخلت في مجال الاقتتال القبلي وهي أزمة مرشحة للتصاعد ما لم يتم العثور على حل سياسي. وتتحدث الورقة التحليلية إلى صعوبة التعرف على حقيقة الأوضاع الميدانية في اليمن، مشيرة إلى أن قوات المعارضة الموالية للشيخ الأحمر أعلنت قبل يومين عن انشقاقات كبيرة في صفوف قوات النخبة الموالية للرئيس صالح والمقصود بها الحرس الجمهوري -التي يقودها أحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس- لكن الوقائع على الأرض أكدت عدم دقة الأرقام المعلن عنها، مما يعكس حقيقة بقاء الجزء الأكبر من هذه القوات في صف الرئيس. و تتوجه الأنظار إلى الرياض القلقة من تداعيات الأزمة اليمنية على حدودها الجنوبية في قراءة لهذه المعطيات وتطوراتها المستقبلية، تشير الباحثة بالا عن وجود مساع سعودية لمنع تطور الأحداث في اليمن إلى حرب أهلية تقوم على أساس قبلي لا أحد يستطيع التكهن بنتائجها.
المساعي السعودية انطلقت بالأساس بعد فشل المبادرة الخليجية لحل الأزمة التي دخلت الآن في مرحلة ما يعرف يمنيا باسم "العرف القبلي" والذي لا يبدو قويا لعدة أسباب أهمها وجود بعض الأطراف غير القابلة سواء للحل السياسي أو الحل القبلي. ولخصت بالا الوضع في اليمن الراهن في نقطتين أساسيتين أولاهما: المعارضة اعتبرت بالمبادرة الخليجية في حكم المنتهية، و الرئيس صالح لم يعد مقتنعا بالضمانات التي أعطيت له لتجنيبه وأسرته أي ملاحقات بعد تنحيه بعد أن أصبح العرف القبلي هو الحكم بين صالح والشيخ صادق الأحمر أو قبائل حاشد واقعا قائما لا يمكن تجاهله.
دخول العرف القبلي طرفا في النزاع السياسي أصبح عاملا مساعدا على تطويل الأزمة وتعقيدها كونه يمس نسيجا اجتماعيا وثقافيا متراكما عبر سنوات لا يمكن لوثيقة سياسية أن تلغيه أيا كانت ضماناتها. وبحسب بالا فأن الدولة بمفهومها المؤسساتي والرسمي تتعرض لحالة من التفكك والانهيار في أنحاء متفرقة من الجمهورية اليمنية, مع استمرار هذا الصراع الدامي الذي يسعى فيه الطرفان للسيطرة على العاصمة. ما حدث في زنجبار( كما تقول بالا) من سيطرة مسلحين ينتمون لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في الوقت الذي تصر المعارضة على أن النظام يحاول اللعب بورقة القاعدة لإقناع المجتمع الدولي بالتداعيات المحتملة لتنحيته من السلطة على جهود مكافحة الإرهاب . سجلت الدوائر الأمنية الخارجية تصاعدا كبيرا في نشاط مسلحي القاعدة في الجنوب. أي أن ماتفرزه الوقائع على الأرض في الجنوب اليمني لا تدعم هذه الاتهامات بشكل كبير.
أن الصدام المسلح الذي يهدد وجود الدولة ربما يدفع بجماعات أخرى لتصفية حسابات قديمة وتحقيق أهداف معلنة كما هو الحال مع جماعة الحوثي في الشمال وقوى الحراك الجنوبي المطالبة بفك الارتباط.