كل واحد منا يريد أن يتفوق.. يريد أن يكون أفضل الناس.. لكن المشكلة تبقى في الإجابة عن السؤال.. كيف؟ ومن غير المقعول الإجابة على هذا السؤال دون إدراك أن التفوق وتحقيق الأفضلية يعني النجاح وأن للنجاح شروطا وللتفوق مبادئ لا خلاف عليها في المجتمعات التي يكون التفوق فيها للأكثر عملا والأفضل إبداعا وإنجازا وليس لمن يجيد الألعاب البهلوانية ويقفز إلى أماكن الأفضل بوصولية قرد لا يهتم بتحطيم أي شيء ما دام سيصل إلى الثمرة. في حديث المشتغلين بالوقت وكيف نستثمره ما لا يضيف جديدا عندما يقولون بأن كل واحد على هذا الكوكب الناهض منه والمتخلف لا يملك إلا الدورة الزمنية المكونة من أربع وعشرين ساعة لا فرق بين بلدان وأخرى إلا من حيث حصتها من الليل والنهار. غير أن الفارق يبقى في استغلال الوقت.. الفارق في الكفاح.. الكفاح في التعليم والكفاح في اكتساب الخبرات والكفاح في الصبر على كون النجاح والفلاح محفوفا بالصبر على التعب وفعالية نزوع النفس إلى الراحة والكسل والترهل. على الصعيد الفردي والشخصي كيف يمكنني أن أنجم إذا لم يكن عندي هدف.. وكيف يمكن أن أصل إلى الهدف بدون خطة واقعية وكيف يكون عندي خطة إن لم أتمكن من الأسباب والأدوات وأهمها.. اكتساب المعرفة والتشبث بوسائل التنفيذ وأبرزها احترام الوقت وعدم إهداره على الطريقة اليمنية. ولطريقتنا في إهدار الوقت حكاية.. حكاية مثيرة لكنها مريرة.. حالمه أثناء القات بائسة وتراجيدية ما قبل تخزينه وما بعد القذف بعجينته إلى المتافل والطرقات ومغاسل لم يعمل الصانعون حسابا لوظيفتها الغريبة. هل يريد بعضكم إجابة على السؤال كيف تطور العالم من حولنا وتخلفنا..؟ ببساطة لأنه أشعل إرادة التحدي.. تحدي الوقت والفوز في السباق في الزمن.. والإيمان بالعلم والعمل كأساسين بارزين في خارطة شروط النجاح ومبادئ التفوق. هناك يسأل الواحد نفسه كيف أنجح إذا لم يكن عندي خطة وهنا يقول الواحد منا.. ما بدا بدينا عليه.. وهناك يقطعون الطريق نحو أهدافهم ولو ببطء ولكن عبر خطط مزمنة وواقعية غير مدفوعة.. بشحطات القات التي لا نعرف منها زمن الانطلاق ولا زمن الوصول. وهناك يتعاطون مع العمل بجدية ويتعاطون مع أيام الإجازات بذات الجدية بينما نحن نلعب في وقت العمل وننام صباحيات الإجازة. الوقت عندهم من ذهب وعندنا من «خلب» والوقت كالسيف بينما هو عندنا مجرد كائن غريب يستحق القتل حيث ساعات القات، في أحد ابرز أهدافها، لقتل الوقت. كم واحد منا يحمل مذكرة أو يسجل في خانة الملاحظات على هاتفه ماذا سيعمل اليوم وغدا وبعد شهر وبعد عام إن أطال الله في عمره.. وكم عدد الذين يسألون أنفسهم في نهاية اليوم ماذا عملت وماذا سأعمل غدا . وكما يفكر الأفراد هناك تفكر الحكومات ويفكر المعارضون وتفكر المؤسسات في أيام الرخاء وبعد الكوارث.. في هولندا انطلقوا من المكان الذي شهد آخر قذائف الحرب العالمية الثانية.. وفي اليابان رفعوا شعار اذهبوا إلى الغرب وتجاوزوا واحتفظوا بثقافتكم اليابانية.. في الصين حولوا التكتل البشري الرهيب إلى طاقات ذهنية وطاقات إنتاجية غزوا بها كل العالم، فإذا بالمصريين يشتكون اقتحام الصينيين والصينيات بيوت الصعيد بالمنتجات.. وإذا بالصيني نفسه ينافس الباعة المتجولين على أرزاقهم في باب اليمن وسوق دارس بأمانة العاصمة. وكنا نحلم بالتغيير عبر الأجيال الجديدة غير أننا نميل إلى القمع حيث نقضي أعواما في تعليم الطفل أن يتكلم وعندما ينطق أول العبارات نقول له.. أصمت..