على مرأى ومسمع من العالم كله تمارس الآلة العسكرية الاسرائيلية حرب ابادة وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لتصل في تصعيدها الوحشي الذي يشهده قطاع غزة منذ ثمانية أيام حدوداً غير مسبوقة مشاهدها المروعة تجعل من اسرائيل دولة ارهابية تتجاوز بشاعة اعمالها كل القوانين والاعراف الدولية انطلاقاً من شعورها المتعالي أن العقاب لن يطالها في ظل عجزٍ عربي فاضح ومجتمع دولي محكوم بقانون الغاب الذي جعل من دولة اسرائيل فوق كل تشريعاته وقيمه وقوانينه.. مستندة إلى ما تحظى به من دعم ورعاية امريكية لا محدودة عبر عنه يوم أمس الأول في مجلس الأمن بإتخاذ الولاياتالمتحدة حق الفيتو على مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة العربية في المنظمة الدولية لوقف العدوان الاسرائيلي وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وهذا الموقف الامريكي كان معروفاً مسبقاً وليس الاول ولن يكون الاخير، ليشكل هذا التحيز عاملاً رئيسياً للأوضاع المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط التي يظل إطفاء حرائقها غير ممكن ما لم يحدث هناك تغيير جوهري في السياسة الامريكية تكون أكثر انصافاً وحيادية في تعاطيها مع القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي، عبر اعادة الحياة إلى العملية السلمية باجبار اسرائيل وقف عدوانها على الشعب الفلسطيني الأعزل وتنفيذ خارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية بدلاً من الرد الاسرائيلي على الالتزام الفلسطيني العربي بالحل السلمي بتصعيد عدوانها ليأخذ في مساراته صوراً أكثر همجية ووحشية على ذلك النحو والتي مشاهدها البشعة بعنصريتها في صور انتشال القتلى من الاطفال الفلسطينيين الابرياء من بين ركام انقاض المنازل التي يدمرها يومياً جيش الاحتلال الاسرائيلي المدجج بأحدث اسلحة الموت الامريكية والتي يعربد بها في مدن ومخيمات وبلدات الضفة الغربية وقطاع غزة، وصرخات النساء والشيوخ الذين جعلهم الاحتلال الاسرائيلي بدون مأوى ومجردين من ابسط حقوق الحياة الانسانية. ولعل اختراق الرصاص الاسرائيلي لجسد طفلة فلسطينية عائدة من مدرستها بتلك الكثافة يكشف بوضوح المدى الذي وصل إليه عداء جنود الاحتلال وحقدهم العنصري على ابناء الشعب الفلسطيني دون تمييز بين طفل او امرأة أو شيخ مسن، فالجميع في نظرهم موضوع إبادة في ظل سبات عربي طال أمده أعطى مداً لا محدود لإيغال اسرائيل في سفك الدم الفلسطيني. ان اليمن بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح كانت وستبقى مواقفه تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة والعادلة ثابتة وواضحة تعكسها جهوده المستمرة التي ما فتئت تسعى إلى مواجهة ما يحيق بالشعب الفلسطيني من عدوان سافر بتضامن عربي نابع من رؤية مشتركة للترابط الوثيق بين ما يتعرض له ابناء فلسطين والتحديات التي تجابه الأمة اخطارها، جعلتها تعيش فترة تاريخية عصيبة وحرجة، الخروج منها يتطلب الوعي بما يجب عمله من خلال خطوات عملية جادة قادرة على تغيير السياسة الامريكية والدولية تجاه المنطقة. وفي هذا السياق تأتي دعوة الحكومة اليمنية مجلس الامن للعمل على وقف الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني واتخاذ قرارات تعيد للشرعية الدولية اعتبارها وتجبر اسرائيل على تنفيذها، اسوة بالمواقف الحازمة التي تتخذ تجاه دول اخرى، وحيث ان بعض تلك القرارات الصادرة عن مجلس الامن تكتسب صفة التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، وحتى الدول التي تستحق العقاب لا يمكن مقارنة ما يحدث فيها بما يرتكبه الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية من جرائم ابادة جماعية. وإزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ارهاب وتنكيل في ظل عدوان اسرائيلي متواصل خلق اوضاعاً مأساوية توجب من كافة العرب والمسلمين التضامن معه في ظل الظروف الصعبة ولو في الحدود الدنيا من خلال تقديم ما يعينه على مواجهتها.. ومن هذا المنطلق جاء قرار الحكومة اليمنية باستقطاع راتب يوم من كافة موظفي الدولة والقطاعين العام والمختلط والقطاع الخاص لشهر اكتوبر تقدم كدعم لأسر الضحايا والشهداء الفلسطينيين من جراء الارهاب الاسرائيلي، مناشدة في هذا الاتجاه الدول العربية والاسلامية وجميع قواها الخيرية الى اتخاذ مثل هذه الخطوة التضامنية الانسانية التي هي اقل ما يجب ان يقدم لاخواننا الفلسطينيين وهم يعيشون اهوال هذه الحرب العدوانية الاجرامية التي تشنها قوات الاحتلال الاسرائيلي. وختاماً لابد من الاشارة الى ان الاقدام على مثل هذا الشكل من التضامن العربي الاسلامي وفي مرحلة كهذه في دلالاته يحمل بعداً رمزياً من خلاله يريد ابناء اليمن ان يعبروا لاخوانهم في فلسطين عن مشاعرهم وهم يواجهون الاوضاع الصعبة الناجمة عن الاعمال الارهابية العدوانية اللا انسانية التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي، وانهم ليس وحدهم بل ان اليمن قيادةً وشعباً معهم في نضالهم المشروع العادل ودعم صمودهم في وجه العدوان والغطرسة الاسرائيلية ومن اجل استرداد حقوقهم المغتصبة وفي مقدمتها حقهم في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.