الانتخابات الرئاسية والمحلية بعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء يوم أمس نتائجها بتنافسيتها ونزاهتها وشفافيتها مثلت بكل المقاييس محطة هامة ونوعية في مسيرة التحولات الديمقراطية اليمنية وجسّدت إرادة الشعب، الواجب احترامها والتسليم بها من كل أطراف الشراكة السياسية في الساحة الوطنية بروح ديمقراطية تعبر عن جوهر معانيها ودلالاتها في حاضر اليمن ومستقبل أبنائه باعتبارها شكَّلت في مجمل معطياتها قاعدة انطلاق في مسيرة تطور بناء ونهوض اليمن الجديد سياسياً واقتصادياً وديمقراطياً وتنموياً.. ولا معنى في هذا لمزايدة البعض على نتائجها في البحث عن أسباب ذرائعية لا يعتد بها بالنظر إلى حجم الإنجاز الديمقراطي الذي صنعه اليمانيون الذين تفاعلوا معها في كل مراحلها لاسيما في عملية الاقتراع الذي عكس صورة لمدى الوعي الديمقراطي والسلوك الحضاري المتقدم.. قياساً إلى حداثة التجربة والذي كان مثار دهشة وإعجاب كل المشاركين في عملية الرقابة والتغطية الإعلامية لوسائل الإعلام العربية والأجنبية.. وعلى أولئك الذين يغلبون الرغبات الذاتية على المعطى الموضوعي، مكابرين عدم التسليم بنتائج الانتخابات الرئاسية والمحلية مداراة لما يعتقدونه فشلاً أن يستوعبوا دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في خطابه بمناسبة حلول الشهر الكريم رمضان المبارك إلى أبناء اليمن وشعوب الأمة العربية والإسلامية المتمثلة في التحلي بروح الديمقراطية وتحمل مسؤولياتهم الوطنية لما فيه خير ومصلحة اليمن الذي هو ملك لكل أبنائه والمسؤولية عنه تقع على عاتق الجميع وتجاوز قضية منتهية بالالتفات والتطلع إلى المستقبل الأفضل وتشمير السواعد للعمل على كل ما يعزز الوحدة الوطنية ويمتن الإخاء والمحبة والود بين كل أبناء الوطن الواحد والانخراط في جهود مجابهة ومواجهة تحديات التنمية وفي مقدمتها محاربة الفقر والبطالة ليكون بناء اليمن الجديد محصلة شراكة فاعلة بين كل أبنائه انطلاقاً من قاعدة التسامح التي رسخ مداميكها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح محققاً أعظم الإنجازات في تاريخ اليمن المعاصر، فكان فوزه في هذه الانتخابات استحقاقاً مستحقاً متوقعاً من كل الأحزاب والقوى السياسية وكل المتابعين والمهتمين بالشأن اليمني.. لذا كان الجانب الأهم في هذه الانتخابات هو التأصيل للديمقراطية باعتبارها خياراً وطنياً يستجيب لمتطلبات أبناء وطن الثاني والعشرين من مايو ويلبي تطلعاتهم المستقبلية والمضي قدماً صوب آفاق جديدة للنماء والازدهار.
وهنا لا بد من التأكيد على قضية إعادة استقراء المشهد الانتخابي من قبل البعض بوعي ينم عن رؤية ديمقراطية حقيقية متجردة من النوازع والأهواء الذاتية التي تعطي الاعتبارات الشخصية والحزبية أولوية على المصلحة الوطنية وإدراك أن إحترام إرادة الشعب التي عبر عنها في صناديق الاقتراع، توجه إيجابي يحسب لهم بدلاً من التلويح بأوراق جربوها في الماضي وترتب عليها تأثيرات سلبية بدأت نتائجها واضحة في هذه الانتخابات، مبينة الحجم الحقيقي لحضورهم النابع من قناعة أبناء شعبنا أنهم ليسوا في مستوى من النضج السياسي الديمقراطي لنيل ثقتهم أو الركون عليهم، لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ومتطلبات استحقاق المرحلة الجديدة وبالتالي تقديم الحلول العملية لصعوباتها ومشاكلها بل قد يزيدونها تعقيداً، وتعاطيهم مع نتائج الانتخابات وبالصورة التي هم عليها اليوم سوف يؤكد ذلك ويعزز قناعة الناس في هذا الاتجاه.. والمخرج الصحيح والصائب من هذه الحالة التي أوقعوا أنفسهم فيها هو العودة إلى فضيلة الحق والإقرار بصدقية وحقيقة نتائج الانتخابات والعودة إلى الشعب باعتباره المرجعية الأولى والأخيرة في عملية ديمقراطية من خلال إحترام إرادته.