{ .. تتجه الأنظار العربية اليوم نحو العاصمة السورية دمشق متطلعة لما ستخرج به اجتماعات هذه القمة من قرارات وما ستفضي إليه نتائجها من الحلول والمخارج للأزمات والمشكلات القائمة، سواء المرتبطة منها بالتداعيات الحاصلة في فلسطين والعراق ولبنان والصومال، أو ما يتصل منها بالتحديات والإشكاليات التي تواجه الأمن القومي وما ستنتهي إليه الاجتماعات من توافق حول الأولويات لدفع الأداء العربي المشترك نحو الأمام وتوطيد عُرى التضامن والتلاحم والثقة بين الأقطار الشقيقة وصولاً إلى وضع عربي سليم ومعافى من المثالب والهواجس التي طالما انعكست ظلالها ومؤثراتها السلبية على واقع العمل القومي برمته. - وبالطبع فما من أحد ينتظر من قمة دمشق أن تخرج بوصفةٍ سحرية لكل هذه القضايا، ولكن فإن المعول عليها أن تتقدم بالخطوات العربية في الاتجاه الذي يخدم مسارات التضامن والعمل الجماعي في مواجهة التحديات والمخاطر التي تموج بها منطقتنا في هذه المرحلة الحساسة والحرجة. - وما يُحسب لليمن وقيادتها السياسية الحكيمة هو حرصها على أن تأتي مشاركتها في قمة دمشق مشفوعة بجهدها الإيجابي الذي بذلته على صعيد احتواء الخلاف (الفلسطيني - الفلسطيني) والذي تمخض عن توقيع حركتي فتح وحماس على «إعلان صنعاء» والبنود السبعة التي تضمنتها المبادرة اليمنية ، وهي المبادرة التي لم تحتكرها اليمن لنفسها بل سعت لتحويلها إلى مبادرة عربية عن طريق طرحها على قمة دمشق بالتلازم مع مقترحات أخرى تتعلق بتعزيز التضامن وتحقيق التكامل بين الدول العربية .. ومن هذه المقترحات المقترح الخاص بعقد القمم القادمة في مقر جامعة الدول العربية ، ولا شك أن هذا المقترح قد حمل في طياته الآليات الملائمة التي من شأنها إزالة أية حساسيات أو خلافات قد تحدث بسبب مكان انعقاد القمة والدولة التي ستستضيفها. - واليمن بهذه المواقف والتحركات إنما تنطلق من ما يمليه عليها الواجب القومي والأخوي تجاه أشقائها وأمتها. - ولعل ذلك كان كافيا لجعل اليمن الحاضر الأبرز في (قمة دمشق) كما هو الحال في غيرها من القمم العربية السابقة ، بعد أن تعززت القناعة لدى الأشقاء بأن أي جهد تضطلع به بلادنا إنما يأتي تعبيرا صادقا عن مدى ارتباط اليمن وقيادتها السياسية بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح بقضايا الأمة وكذا وفائها بواجباتها ومسؤولياتها القومية. - وبالنظر إلى هذه الاعتبارات فإن الأمل يحدونا في أن تخرج (قمة دمشق) بقرارات بناءة تعزز من خطوات التضامن والتفاهم ووحدة الصف وأن تسهم في تمتين جسور الثقة بين الدول الشقيقة ورسم الخطوط العريضة التي يمكن التأسيس عليها لبناء واقع عربي جديد يقوم على الشراكة والتكامل والتعاون وتشابك المصالح واندماج القدرات العربية في تكتل واحد ينتقل بواقع الأمة إلى فضاء أرحب تتحقق فيه غايات شعوبنا في التطور والنماء والازدهار. - وتلك ليست بمعجزة إذا ما توفرت الإرادة وتوحدت المواقف وصدقت النوايا.