تتجه انظار الفلسطينيين في الداخل والشتات ومعهم كل العرب والمسلمين الى لقاء مكة لنزع فتيل الاقتتال الداخلي الفلسطيني - الفلسطيني بين فتح وحماس يحدوهم الامل أن يخرج هذا اللقاء باتفاق يكون خاتمة المطاف للمواجهات الخاطئة والدامية بين أبناء الوطن والقضية الواحدة خاصة وأن طرفي الاقتتال تضحياتهما وتاريخهما النضالي تضعهما وهما يلتقيان في الارض المقدسة مكةالمكرمة يستلهمان من أجوائها الروحانية ضرورة وجوب الوقوف أمام جرم استمرار اراقة الدم الفلسطيني بأيدٍ توجه سلاحها الى صدور بعضهم البعض. في وقت كان يفترض أن يوجه هذا السلاح الى وقف العدوان الصهيوني في الاراضي المحتلة والذي يستهدف الجميع قتلاً وتدميراً واعتقالاً دون تفريق بين امرأة ورجل وطفل بين فصيل وفصيل بين فتحاوي وحمساوي وجهادي فجميعهم فلسطينيون وجميعهم موضوع للقتل والابادة والتشريد والحصار الذي يعتبر بحد ذاته عاملاً أدى الى حالة الاحتقان ومن ثم التصادم وكان على جميع الفلسطينيين إستيعاب الهدف منه وتحويله إلى عامل موحد لصفوفهم لفك طوق الحصار الظالم وتفويت الفرصة على قوى الشر والعدوان من النيل منهم بهذه الصورة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء والمحرمات والمحظورات الفلسطينية في ظروف واوضاع كان يفترض منهم ترسيخها وتعميقها وإكساب لحمتهم المزيد من التماسك والقوة في مواجهة التحديات التي يواجهونها شعباً وأرضاً ومقدسات بدلاً من صراع على سلطة لدولة لم تمتلك مقومات استحقاق الصراع عليها بين الفصيلين الكبيرين فتح وحماس والاستفادة من تجربة الانتخابات لتأكيد حقيقة أن الشعب الفلسطيني ديمقراطي وصاحب حق يقاتل احتلالاً غاشماً لنيله استقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفي هذا السياق فإن الصراع بين فتح وحماس لم يضاعف فقط أثر العدوان والحصار بل ووفر أيضاً الانشغال بالاقتتال الداخلي وهيأ ظروفاً لإقدام إسرائيل بعدوان جديد على المسجد الاقصى لطمس هويته الاسلامية وتهويده وهذا الحدث وحده كافٍ لفتح وحماس أن تخرجا من لقاء مكةالمكرمة بإتفاق ينهي الخلاف والصراع وسفك الدم الفلسطيني والعمل باتجاه توحيد الجهود وحشد الطاقات للدفاع عن الاقصى المبارك في وجه الاعتداءات الصهيونية المكررة فيه نابعة من الوعي العميق بأهميته الدينية القومية والاسلامية.. وإذا أخذنا العدوان بمضمونه ودلالاته الأوسع فإنه يستهدف طمس الهوية العربية الاسلامية والمسيحية لمدينة القدس ولقدسية كل الديانات السماوية وفي هذا كله فإن خط الدفاع الأول عنها كما كان يحصل دائماً هو الشعب الفلسطيني المدعوم بثقل أمته.. ولكن هذه المرة الوضع اسوأ إذ أن الخلافات والتشرذم والتمزق أوصل واقع الحال العربي والاسلامي الى التأثير سلباً على وحدة الشعب الفلسطيني الذي ظهر واضحاً في عدم قدرته على مواجهة ومنع العدوان على الحرم القدسي الشريف.. وهذا وحده كافٍ ليجعل قيادتي فتح وحماس أمام وضع لايسمح الا بخروجهما من لقاء مكة بنتائج ترقى الى ما هو اكبر من مجرد الاتفاق القابل للصمود والتنفيذ الى تصليب الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة الاخطار المحدقة بالقضية والشعب الفلسطيني.. معيدة المواجهة الى مسارها الحقيقي الذي وحده شكل القوة المراهن عليها بتحقيق الانتصار على جبهات المقاومة والسلام والدفاع عن الارض والانسان واذا ماعجزا عن التوصل لاتفاق فان عليهما ترك الساحة وإفساح المجال لقوى فلسطينية اخرى قادرة على تحسين مصلحة الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المشروعة وردع أي عدوان صهيوني على المقدسات.. لذا على المجتمعين في مكةالمكرمة أن يضعوا نصب اعينهم كل هذا ويستشعروا مسؤولياتهم التاريخية أمام شعبهم وكل أبناء الامة العربية والاسلامية الذين يحدوهم الامل بأن يكون حوار اللقاء ببيت الله الحرام بداية جديدة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً.