جابرنا عمر بن براقة قال .. وتوثقت بيني وبين شبل النار عرى الصداقة وبات لا يفارقني ولا أقدر على فراقه.. نتشاطر الأسفار والأسمار .. وفي ليلة من ليالي شهر آذار كنت وحدي أشاهد التلفاز وأقلب في الأقمار أتسلى عنه بأخبار الدنيا وشئونها وأسرح في أغوارها وأقطع ظهورها وبطونها .. لا يرويني معينها في غياب شبل النار ولا تروق لي فنونها .. لا أقر على باقة حتى أغير وانتقل إلى باقة حتى وقع عيني على ما أبهر نونها وشد أهدابها وجفونها وهو فلم عنوانه « ثلاثة يشتغلونها « .. فراقت لي حكايته واستمتعت بمشاهدته من بدايته.. إذ بشبل النار يصل على نهايته.. فقلت فاتتك الليلة « .. قصة ولا من ألف ليله وليلة « .. فقال شبل النار أوجز لي مضمونها .. فقلت .. فلم « ثلاثة يشتغلونها « فقال : نهايته !..من هي هذه التي يشتغلونها والثلاثة الذين يشاغلونها « .. قال عمر بن براقة: فتعمدت الاَّ أبلغه غايته حتى أبدأ بممازحته وأثير أعصابه فقلت : هذه أمك يا ليث الغابة .. شهرزاد التي شغلت العباد والبلاد .. فاتها القطار بعد موت أبيك شهريار ..فلزمت الدار ولم تعد تروي القصص والأشعار فخرج عليها الجمهور وثار .. وحين انقطعت عنها الأخبار .. غضبت الجماهير وجن جنونها .. وصار الهواة يقلدونها .. وينشرون حولها الأساطير ويحكونها .. فهم بذلك يا شبلي يشتغلونها .. قال شبل النار: وماذا عن الثلاثة يا صاحب اللسان النفاثة .. قلت : الأول فضولي والثاني وصولي والثالث طفيلي .. قال عمر بن براقة .. وأدركت أن الدعابة لم ترق لشبل النار .. وقد رمقني غاضبا .. وتنحى عني جانبا .. فضحكت وقلت له لا تغضب يا شبلي فإنما أحببت أثيرك بالدعابة وأنتصف منك لتركي وحيدا أعاني الرتابة .. فرد شبل النار غاضبا: دعك من هذه الابتسامة الكذابة .. لقد سألتك وأريد الإجابة .... فأجبته قائلا : اطمئن يا شبلي فليس ثم لشهرزاد بهذا الفلم علاقة .. فقال : يا بن براقة ما ثرثرت به ليس دعابة بل صفاقة.. أجبني من هي تلك التي يشتغلونها؟! ومن هم الثلاثة .. الفضولي والوصولي والطفيلي .. تكلم يا قبيلي: أريد الحقيقة لا دونها بلا كذب ولا لفاق.. قال عمرو معاتبا : حسبك يا شبلي بغير هنجمة وطقطاق عمربن براقة الهمداني إذا ضاق صدره ضاق وما كنت أحسبك تنعتني هذا النعت الذي لا يطاق .. وإليك حقيقة القصة وهذا فراق بيني وبينك يا عقعاق .. قصة الفلم « ثلاثة يشتغلونها « قصة واقعية وحقيقية ليست بتلفيق ولا اختلاق .. وأحداثها وقعت بالفعل في بلاد واق الواق وهي أرض خضراء واسعة النطاق .. ماؤها رقراق وترابها ترياق وجبالها أطواق سكانها طيبو الأعراق حكماء رقاق يتصفون بمكارم الأخلاق وأرضهم حاضرة الحواضر كثيرة الأسواق بلغت شهرتها منتهى الآفاق وذلك قبل أن يتطاول عليها رعاء الشاه والنياق .. وبلاد واق الواق تقع في شبه جزيرة الوقواق و يحدها من الشمال أرض الشقاق والنفاق ومن الجنوب إلى الشرق بحر الطرباق وخليج المقماق ومن الغرب بحر الغاق .. هذه هي البيئة التي وقعت فيها أحداث حكاية « ثلاثة يشتغلونها « وبطلتها هي السيدة دولة بنت أسعد الحميري .. أما أبطالها الثلاثة الذين اشتغلوها على الترتيب فهم الفضولي ميثاق أبو انتكة .. والوصولي وفاق بابكبكة.. والطفيلي أمريكوفوبا حك حكة.. أحداث الاشتغال بالتفصيل في المجابرة القادمة .