استبشر اليمنيون خيراً عقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي "2014" بقرب نهاية الأزمة، خاصة وأن ذلك القرار جاء متوازناً ومعبراً عن قلق المجتمع الدولي إزاء ما يجري في اليمن. وقد تضاعف حجم هذا التفاؤل بحدوث مثل هذا الانفراج لما اتسم به قرار مجلس الأمن، من عقلانية تجلى أهم معانيها في دعوته السلطة والمعارضة وعنى بها أحزاب اللقاء المشترك إلى الاحتكام للحوار والاتفاق على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وبما يفضي إلى الانتقال السلمي والسلس والمنظم للسلطة. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أن القرار الأممي حرص على أن يسمي أطراف هذه الأزمة بمسمياتها فكما تحدث عن السلطة والمعارضة، تطرق أيضاً إلى المجاميع المسلحة، سواء تلك المنشقة عن المؤسسة العسكرية أو المجاميع القبلية ليلزم كلاً من هذه الأطراف بمسؤوليات وواجبات يتعين عليها الالتزام بها. ومع ذلك يبقى من الواضح أنه وبقدر الجدية التي تعاملت بها القيادة السياسية والحكومة مع هذا القرار الأممي، والتي عبرت عنها في الترحيب والاستعداد لمباشرة تنفيذ هذا القرار فوراً، نجد أنه وفي المقابل تعاطت الأطراف الأخرى مع القرار بأسلوب يغلب عليه الغموض والانتقائية والتفسيرات الضبابية التي لا يستشف منها أي موقف يمكن البناء عليه والتأكد من أن هذه الأطراف ستفي بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي أم أنها ستعمد إلى تكرار اسطوانة المناورة، التي عادة ما تلجأ إليها للتهرب من أي استحقاق. وأيّاً كانت وجهة نظر هذه الأطراف حول القرار الأممي، فإن ما يجب أن تفهمه أن أية مراوغة أو مناورة سترتد عليها، حيث وأن كل الأطراف الإقليمية والدولية ترفض أن يظل اليمن محتقناً بأزمته الراهنة لتأثيرات هذه الأزمة ليس فقط على أمنه واستقراره، وإنما على الأمن والاستقرار في المنطقة عموماً، التي ترتبط بها الكثير من مصالح العالم. ولن يكون من مصلحة أحزاب اللقاء المشترك والمجاميع المسلحة المتحالفة معها، أن تسبح عكس التيار، سيما وأن معظم الأطراف الإقليمية والدولية، صارت على وعي بأجندة هذه الأحزاب وحلفائها، وما تسعى إليه من وراء انقلابها على الشرعية الدستورية والديمقراطية، ولذلك فإن جميع الأطراف الإقليمية والدولية باتت مقتنعة بأن مهمة إنقاذ اليمن وإخراجه من الأزمة الراهنة لا تقع على الحكومة والحزب الحاكم، بل أن الجميع معني بمنع سقوط اليمن في مهاوي الفوضى والانفلات والعنف. ونعتقد أن أهم خطوة يتعين على الشركاء والفرقاء اتخاذها هي تناسي خلافاتهم وتبايناتهم، وطي صفحة الماضي والاتجاه نحو الجلوس على طاولة الحوار للاتفاق على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، والشروع في تطبيقها وفقاً لقرار مجلس الأمن، بعيداً عن الاستغراق في التفاصيل، وبعيداً عن تلك الحسابات الضيقة والرؤى القاصرة، وأساليب الالتواء والاعتساف والاستلاب والابتزاز. وعلى أحزاب اللقاء المشترك التجاوب مع دعوة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لمباشرة الحوار مع المؤتمر الشعبي العام، وحلفائه والتوصل إلى تسوية تقود إلى تنفيذ المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي، ولا ينبغي لأحزاب اللقاء المشترك إضاعة هذه الفرصة بالعنتريات والمواقف المغامرة والمتهورة وإذا ما أرادت أن يحترمها الآخرون فعليها احترام مصلحة الوطن وأمنه واستقراره، وأن تجعل من ذلك خياراً استراتيجياً وليس مجرد شعار يراد به المزايدة والمكايدة ودغدغة عواطف البسطاء وتضليل الرأي العام الداخلي والخارجي خاصة وأنه لم يعد هناك مجال كما قلنا للسباحة عكس التيار.