الغالب الأعم من الناس تجده يردد كلمة الحضارة الإنسانية باعتبار أن هذه الكلمة هي المجسد لكل فعل إنساني نبيل له أثر إيجابي في حياتنا عندما نقول :حضارة إنسانية يصبح الإنسان وحده هو المعني بها فحسب وبالتالي يبرز هنا سؤال استفهامي لربما يراود الجميع ويحاول الكثير البحث عن تفسير مكنون محتوياته والمتمثل ب"ما هي الحضارة الإنسانية وما هي سبل الوصول بأي مجتمع بشري إلى أن يكون مجتمع حضاري؟" إذ أن المجتمع الحضاري الناضج يمثل أهم غاية وأسمى هدف استراتيجي تسعى الدول والشعوب إلى تحقيقه منذ فجر التاريخ الإنساني على الأقل ألم نقل منذ وطأت قدم أبينا آدم وأمنا حواء على سطح كوكب الأرض وبالعودة إلى الإجابة على السؤال سالف الذكر فإنني أعتقد وببساطة أن مكونات الحضارة الإنسانية هي مجموعة قيم إنسانية نبيلة تبدأ بتطبيق النظرية العمرية للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار" إذ أنه لا يمكن لأي إنسان مصفداً بأغلال العبودية أن يكون مبدعاً أو مخترعاً لجديد حضاري مادي ومعنوي يعود بالفائدة على عموم مجتمعه المحيط به ومروراً بقيم الصدق والمحبة والسلام ومكارم الأخلاق والإيثار وتقد يس العلم والتعليم ووصولاً إلى تطبيق مبدأ "أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً "وعليه فإنني أراهن هنا بحياتي بأن استخدام مجموعة هذه القيم في سلوك أي مجتمع بشري وتطبيقها في قضاء كل أمور حياة أفراد هذا المجتمع أو ذلك التكتل البشري وفق هذه المفردات القيمية نستطيع ان نصنع بواسطتها المجتمعات الحضارية الإنسانية الناضجة في حال ترجمتها عملياً كسلوك في حياة المجتمعات الإنسانية ولا ريب أن ذلك يؤدي إلى تحول نوعي لكل أفراد هذه المجتمعات إلى أفراد منتجين ومبدعين ومخترعين لكل جديد مادي ومعنوي حضاري ومفيد وليس هذا فحسب بل إن بعض أفراد هذه المجتمعات ذات النضوج الحضاري استطاع أن يقدم براءة اختراعات مادية حضارية كان لها الفضل بتقدم وازدهار كل الحياة الإنسانية كما هي حال علماء البشرية كمخترع قنديل الكهرباء أديسون وغيره من هؤلاء ذو القامات العلمية العملاقة. فهل أدركنا وخصوصاً نحن في العالم الثالث والوطن العربي أن الإنسان هو أساس التنمية الشاملة وصانعها وإن الإنسان هو أهم ثروة على الإطلاق وأن التنمية البشرية وبناء الإنسان أهم وأغلى من بناء الأبراج العملاقة وهل أدرك حكامنا في الوطن العربي أن تقييد حرية شعوبهم هي معول هدم وتدمير للحضارة الإنسانية كما هي بذات الوقت معول هدم لعروشهم إذ أن أي شعب متخلف حضارياً لا بد وأن يثور على حاكمه عاجلاً أو آجلاً فمتى يفقه حكامنا العرب ويدركون هذه الحقيقة يا ترى؟! [email protected]