صحيح انه منذ توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تحقق الكثير من متطلبات اخراج اليمن من الأوضاع التي كان عليها ومازال يحاول تجاوزها، لكن هناك الكثير من العقبات والمعيقات الذاتية والموضوعية وتلك التي يفتعلها البعض اعتقاداً انه بإمكانه وقف حركة التغيير والانحراف بها عن مسارها الصحيح.. ليجد اليمنيون انفسهم في حالة مراوحة بين قديم متشبث ببقائه، وجديد يتطلع إليه الشعب..وفي وضع كهذا تزايدت فيه التحديات والمخاطر على حاضر ومستقبل اليمن، كان لابد من اتخاذ خطوات جريئة وشجاعة تعيد للشعب اليمني الثقة بأن التغيير يمضي في مساره الصحيح باتجاه آماله وطموحاته بقيام دولة النظام والقانون التي تكفل تصحيح أوضاع المؤسسات الوطنية واعادتها الى سياقها الطبيعي بعد ان ظلت مختطفة وممزقة لعدة عقود، وفي الطليعة مؤسسة القوات المسلحة والأمن التي جاءت القرارات الجمهورية الصادرة أمس لتعيد لها هيبتها وثقلها ومحوريتها. وبالتأكيد فان هذه القرارات التاريخية تأتي مترجمة للضرورات الدفاعية والأمنية للوطن ولحماية مصالحه العليا.. كما أنها تندرج ضمن موجبات وضرورات تهيئة المناخات الآمنة والمستقرة للدخول في حوار جدي مسؤول وصادق وشفاف يؤسس لبناء جديد للدولة اليمنية المدنية الحديثة، ووفقاً لصيغة توافق، اتفق عليها اليمنيون، تضع حداً لكل القضايا التي كانت سبباً فيما وصلنا إليه.. وهذا ما اقتضاه صدور هذه القرارات الحاسمة التي تؤدي الى توحيد القوات المسلحة والأمن والبدء في إعادة هيكلتها على أسس وطنية وعلمية وبما يحقق تحولاً وانتقالاً في تكويناتها وطبيعتها ومهامها وواجباتها ليكون ولاؤها فقط لله ثم لليمن والوطن والشعب وليس لفرد أو حزب، وهو الخيار الذي يؤيده ويدعمه اليمنيون بقوة ولن يسمحوا بسواه، فالعودة الى الماضي مستحيل، وعلى من يحلم بذلك مغادرة أوهامه، وفي ذلك مصلحة له ولليمن، لأن التاريخ لا يكرر نفسه، والعودة الى الخلف تتعارض مع قوانينه. أن مشاكل اليمن المتراكمة من المدى القريب أو البعيد لا يمكن حلّها إلاّ من خلال حوار وطني يُعقد بعد أن تكون قد سويّت أرضية نجاحه وأوجدت كل الضمانات لتنفيذ مخرجاته، وعلى نحو ينتقل بالوطن الى آفاق المستقبل الآمن المستقر المتطور المزدهر الخالي من الظلم والإرهاب والفساد والأقصاء والتهميش، بعيداً عن كل النزعات التي ارتبطت بكل مساوئ الماضي بنعراته القبلية والمناطقية والمذهبية وما ولدته من صراعات وحروب وفتن وأزمات يجب أن لا يكون لها مكان في حاضر اليمن ومستقبله. وفي هذا كله يعول اليمنيون كثيراً على أشقائهم في دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى أصدقائهم في المجتمع الدولي في الوقوف الى جانبهم حتى الخروج النهائي من دوامة أللاّ استقرار ومعيقات انجاز المبادرة الخليجية التي قبلوا بها باعتبارها تحقق لهم التغيير السلمي، ومازالوا واثقين ان رعاة المبادرة الخليجية والداعمين لها سوف يوفون بالتزاماتهم تجاه اليمن حتى تصل التسوية السياسية الى غاياتها في التغيير والتحول الذي به يستعيد اليمن عافيته ومكانته ودوره كعامل استقرار للمنطقة والعالم. ان اليمنيين وقيادتهم السياسية ممثلة بالأخ الرئيس عبدربه منصور هادي لم ولن يقبلوا الاّ بالمضي قدماً مهما كانت التحديات، ولن يقبلوا بان يظل المشهد الوطني في حالة ارتهان لأمزجة أطراف كانوا سبباً في مصائب اليمن وعثراته وأزماته وصراعاته وحروبه وفتنه، لهذا جاء صدور هذه القرارات التاريخية التي ستتبعها بالتأكيد قرارات أخرى تنهي هذا الاحتقان المعشعش قبل الدخول في الحوار الذي بدون ذلك لا تتوفر أية ضمانات لنجاحه، ولن يشعر المتحاورون أنهم يطرحون قضاياهم وتصورات ورؤى الحلول لها في أجواء سياسية وأمنية طبيعية. وفي ضوء هذا كله يبقى أن يلتف شعبنا بكل قواه الوطنية وشرائحه المجتمعية والفعاليات الحزبية الشعبية، حول قيادة الوطن ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي للمضي قدماً حتى يدخل اليمنيون عامهم الجديد ببشائر التغيير المنشود!