أصدر كل من ستيفن سايمون ودانيل بينجمان كتاباً حول العلاقات السعودية الأمريكية بعنوان «متهور في الرياض»، يكشف فيه مدى الضرر الذي أحاق بن سلمان المملكة به وما الذي تحمله السنوات المقبلة بالنسبة للسعودية، ومستعرضاً أيضاً لتاريخ العلاقات الأمريكية والسعودية ونشأة وتطور العلاقات بين البيت الأبيض وآل سعود، وتم اختيار الكتاب ليكون مبحثاً مفصلاً بصحيفة "نيويورك بوك ريفيو" البارزة والمختصة بعرض الكتب السياسية والثقافية الهامة، واستعرض الكتاب لما تسبب فيه بن سلمان من أضرار للسعودية، موضحاً أنه كان يُعتقد أن هناك ثلاثة عوامل أساسية للحفاظ على حكم آل سعود؛ التوزيع السخي لعائدات النفط كجزء من الصفقة الاستبدادية بين أفراد العائلة المالكة ورعاياهم، والتي قد توصف بأنها لا تفرض ضرائب؛ ودعم قوة خارجية، وفي حالة الولاياتالمتحدة، والتي ظلت منذ لقاء روزفلت مع ابن سعود؛ وآخرها التماسك الأسري، الذي كان يقوم على مدى قرن سابق من اتخاذ القرار بالتراضي من قبل كبار الأمراء. هدم تقاليد الحكم وفي حين أن تغييرات MBS لم تفعل الكثير لتغيير الاقتصاد السياسي للمملكة، على الرغم من إعادة تشكيله، إلى حد ما، من خلال ما يسمى برؤية 2030، كما أنه لم يقلل من أهمية دعم الولاياتالمتحدة، كما يتضح من استمرار مغازلة MBS لعائلة ترامب والإنفاق الفخم للرياض على شركات العلاقات العامة الأمريكية والجامعات ومراكز الأبحاث، والتي اختيرت في بعض الأحيان من خلال مساهمات سخية وتمويل كبير من قبل السعودية، ولكن ما اختلف هو التخلي عن الالتزام التاريخي بالتماسك والتوافق داخل العائلة المالكة، فحتى الآن، يبدو أن سرعة ووحشية استيلاء MBS على السلطة خلقت حركة معارضة قوية ومستمرة، وباتخاذ تلك العوامل، فعلى المدى الطويل، فإن افتقار بن سلمان للحكم، وتحديه للتقاليد، وحاشيته المقربة والضيقة من بضعة مستشارين قليلين يعزلوه عن رؤية الأفق السياسي الأوسع، وفقدانه لدعم النخبة السعودية، مع تنامي المعارضة الشعبية لسياسات بن سلمان، فكل تلك المؤشرات يمكنها أن تجعلنا نرى للمرة الأولى منذ عقود أن يترجم عدم الرضا عمن يتولى العرش السعودي إلى مقاومة فعالة بداخل المملكة. معاناة رؤية 2030 وتابع الكتاب أن إصلاحات ولي العهد الاقتصادية تعاني بصورة كبيرة من المخاوف المتزايدة حول الطريقة التي يحكم بها السعودية، وفي حين رؤية 2030 على الاعتقاد بأن المملكة العربية السعودية يجب أن تجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن تدفقات رأس المال انخفضت في عام 2017 وبدأت مؤخرا في التراجع، لقد توقف التقدم في تنويع الاقتصاد في أحسن الأحوال، ولم تظهر بعد الجهود الرامية إلى حث السعوديين على شغل وظائف العمال الأجانب؛ حيث غادر حوالي 1.5 مليون عامل أجنبي المملكة، ولكن رغم هذا فإن قادة المملكة واثقون من أن صناعة النفط ستظل مربحة لعقود قادمة؛ لكن انخفاض أسعار النفط يمكن أن يجعل من الصعب على السعوديين الاستمرار في سداد تكاليف المنافع الاجتماعية الشاملة، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة لتنويع الاقتصاد. كراهية أمريكية للسعودية أخطأ MBS الآن في احتضان الولاياتالمتحدة التي شكلت واحدة من أركان الحكم السعودي؛ حيث لم يحب الأمريكيون أبدا المملكة العربية السعودية، فإن استخدام النفط كسلاح في عام 1973، ومشاهد من عمليات الإعدام العلنية والتقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، والشكوك بأن الزعماء السعوديين كانوا متواطئين في هجمات 11 سبتمبر، ومزج الإسلام على نطاق واسع في شخص واحد وبمرجعية أقرب للتطرف، وكون السعودية ملكية مطلقة بصورة ديكتاتورية، قد جعلت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة غالوب على مدار سنوات عديدة أن غالبية المشاركين لديهم آراء غير إيجابية عن السعودية، ومع ذلك، فإن العلاقة بين جاريد كوشنر وMBS هي دليل على النفوذ الدائم للمملكة في واشنطن على الرغم من الاشمئزاز المتزايد ضد ولي العهد، وهذا يشبه العلاقة بين البيت الأبيض في عهد جورج بوش مع بندر بن سلطان، ابن وزير الدفاع السابق في المملكة العربية السعودية والسفير لدى الولاياتالمتحدة من عام 1983 إلى 2005؛ حيث تدفقت الأموال السعودية بصورة هائلة والتي أسيء فيها توزيع مقدرات الشعب السعودي، حيث كانت صورة بندر وبوش وديك تشيني وكوندوليزا رايس وهم يتسكعون على شرفة البيت الأبيض بعد فترة قصيرة من هجمات 11 سبتمبر توضح العلاقة الحميمة التي سادت بعد ذلك، والتي تسببت في نفور واستياء أغلب الشعب الأمريكي. تحالف ضار بواشنطن وأوضح الكتاب أن ارتباط كوشنر مع MBS يرجع للتقارب بينهما من حيث الدور في العائلة الحاكمة، والمصالح المالية المشتركة، ومفاهيمهم الذاتية كرجال مهمين، وفي السياسة، ينعكس هذا في تجاهل حقوق الإنسان، والرغبة في تقليص النفوذ الإيراني في جميع أنحاء المنطقة، ورؤية النظام الديني في طهران يقوض أو يتم استبداله، والدافع لإعادة صياغة السياسة في الشرق الأوسط ليس فقط بإذلال إيران ولكن بإنهاء عقدة العداء الإسرائيلي الفلسطيني، وتجسد علاقتهما أيضا الرأسمالية المحببة ذاتيا التي تبقي أنظمة الشرق الأوسط -وعلى نحو متزايد الولاياتالمتحدة- للوضع القائم على ما هو عليه، ولكن إحدى النتائج الكارثية هي تخريب المصالح الاستراتيجية الأمريكية من خلال الصفقات الثنائية التي تخدم المصالح المالية للنخب الحاكمة وحسب ولا تراعي المصالح الأمريكية الأكبر. مخاوف نووية وأشار الكتاب إلى أن الأمثلة على ذلك، وفقا للتحقيق الذي أجرته لجنة الرقابة والإصلاح التابعة لمجلس النواب، هو جهد سري مستمر لإدارة ترامب لتزويد المملكة العربية السعودية بالطاقة النووية، وهذا سيكون خطوة خطيرة للغاية، فقد تعهد MBS في مقابلة تلفزيونية العام الماضي بتأمين قدرة أسلحة نووية إذا كانت إيران ستفعل ذلك، فمن المؤكد أن القدرة السعودية ستستفز إيران للحصول على تقنيات الأسلحة النووية ذاتها، إذن فهناك قوتان نوويتان جديدتان وخصومات تفصل بينهما مائة ميل عن مياه الخليج الفارسي، فقد أثار إنشاء منشأة لإنتاج الصواريخ الباليستية في المملكة شكوكاً حول الأهداف النووية السعودية. غضب عارم وأوضح الكتاب أنه داخل الولاياتالمتحدة، لا يزال الغضب الشديد على مقتل خاشقجي مدوياً، مع توافر كم هائل من الأدلة الظرفية التي كانت مقنعة بما فيه الكفاية للكونجرس، ما أدى لموافقة مجلس الشيوخ على قرار لتحميل MBS المسؤولية المباشرة عن اغتيال خاشقجي، وإن السؤال حول كيفية معاقبة المملكة وتخلي الولاياتالمتحدة عنها لا يمكن الإجابة عليه بسهولة، فقد فرضت واشنطن بالفعل عقوبات على معظم الأفراد الذين حددهم السعوديون أو غيرهم على أنهم متورطون في مؤامرة قتل خاشقجي من خلال تجميد أصولهم ومنع الأمريكيين من التعامل معهم رغم أنها رفضت استهداف MBS، لكن هذا الموقف وحده غير مقنع تماما، كما أن الإدارة الأمريكية لم تعاقب الجنرال عسيري، المقرب من MBS والنائب السابق لرئيس المخابرات السعودية، وفي غضون ذلك، لم يثر الفزع في واشنطن أن يتراجع MBS عن سياساته القمعية، فلقد مارس مجتمع الاستخبارات الأمريكي مؤخرا "واجب تحذير" ثلاثة معارضين للنظام السعودي من أن حياتهم معرضة للخطر. موقف الكونغرس وأوضح الكتاب أن إنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن كان هدف تحالف من الحزبين في الكونجرس، وقد أدى عدم شعبية التحالف السعودي إلى الحد من عناصر مهمة من برنامج المساعدة الأمريكية في عام 2018، بما في ذلك تزويد الطائرات السعودية بالوقود الجوي، وفي وقت سابق من هذا العام، وافق الكونغرس على تشريع يطالب بوقف جميع هذه المساعدات، بما في ذلك معظم مبيعات الأسلحة واللوجستيات والدعم الاستخباراتي، وقد أعلن البيت الأبيض مؤخرا عن عزمه المضي قدماً بصفقة 8 مليارات دولار في مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن من خلال استخدام بند نادراً ما يستخدم في قانون مراقبة تصدير الأسلحة الذي يسمح للسلطة التنفيذية بتجاوز الكونغرس في حالات الطوارئ، وأثار هذا غضب المشرعين الذين تعهدوا بمنع المبيعات، بسبب استمرار الجدل الدائر حول عقد صفقة نووية سرية وإعدام سبعة وثلاثين سعوديا، معظمهم من الشيعة، بتهم تتعلق بالإرهاب، سيستمر الكونغرس في الاحتجاج ضد المملكة، وعلى الرغم من الدرجة غير المعتادة من الاتفاق بين الحزبين حول هذه القضية وتخلي السناتور ليندسي جراهام النادر عن ترامب بشأن مبيعات الأسلحة المتجددة للمملكة، فإن التغيير الحقيقي ربما سيكون بعدما تتغير إدارة ترامب بصورة كاملة وهو ما من شأنه أن يؤثر على الرياض بصورة مباشرة. وأكد الكتاب أن أي إدارة أمريكية جديدة تتبع توجهات الحزب الديمقراطي، ستذهب نحو إعادة تعريف العلاقات الأمريكية مع المملكة العربية السعودية، فإذا تم انتخاب رئيس ديمقراطي في عام 2020 وقرر رفع العقوبات عن إيران واستعادة التزام الولاياتالمتحدة بالاتفاق النووي، فإن ذلك سيكون له تأثير عميق على الرياض، فسيكون لرد فعلهم، وكذلك الحذر المحتمل من جانب إدارة جديدة، تأثير كبير على أي جهد لإعادة تشكيل العلاقة الأمريكية السعودية.