تواصل الخطوات اليمنية الخليجية تقدمها على طريق الإنجاز التاريخي للانتقال من الجيرة إلى الشراكة وإعادة بناء العلاقات وفق مبادئها الكفيلة بتأمين المستقبل الزاهر للمنطقة. وكان للانطلاق من محطة الاندماج الاقتصادي دوره المؤسس للمشروع الاستراتيجي المستقبلي المشترك والدافع لمواصلة المشوار حتى بلوغ غايته الحضارية وبتلك الصورة التي تتمثل متطلبات التكامل التنموي بجوانبه ومجالاته الشاملة والمبنية على قاعدة التوافق السياسي والاستقرار العام . وإلى الإرادة السياسية المشتركة المتوافرة على القناعة المدركة لضرورة وأهمية تقييم وتقويم سلبيات الماضي وفتح آفاق الإيجابية أمام العلاقات يعود الفضل الأول في استجلاء سبل التطور القادم في العلاقات اليمنية الخليجية. ويتكفل الاندماج الاقتصادي بإزالة الفواصل التي داخلتها في ما مضى في عملية أقرب إلى التحول التوحيدي الذي يصبح معه حتى الطابع الثنائي للعلاقات في خبر كان. وإذا كان تجاوز الأوضاع غير السوية وتحدي الطوارئ السلبية واحداً من أقوى دوافع التقارب اليمني الخليجي ففي ذلك ما يرسخ الثقة الكاملة والعامة باستحالة أن تتأثر مسيرتها بأية متغيرات غير مواتية وغير مرغوبة. وليست العوامل المحلية أو الخاصة وحدها التي تزود المستقبل المشترك لدول وشعوب المنطقة بضمانات الازدهار إذ أن في الظروف والمستجدات الإقليمية والدولية الكثير من المصادر التي تمدها بقوة التعزيز لحيوية واستدامة العملية الاندماجية. ونجد في التقلبات الاقتصادية الأخيرة والتي اتخذت الطابع السعري في ارتفاع موجاتها وتكاد مخاطرها تعصف بالعالم سبباً أو حافزاً لارتياد جوانب جديدة أوسع وأعمق في معطياتها الاستراتيجية على صعيد التعاون والتكامل. وينكشف معه المدى الزراعي للعمل المشترك في ترسيخ الأمن السيادي بتوظيف جزء مهم من التوجه الاستثماري لإنتاج المحاصيل والمواد الغذائية وتقليص الاعتماد الكبير للمنطقة على استيرادها والوصول بنسبته إلى أدنى الحدود إن لم يكن تحقيق قدر واف من الاكتفاء الذاتي وإبداع صورة جديدة للتناغم والتكامل بين الباطن النفطي والسطح الزراعي للأراضي اليمنية والخليجية. ولا تحتاج إلى إعادة تأكيد تلك الحقيقة الأزلية الشاهدة بأن كلا من اليمن والخليج يمثلان عمق الأمن القومي لبعضهما البعض، وبمدلولاته وقيمه الشاملة لمختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ووفقاً لمنطق ومقتضيات هذه الحقيقة فإن الاندماج اليمني الخليجي يمثل الخيار المصيري الذي لا رجعة عنه، مما يدفع بمسألة الحفاظ على الإنجازات المتحققة بصدده والعمل على استكمال مهامه ووقائعه إلى صدارة أولويات مسئوليات الجهد التنفيذي المتواصل لإجراءاته ووفق برامجه المرسومة ومراحله المحددة، وربما قبل ذلك، مشفوعاً بالإرادة المشتركة على تحقيق زمن قياسي في العملية الإنجازية. والصواب عينه أن يجري التقييم والتعامل مع أساليب إعاقة التعاون الاستثماري وتقديم صورة مشوهة ومقلقة عنه على أنه يستهدف المصالح الخليجية مثلما يطال تماماً المنجز الوحدوي اليمني. ومن الطبيعي تبعاً لذلك أن يكون الدفاع عن المكسب الخليجي والمصالح المشتركة واحداً من قضايا وأهداف التصدي للأعمال التخريبية والمظاهر الإرهابية.