تحتضن العاصمة صنعاء اليوم اجتماع مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات في دورته الاعتيادية الرابعة عشر، ومع بدء فعاليات هذا الاجتماع تتسلم اليمن رئاسة المجلس خلفا للجمهورية اللبنانية الشقيقة، وهو ما يجعلني باسم الجمهورية اليمنية مدينا بالشكر والتقدير للإخوة رئيس وأعضاء المجلس الذين منحونا هذه الفرصة بالموافقة خلال اجتماع بيروت العام الماضي على استضافة بلادنا لهذا الاجتماع. وإننا إذ نرحب ترحيبا عاليا بالإخوة والأخوات أصحاب المعالي الوزراء أو نوابهم رؤساء وأعضاء الوفود المشاركة القادمين لتمثيل البلدان العربية الشقيقة، وممثلي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمنظمات والاتحادات الدولية والعربية المعنية بمجال الاتصالات وتقنية المعلومات، لنتمنى لهم طيب الإقامة في يمن الحكمة والإيمان، على أمل أن يمثل هذا الاجتماع خطوة متقدمة في سبيل تحقيق الأهداف التي يسعى إليها المجلس. يمثل هذا الاجتماع حلقة إضافية في إطار العديد من الاجتماعات والحلقات المنتظمة والمتواصلة التي التزم بها مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات ، كما يعد تعبيرا عمليا لحقيقة التعاون العربي المستمر في مختلف المجالات المؤثرة في حياة مجتمعنا العربي الكبير. وتأتي الأهمية التي تكتسبها اجتماعات هذا المجلس تأتي من كوننا نعيش في وقت باتت فيه تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تمثل العامل الأكثر تأثيرا على المجتمع والتنمية البشرية ولاقتصادية والثقافية ، كل ذلك ليس بسبب تطور وتقدم هذا المجال بشكل متسارع ومذهل فحسب ؛ وإنما لأن الاتصالات والمعلومات اخترقت العديد من المجالات الحيوية بشكل أفقي حتى أصبحت اليوم تمثل العمود الفقري لتلك المجالات في بلدان العالم المتقدم كالأمن والتعليم والصحة والصناعة والزراعة والغذاء وغيرها من المجالات المصيرية في الحياة وفي خدمة المجتمعات. وانطلاقا من تلك الحقيقة فان وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في الجمهورية اليمنية، وبدعم كبير من قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ، كانت حريصة في إطار المجموعة العربية المتكاملة في مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات على بلورة واستيعاب كافة التوجهات والسياسات التي عكستها مقررات المجلس، حيث تبنت إستراتيجية وطنية شاملة للنهوض بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات منذ العام 2002 ، كما عملت في إطار الرؤية العربية الموحدة تجاه إعلان وخطط ومقررات القمة العالمية لمجتمع المعلومات (جنيف 2003- تونس 2005) وهو ما نتج عنه على الصعيد الوطني تحرير سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في بلادنا، وتخفيض رسوم خدمات ووسائل النفاذ إلى المعلومات، كما تبنينا برنامجا وطنيا طموحا لتحديث البنية التحتية، وتنمية القدرات البشرية تمهيدا لاستيعاب وتطبيق الخدمات الالكترونية على المستوى الحكومي أولا ثم على مستوى العلاقة بين الحكومة والموطن، وها نحن اليوم بصدد إجراء انجاز تشريعي نستهدف من خلاله تحديث وتطوير قانون الاتصالات اليمني بما يواكب مستجدات العصر ويلبي احتياجات المجتمع ومتطلبات التنمية، ويتملكنا الأمل الكبير بالمصادقة على هذا القانون من قبل مجلس النواب بعد استكمال مناقشته وإثرائه بالمعطيات والملاحظات المتميزة. وإذا كان اجتماعنا هذا في صنعاء ينعقد بعد سنوات حافلة بالعطاء والانجاز في تاريخ مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات منذ اللحظات الأولى لتأسيسه، وباعتبار بلادنا اليوم أصبحت رئيس مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات فان هذا يحملنا مسئولية كبيرة ، ويحتم علينا بذل المزيد من الجهود في سبيل نجاح وتحقيق أهداف هذا المجلس الذي نراه اليوم وبكل صدق " أداة للتكامل العربي ونافذتنا المستقبلية للاندماج في مجتمع المعلومات العالمي". وعلية فإننا بدعم ومساندة كل الأعضاء وبتفاعل مختلف الإطراف ذات العلاقة سنحاول جاهدين رفع مستوى وتيرة العمل، وبذل كل ما بوسعنا لاستكمال الخطوات الجادة والمهام القائمة التي بدأها المجلس خلال الفترات الماضية. فعلى صعيد قطاع البريد نتطلع إلى متابعة مشروع تحديد وتحديث الأهداف الإستراتيجية لقطاع البريد العربي ، ودعم فريق عمل تنمية البريد العربي باتجاه بلورة وإعداد الخطة الإستراتيجية لقطاع البريد العربي 2012 - 2016 وبما يسهم في تطوير وتنمية خدمات هذا القطاع من خلال ، طرق السبل والوسائل المتاحة والممكنة لتوطيد العلاقة وخلق التكامل بين تكنولوجيا المعلومات والخدمات البريدية التي يتطلع إليها المواطن العربي، وبما يمكن من الاستفادة من التجارب الناجحة عالميا وتوطينها على المستوى العربي، ودعم الجهود العربية المثمرة في هذا الجانب كمعيار لتحفيز القدرات والإدارات العربية وتشجيعها على الإبداع والابتكار في قطاع البريد العربي. كما سنحرص على تكثيف عمليات التنسيق بين إدارات البريد العربية وغيرها من الأجهزة والسلطات والمنافذ العربية الأخرى ذات العلاقة، وبما يخلق البيئة المناسبة لتحقيق شراكة فاعله تتقلص معها المعوقات التي تعترض العمل البريدي العربي. وكذلك هو الحال بالنسبة لقطاع الاتصالات الذي سنحرص فيه على متابعة ودعم واستمرار الجهود الطيبة التي بذلها المجلس من خلال فرق العمل العربية المتعددة التي أوكلت إليها العديد من المهام، سواء المرتبطة ببلورة الإستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات ، أو المتعلقة ببحث ودراسة ومناقشة القضايا الخاصة بالطيف الترددي أو التشغيل والتعرفة والاستفادة من نتائجها بشكل ايجابي في الواقع العملي، كما تتطلب المرحلة المقبلة وبدرجة أساسية التركيز على موضوع أسماء النطاقات وشئون الانترنت، وبما يدعم طموحات المشروع العربي في استخدام أسماء النطاقات باللغة العربية، وما سيترتب عليه من فوائد عدة على المستوى العربي ثقافيا وفكريا وتنمويا واقتصاديا على حد سواء. ومن ناحية أخرى فانه لا بد من الاهتمام بالإعداد والتحضير الدقيق لمختلف المؤتمرات والمنتديات والمحافل الإقليمية والعالمية التي يمكن أن نجد فيها فرصة لدعم التواجد العربي في إطار المنظمات والاتحادات الدولية المعنية بشئون الاتصالات والمعلومات والبريد ، وبما ينعكس بالعديد من الفوائد المنشودة لصالح الدول العربية التي تتطلب الأوضاع فيها جهدا كبيرا لتطوير وتنمية قطاع الاتصالات والمعلومات. وفي ذات السياق على الصعيد العربي سيستمر المجلس في تعزيز العلاقة بينه وبين توجهات القطاع الخاص والمنظمات والاتحادات العربية الغير حكومية، التي تسير وتتفق مع أهداف المجلس في إطار متناغم من التطلعات المشتركة في مجال تنمية قطاع الاتصالات والمعلومات العربي.