لم يكن العمل الإرهابي والإجرامي الذي استهدف يوم أمس فوجاً سياحياً من الأصدقاء البلجيكيين في منطقة الهجرين مديرية دوعن بمحافظة حضرموت سوى حلقة من حلقات الاستهداف التي تحيكها عناصر شريرة تجردت من كل القيم الدينية والأخلاقية والوطنية والإنسانية في محاولة من تلك العناصر الارهابية والظلامية والمتطرفة الثأر من المجتمع اليمني الذي سبق له وأن أسقط رهاناتها ومخططاتها التخريبية في مراحل سابقة، وتحت تأثير الفشل الذريع الذي مُنيت به هذه العناصر المتحجرة، والحاقدة فإنها التي ظلت تتحين -من آن إلى آخر- الفرصة للتعويض عن خيبتها وهزائمها المنكرة، بتصويب سهامها الغادرة في اتجاه الأفواج السياحية من ضيوف اليمن الذين يتدفقون عليها من أجل الاطلاع على حضارتها وخصائص تاريخها العريق والعادات والتقاليد الأصيلة لأبنائها الذين عرفوا على الدوام بالشهامة وإكرام الضيف والتحلي بروح التسامح مع الآخر، أياً كانت جنسيته أو ديانته. ولا يخفى على أحد أن تلك العناصر السيئة قد أرادت من خلال جريمتها البشعة واستهدافها لحياة السياح بمحافظة حضرموت ليس فقط الاضرار بالاقتصاد الوطني وإلحاق الأذى بالآلاف من المواطنين الذين فتحت أمامهم حركة التدفق السياحي أبواب الرزق لتأمين معيشة أسرهم.. وإنما أيضاً تشويه صورة اليمن والإساءة للقيم الأخلاقية والحضارية والسمات النبيلة لأبنائه، فضلاً عن التحريض على الدين الإسلامي واظهاره بصورة تخالف نهجه المعتدل الذي يحث على الخير والسلام والتسامح والوسطية. ومن المؤكد أن من يسعى إلى ممارسة أعمال القتل والتخريب والإرهاب والإضرار بمعيشة الناس والإفساد في الأرض هو أبعد ما يكون عن دين الله، ولا يمكن أن يكون مسلماً أو مؤمناً أو على ملة الإسلام أو يتمتع بأية مشاعر أو أحاسيس وطنية أوإنسانية أو أخلاقية أن طبيعة العمل الإرهابي الذي نفذته يوم أمس شرذمة من المجرمين في محافظة حضرموت والذي جاء متزامناً مع التحضيرات الجارية لمؤتمر الترويج والاستثمار السياحي في هذه المحافظة إنما يعكس تماماً على أن من خططوا لذلك الفعل القبيح قد ساءهم ما تشهده حضرموت من نمو وتطور وحركة نشطة في ميادين السياحة والاستثمار، فأرادوا بتلك الجريمة أن يفسدوا على هذه المحافظة وغيرها من محافظات الوطن ذلك المناخ الذي تتنامى في ظله مؤشرات الازدهار بمختلف مناحي الحياة. وستبقى مثل تلك الجريمة شاهدة على أن تلك الخفافيش الظلامية قد باعت نفسها للشيطان غير مستوعبة أنها بذلك الفعل تسيء إلى عظمة تاريخ شعب عريق يحترم ضيوفه ويحسن وفادتهم، الأمر الذي كان لابد أن يقابل بكل ذلك الاستنكار والاستهجان الشعبي لإدراك الجميع بأن من اقترفوا ذلك الجرم المدان شرعاً وقانوناً وأخلاقاً إنما يسعون إلى إعاقة خطوات اليمن التنموية والاقتصادية والنيل من أمنه واستقراره واستهداف مكانته الاقليمية والدولية والعربية، وقطع أرزاق مئات الآلاف من أبناء هذا البلد الذين حملوا راية الإسلام إلى أصقاع المعمورة، لأن هذه الشرذمة قد شذت عن القاعدة وصارت لا رابطة بينها وبين قيم وعادات وتقاليد وطن الحكمة وشعب الإيمان، فمن الواجب أن يتعاون جميع أبناء الوطن مع الأجهزة الأمنية والسلطات المختصة في التصدي لتلك العناصر المنحرفة وبما يؤدي إلى القبض على أفرادها وتسليمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع على ما اقترفوه من جرائم بحق وطنهم ومجتمعهم. وكما أن التعاون مطلوب على المستوى الوطني في مواجهة ظاهرة الإرهاب التي لا دين لها ولا وطن، فإن الحاجة ماسة وضرورية لتعزيز الجهود الإقليمية والدولية من أجل محاصرة هذا الوباء الخطير، الذي يتهدد جميع دول العالم -دون استثناء. حيث وأن في مصلحة الجميع قيام تعاون جماعي مشترك قادر على كبح جماح الظاهرة الإرهابية واستئصال شأفتها وتخليص المجتمعات الإنسانية من شرورها، وبورك شعبنا اليمني الذي ظل وسيبقى عنواناً للأمن والأمان.