منذ سنتين اثنتين فبراير 2005م طالبت الأحزاب المعارِضة في اليمن بإجراء حوار مع السلطة، ولما وجه المؤتمر الشعبي العام التنظيم الحاكم الدعوة إلى الحوار في مارس 2005م، تقاعست أحزاب اللقاء المشترك المعارِضة لتصبح أحزاب (الفرار) المشترك من وجه الحوار. وفي الأسبوع الماضي، دعا دولة رئيس الوزراء د.علي مجور كافة الأحزاب السياسية إلى اجتماع يشرح فيه الأحداث الدائرة في صعدة، وهي قضية وطنية تستحق الحوار المسؤول، وحسب مصادر حكومية تأجل موعد الاجتماع بناءً على طلب أحزاب اللقاء المشترك، التي فرَّت من الاجتماع قبل بدئه بحجة (عدم جدية الحكومة)! وفي الأمس القريب دعا فخامة الوالد المشير علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في بيانه السياسي وخطابه الجماهيري بإب بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة عشر للوحدة اليمني، دعا الأحزاب إلى حوار وطني مسؤول، وجاء الجواب من أحزاب (الفرار) المشترك بأنهم قد سبقوا إلى الدعوة لذلك لما تقتضيه الأوضاع!. حسب أمين عام المؤتمر الشعبي العام دولة الأستاذ عبدالقادر باجمال، إن لغة الحوار مفقودة بسبب فترات الانقطاع ولغياب ثقافة الحوار أساساً، والمعارضة –الكلام لباجمال- تناقش قضايا وأوضاع خاصة، وتريد نقل مسائلها الداخلية -المحتاجة إلى حوار داخلي فيما بينهم أولاً- تريد فرضها على طاولة الحوار مع المؤتمر الشعبي العام. سبق ذلك كله: أحد قياديي المعارضة منذ 7 أشهر عندما سئل عن مصير الحوار مع المؤتمر فأجاب جواباً منطقياً "علام سنتحاور؟"! وعندما شكلت في مارس (آذار) الماضي لجنة ثلاثية مكونة: من د.ياسين سعيد نعمان أمين عام الاشتراكي، د.عبدالوهاب محمود أمين عام البعث، الشيخ سلطان البركاني (شفاه الله) مساعد أمين عام المؤتمر، لتحديد آليات الحوار ومواضيعه وجدوله، أخذت المعارضة بلسان أحد قيادييها تقترح المواضيع ذات الطابع الخاص!.. والغريب غياب البديهة عن ذهن وتفكير المعارضين المتصدرين للحوار، أو المطالبين به.. فرغم منطقية التساؤل: "علام سنتحاور"؟ تغيب البديهة عن إدراك المراد من إجراء أي حوار –بغض النظر عن موضوع الحوار- إذ يقول أحد المعارضين: المؤتمر يريد من الحوار أن يكون مدخلاً لموافقة الآخر على ما يريده! أليس بديهياً أن يكون الحوار مدخلاً لتوافق الجميع: الذات والآخر؟. أليس بديهياً أن تكون الموافقة المشتركة نتيجة لأي حوار يدار حال الاستمرار لا التعثر؟ ثم؛ ألا تريد المعارضة من المؤتمر أن يوافقها فيما تريد ويستجيب لما تطرح؟ وإلا فكيف يدار الحوار وإلى ما يهدف؟ كما من الطبيعي حدوث الاختلاف البسيط رغم توافق وجهات النظر حول أهم القضايا. لكنه أمر غير معقول، رغم إيجابية المبادرة وسلبية المعطيات، أن يذهب اللقاء المشترك بعد فراره من دعوات اجتماع يناقش فيه ما يدور في محافظة صعدة, يذهب إلى تشكيل لجنة لوقف الحرب في صعدة فيما مسؤولو المعارضة يقولون بعدم معرفتهم بشيء عما يدور هناك؟! وشكواهم دائمة من تهميش السلطة لهم في هذه الأحداث؟ فعلى أي أساس ستذهب اللجنة! يذكر أنه في بداية الأحداث عندما استضاف دولة رئيس مجلس الشورى الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني بمقر مجلس الشورى اجتماعاً لرئيس الأمن القومي الأستاذ علي الآنسي بالأحزاب السياسية بما فيهم أحزاب اللقاء المشترك تأجل الاجتماع لأن المشترك لم يحضر في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني حضر ممثلون عن اللقاء المشترك لا بصفتهم ممثلين للقاء وإنما أعضاء في مجلس الشورى.. ألا يستحق صفة (الفرار) المشترك؟! وتوالت تصريحات المعارضين يشكون جهلهم بالأحداث أو تجهيلهم، بسبب التعتيم غير المبرر، والتعتيم حقيقة لا يفيد حقاً ولا يخدم أبداً، لكن القضية بجوهرها واضحة لا لبس فيها، تمرد على الدولة وإثارة نعرات، ونقض لسلم اجتماعي. إلا أن موقف المعارضة اليمنية من الأحداث، ومن دعوات الحوار، وتحركهم الأخير في اعتقادي لا يدل على خيانة وطنية كما يذهب بعض المتشنجين في توصيفهم لموقف المعارضة، فالكل وطني، ولكل وطني طريقته، إلا أن موقفها إجمالاً يؤكد تشخيص أمين عام المؤتمر الأستاذ باجمال لهذه الأحزاب أنها تعيش حالة الهواية والمراهقة السياسية ولم تبلغ مرحلة الاحتراف بعد. ومعوّلٌ على هذه الأحزاب -في هذه الفترة- أن تطوِّر من أساليبها وطرق تعاطيها مع القضايا والأحداث الدائرة والدعوات الموجهة إليها لتؤكد على بلوغها النضج والرشد السياسي والاحتراف المطلوب. وكل وحدة والجميع قد تطور لا تدهور، واحترف لا انحرف. [email protected]