في بلد كاليمن بمكوناتة الثقافية والإجتماعية من الصعب بل من المستحيل صناعة صحافة مسئولة تعتمد المهنية وتلزم الحياد والموضوعية والمصداقية في الطرح والتناول وترتقي بالرسالة الإعلامية في ظل واقع يأبى التجديد ويرفض التطور ولا يقبل بأي صوت قادم إلا وفق شروط فكان الوضع الثقافي والسياسي العام لا يؤهل لقيام سلطة رابعة وصحافة تصنع الرأي العام لا تضلله وتعمل على تنويره لا الإمعان في تجهيله . وإن أستطعت تجاوز كل ذلك وشاءت الأقدار لمشروعك النجاح ووصلت به الى قمة التميز وصنعت مالم يستطع الآخرون صنعه فمن الصعب أن تحافظ على تربعك على عرش الصحافة ومن الصعب جداً أن تظل تنتهج خطاً محايداً وأن تمارس عملك الصحفي بأعلى درجات المهنية والصعب الأصعب أن تظل بعيداً عن التصنيف لهذا الحزب أو ذاك وفي اليمن بالتحديد من الصعب أن تبقى بعيداً عن الإرتهان أو التبعية خاصةً ان كان لك وسيلة إعلامية بحجم "الوسط" التي غايرت المألوف وتمردت على الواقع الإعلامي وجاءت برسالة تقول:ليس مستحيلاً قيام صحيفة مستقلة مهنية بكل ما تحملة المصطلحات من معنى . فقبل سبع سنوات كُنا على موعد مع ميلاد "الوسط" التي بدأت قوية فمثلت وقت صدورها الأول إضافة نوعية للصحافة اليمنية وكانت رقماً يشار اليه بالبنان ووصلت بفترة وجيزة الى أن أصبحت تزاحم الأرقام الأولى في الصحافة وحتى أن أخذت حقها من التربع على عرش الصحافة المهنية والمستقلة باليمن كون المشاريع الإعلامية حينها كانت تفتقر الى الكثير من المهنية وسرعان ما ينكشف عنها الستار لتتضح نوايا القائمين عليها والدوافع السياسية من وراء إصدارها وكانت الكثير من الإصدارت ليست إلا مجرد أرقاماً لم تشكل أي إضافة خاصةً مع غياب الصحف المستقلة التي تنتهج خطاً مغايراً بعيداً عن صراع القوى السياسية وخارج اللعبة ومع ميلاد الوسط التي لم تسلم من الإشاعات وحينها توقع الكثير أن الصحيفة الجديدة ليست إلا مجرد مشروع صحفي سرعان ما يكتب له الفشل مثلة مثل أي محاولة لصناعة إعلام موضوعي مهني وإحترافي بقدر ما تعنية الكلمة من معنى وأن المشروع الإعلامي الجديد مهما بدا براقاً ومهنياً وإحترافياً نهايته الإرتهان لفلان أو علان ولن يتمكن حينها جمال عامر من الإستمرار وحتماً سيصل الى طريق مسدود إن لم تتخلى الصحيفة عن نهجها الذي بدت معالمه تتضح مع صدور العدد الأول والثاني . مع كل ذلك واصلت الوسط طريقها بإحترافية عالية ومصداقية جعلتها تقترب الى الجميع وموضوعية وحياد جعلت منها صحيفة الجميع وشهد لها االكل إبتداءاً من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء مجور والكثير من المسئولين وبالطرف الآخر تظل الوسط لها مكانة وصلت اليها عبر رصيدها المتميز من الإبداع الإعلامي الذي طالما أفتقرت اليه الساحة الإعلامية في اليمن فكانت الوسط المثال الأفضل للصحافة المهنية ومثلت الوسط نقطة نجاح في مسيرة الصحافة اليمنية وأبعدتها عن الإنحراف الذي أمتهنه الكثير من الدخيلين على المهنة وأصلحت الإعوجاج الذي عمد اليه الكثير من المتسببين بتشوية الصحافة وتحويلها الى مجرد وسيلة للإسترزاق عبر الإبتزاز والفساد السياسي الذي ما زالت الكثير من الصحف تعانية لأنها أصلاً لا ترتقي الى مستوى صحيفة بل مجرد منشورات صفراء أنهارت سريعاً أمام الصحافة المسئولة . دعوني هُنا أشير الى سلسلة التحقيقات التي أجرتها وتجريها الصحيفة حول الفساد المالي والإدراي في العديد من المرافق العامة حتى وصلت الى المهرة وريمة وتنقل محرريها ومراسلوها من وزارة الى أخرى ومن محافظة الى أخرى وبذلوا الكثير من الجهد والوقت حتى أصبحت تقاريرهم وتحقيقاتهم مثار إعجاب الجميع وبعيداً عن المزايدة والعاطفة فلم يتأثروا بما تقوله المعارضة ولا بما تنفيه السلطة ولهذا كانت الوسط وهي تخط طريقها نحو التميز الإعلامي محل إجماع الجميع وأعتقد أن بُعدها عن البهرجة الإعلامية المفلسة وسياسة الإبتزاز والتمصلح من وراء الصحافة جعل الأخ الرائع جمال عامر ضيفاً على الأخ رئيس الجمهورية أكثر من مرة في مقابلات صحيفة مع فخامتة وحلت الوسط ضيفاً مشاغباً أحياناً على طاولات الكثير من الوزراء وضيفا غير موغوب به في أوقات أخرى فنقلت هموم المواطن بمصداقية عالية وطرحتها بشفافية على طاولة الأخ رئيس الوزراء الذي بدورة أثنى على دورها المتميز رغم ما تطرحة من قضايا وطنية وما تنشرة من قضايا فساد جعلتها الصحيفة الأولى التي دكت أوكار الفساد وهزت مضاجعه بالمعلومة الصحيحة المستندة الى بيان ودليل يُعتد به قانوناً وطرقت الكثير من الأبواب التي لم تطرق من قبل وبشكل مغاير تعاطت الصحيفة مع تلك القضايا دون تحيز فكما أتاحت للمواطن طرح تساؤلة ومظلمته كذلك أتاحت للمسئول المختص الإجابة وحق الرد . لم تُرق الصحيفة للكثير من الذين عبروا عن إنزعاجهم وهم يرون الصحيفة تواصل تألقها دون أية تغيير قد يجعلها تتنازل عن مكانتها التي وصلت اليها ومع كل ذلك فرضت الوسط نفسها كصحيفة لا يستهان بها فكانت صحيفة الأكاديميين ورجال النخبة والمثقفين والمواطن البسيط والطالب والعامل وبذلك كانت صحيفة الوطن وبقدر ما كانت الوسط تحافظ على مهنيتها العالية بقدر ما أبدع محرروها في تناول الكثير من القضايا المُعقدة والشائكة دون تحيز لأي طرف رغم أن مجرد تناول مثل تلك القضايا يعتبر تحيزاً بحد ذاته فكان الكثير على موعد صباح كل أربعاء مع التحليل والنقد البناء ومع الخبر الذي طالما تأكد ولم يتم نفيه ومع تعقيدات القضايا الوطنية وتأزمها وتشعبها كانت الوسط في تناولها المستفيض تحل أزمات وتضع النقاط على الحروف بلسان الوطن الذي يجمع كل أبنائة . ومع كل ذلك لم تكن الوسط بعيدة عن ما تشهدة الصحافة وحرية الكلمة من قمع وما يشهدة الهامش الديمقراطي من تراجع وبعيداً عن ماتعرض له الرائع والمتميز جمال عامر من إعتداء فقد تعرضت الصحيفة كمؤسسة للعديد من الإعتداءات كان آخرها إختراق موقع الصحيفة على شبكة الأنترنت أكثر من مرة ومع كل ذلك لا تزال الوسط في أوج عطائها وما زالت تحافظ على تميزها ونجاحها ومع دخولها عامها السابع تكون الوسط قد أكدت تفوقها في الميدان الصحفي اليمني وأرتقت بالرسالة الإعلامية ودور الصحافة الإيجابي في التنمية الثقافية وخلق وعي شعبي وتجاوزت كل التوقعات في مسيرة تستحق الإشادة آملين لها ولطاقمها المتميز النجاح الدائم وأتمنى من كل أعماق قلبي أن تحل علينا الوسط ضيفاً كل صباح وليس كل أربعاء .