ما زالت قضايا الطفولة تؤرق الجهات الرسمية والمنظمات المحلية والدولية، وفي الآونة الأخيرة احتلت مشكلة تهريب الأطفال موضع الصدارة في الهموم الوطنية اليمنية، إلاّ أنها لا تبدو كذلك في برامج القوى السياسية الوطنية المتسابقة على كسب ود الشارع الشعبي! هذه الأيام يدور جدل كبير حول قضية أخرى مرتبطة بحقوق الطفل، فالأحزاب السياسية بدلاً عن التفاعل مع الهموم الوطنية وتلبية نداء الحكومة والمنظمات في التعاون للقضاء على ظاهرة تهريب الأطفال وظاهرة عمالة الأطفال وغيرها، ابتكرت مشكلة جديدة تضيفها للأعباء الحكومية، وهي الاستغلال الحزبي للأطفال. قبل فترة وجيزة تداولت وسائل الإعلام المختلفة ملفات مصورة لأطفال يقوم اللقاء المشترك باستغلالهم في نشاطه الحزبي.. فبعض هؤلاء الأطفال يتم اخراجهم عنوة من المدارس، ويحرمون من فرص التعليم من أجل الزج بهم في المهرجانات السياسية للمشترك .. وهناك قسم آخر يجبرهم آباؤهم على المشاركة في المهرجانات السياسية، وفي كلا الحالتين يتعرضون للضرب المبرح من قبل آبائهم أو معلميهم إذا تخلفوا عن المشاركة في مهرجانات المشترك، طبقاً للشهادات التي نشرتها وسائل الإعلام. أمس كان هناك استغلال أبشع من قبل أحزاب المشترك للأطفال، إذ كشفت وسائل الإعلام عن استغلال أطفال صم وبكم من قبل تلك الأحزاب في مهرجاناتها السياسية. كان موضوع الطفل أركان أحمد العبسي الذي تم نشر صورته وهو يتوسط أحد مهرجانات المشترك في دمت مؤثراً للغاية .. فالطفل أركان أصم وأبكم، يعمل أبوه سائق دراجة نارية، أي أنهم أسرة كادحة لا رجاء منها في معالجة ابنها أو إدخاله إحدى مدارس الصم والبكم أسوة بأطفال كثيرين! لكن في الحزبية ليست هناك طفولة أو أمومة، فالكل يبحث عن جمهور يزايد به على الحزب الآخر، ولا يكترث لجائع أو محتاج أو مريض أو معاق، إلاّ أنهم مستعدون لتقبيل الأيادي أيام الانتخابات للفوز بصوت فلان أو علان من الناس. الطفل أركان لم يجد في اليمن قوة سياسية نزيهة مخلصة لشعبها ووفية بوعودها لتأخذ بيده، لكنه وجد أيادي المشترك تتسابق للإمساك بكفه واقتياده إلى مهرجانها السياسي رغم علمها أنه لا ينطق ولا يسمع .. فهؤلاء الناس لا يفكرون بشيء سوى مصالحهم الحزبية، وبحضور بشري يفاخرون بصوره أمام الآخرين كما لو أنهم يقنعون أنفسهم بأنهم أحزاب مرغوب بها وتحظى بشعبية عالية. الأمر المؤسف في الموضوع كله هو أن لدى اليمن مجلس أمومة وطفولة، ودوائر رعاية الطفل في عدة وزارات منها الثقافة والداخلية.. وهناك أيضاً برلمان الأطفال وعشرات المنظمات التي تتحدث باسم الأطفال أو باسم ذوي الاحتياجات الخاصة.. ومع هذا لم نسمع صوتاً لأحد يحتج على الاستغلال الحزبي للأطفال. والسؤال المثير للجدل هو: ماذا لو كانت هذه الصور منشورة في وسائل إعلام المعارضة وتتهم الحزب الحاكم بالاستغلال الحزبي للأطفال، ألن يتسابق الجميع للإدانة وتنظيم الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات الاحتجاجية؟ فيا ترى هل نوزع الأطفال حزبياً لتتحرك هذه الجهات!؟