طوينا صفحة عام انقضى والحزن يخيم علينا برحيل فقيد اليمن الكبير الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر- رحمه الله- الذي برحيله يكون الوطن قد فقد قامة وطنية لها أدوارها وبصماتها في تاريخ اليمن المعاصر.. فأثر هذا الحزن على وهج التفاؤل باستقبالنا للعام الجديد 2008م المفعم بالآمال العراض والتطلعات الكبار المقترنة بمعطيات موضوعية مبشرة توجهاتها السياسية والاقتصادية.. الديمقراطية والتنموية خدمياً واستثمارياً بتحولات حيوية ايجابية يأتي في صدارة تعبيراتها اقرار مبادرة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح لاجراء التعديلات الدستورية، والتي بكل تأكيد سيكون لها اهمية كبرى في تطور نظامنا السياسي الديمقراطي المؤسسي.. محدثة نقلة ارتقائية الى مستويات جديدة في مسارات بناء الدولة اليمنية الموحدة الديمقراطية الحديثة. وبدون شك نحتاج لتحقيق هذه الآمال والتطلعات في العام الجديد 2008م الى استشعار المسؤولية العالية من كل ابناء اليمن على اختلاف فئاتهم وشرائحهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم تجاه حاضر ومستقبل وطنهم، متعاطين مع قضاياه بإدراك واعٍ يستوعب الراهن ويستشرف الآتي بروح متسامية تترفع عن صغائر الأمور وسفاسفها وتنظر بأفق أوسع لقضاياه ومصالحه، مبتعدة عن المصالح الحزبية والشخصية الانانية الضيقة المنغلقة في أطر ونطاقات ضيقة يحصرها في مدارات محدودة محور ارتكازها الرهان على الماضي في جانبه الأسوأ.. في حين أن المطلوب التطلع الى الغد من خلال مدى أبعد وأعمق يحيط بمتطلبات واستحقاقات البناء والتنمية والنهوض الوطني الشامل ليس في مضمون قضاياه الداخلية ولكن ايضاً في ارتباطاته وتأثيراته الخارجية التي تقتضي فهماً لأوضاع المحيط الاقليمي وماتعتمل فيه من أحداث هي الاخرى ترتبط بماهو أوسع- عربياً وشرق أوسطياً ودولياً- حتى يكون هناك فهم أعمق ونظرة تستوعب الحقائق كما هي وليس كمايريد أن يراها وتصورها النزوات والأهواء لدى البعض.. عندها فقط يستعاد الوعي بأهمية الوحدة الوطنية وتمتين عرى تماسك بنيان الداخل الذي سيؤدي الى تجاوز كافة الاشكالات ومواجهة التحديات والمخاطر والانتصار عليها والدفع بعجلة النماء والتقدم الى الامام بوتائر أسرع تحقق خير الوطن وابنائه جميعاً..هذا ماينبغي ان يكون.. ونحن متفائلون بتحقيقه في العام الميلادي الجديد 2008م ان شاء الله. لقد كان العام المنصرم 2007م عاماً عربياً صعباً، فالجراح النازفة في خواصر الأمة لم تندمل بل اتخذت في اكثر من بلد مسارات اكثر إيلاماً ومأساوية، وفلسطين النموذج المكثف في التعبير عن الوضع العربي الراهن، فالمعاناة من الحرب المستمرة التي يشنها جيش الاحتلال الاسرائيلي بمايمارسه من قتل يومي لأبناء هذا الشعب العربي دون تفريق بين مواطن أو مقاوم بين طفل وامرأة .. تنكيل متواصل وحصار جائر على الفلسطينيين أضف إليه هذا العام صراع فلسطيني- فلسطيني بين حركتي فتح وحماس تجاوز كل الخطوط الحمراء، منتهكين حرمة الدم الفلسطيني، نتيجته سقط عشرات القتلى والجرحى لتتوزع فتح وحماس على الضفة الغربية وغزة التي اشتد الحصار الجائر والظالم عليها تحت سيطرة حماس، في حين أن السلطة الوطنية نتيجة هذا الصراع تحاول البحث عن فرص ضائعة لسلام لن يتحقق والوضع الفلسطيني في حالته الخلافية الصراعية الدموية هو الضائع.. وعلى قيادة فتح وحماس ادراك ان الحوار المؤدي الى وحدة الشعب الفلسطيني هو وحده القادر على اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. فهل العام الجديد 2008م سيكون عام الحوار الفلسطيني-الفلسطيني الذي يعيد اللحمة لهذا الشعب المثقل بالآلام والمعاناة؟! وكذلك هو الوضع في العراق الذي فيه المذابح اليومية لابنائه أصبحت مشهداً يومياً في ظل الاحتلال.. فهل يتجاوزون صراعاتهم الطائفية والمذهبية والاثينية بالوحدة لانهاء الاحتلال وبناء عراق موحد ديمقراطي مستقل جديد لكل ابنائه؟!. وكذلك هو المشهد في لبنان الذي مازال الصراع في مستواه السياسي لكن بقاء الفراغ الرئاسي والتدخلات الخارجية تجعله مفتوحاً على كافة الاحتمالات، إلاَّ أن وعي ابنائه يجعلنا نتفاءل في مطلع العام الجديد ونرجح الحوار والحل لمصلحة لبنان واستقراره. عام انطوى بكل ماله وماعليه، وعام جديد اطل علينا يحمل معه مساحة أكبر من التفاؤل تحقق كل مانصبو اليه من الآمال والتطلعات والطموحات على طريق بناء مستقبل أفضل ينعم فيه ابناء اليمن بالازدهار والرفاهية.. كما نتمنى ان يكون عاماً تستطيع فيه الأمة العربية والاسلامية الانتصار على كافة التحديات والأخطار التي تجابهها شعوبها ودولها بالحوار والتضامن السياسي والتكامل الاقتصادي الذي يحقق العزة والتقدم والأمن والاستقرار..وكل عام والجميع بخير.