بسقوط الدولة الرسولية التي تعد من أهم وأفضل وأعظم الدول والممالك التي عرفت واشتهرت في تاريخ الينن بعد الإسلام، وتعتبر فترة حكمها الطويلة للبلاد من ازهى العصور والعهود بالنظر إلى ما حققته وانجزته كدولة محترمة في البلاد يسدل الستار على دولة عظيمة ومثالية بذلك الوصف والحال الذي كانت عليه، وتقوم على أنقاضها دولة أخرى لم تكن بمستواها وعظمة شأنها ألا وهي دولة بني طاهر، أو ما عرف بإسم الدولة الطاهرية. ووفقا لما ساقته إلينا كتب التاريخ من معلومات ذات صلة بما تقدم ذكره، فقد قامت دولة الطاهريين عام 1454م، وورثت الدولة الطاهرية هذه مناطق نفوذ الدولة الرسولية الزائلة. وكان الطاهريون قبل تأسيس دولتهم مشائخ محليين بمنطقة رداع بمحافظة البيضاء يتبعون بني رسول. وخلال الإثنا عشر سنة الأخيرة من حكم الرسوليين لليمن، استغل الظافر عامر بن عبد الوهاب بن طاهر النزاع بين أفراد الأسرة الحاكمة حتى سلم له الملك الرسولي المسعود أبو القاسم مقاليد السلطة سلميا عام 1454م رغم أن الطاهريين لم يكونوا بقوة سابقيهم إلا أنهم بنوا العديد من خزانات المياه والجسور والمدارس في زبيدوعدنورداع، وتعد المدرسة العامرية برداع من اشهر آثارهم والتي بناها الملك عامر بن عبد الوهاب الطاهري عام 1504م. وسميت هذه المدرسة بإسمه، وهي حاليا مرشحة لتكون من مواقع التراث العالمي . وذكرت بعض الروايات التاريخية إن الإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن أراد هدم المدرسة العامرية برداع لإعتقاده أنها من أثار كفار التأويل على حد وصفه.. كما قام الطاهريون بإعادة ترميم وتأهيل قلعة رداع التاريخية التي تقع وسط المدينة ويرجع تاريخ بنائها إلى عهد الملك الحميري شمر يهرعش سنة 243 ميلادي قبل الإسلام. وقد واجه الطاهريون خلال فترة حكمهم لليمن ثلاث مشاكل رئيسية شكلت تهديدا مباشرا لحكمهم ووجودهم، وتمثلت هذه الإشكاليات في ثلاث نقاط هي: 1- الخلافات الداخلية بين أفراد الأسرة على الحكم والنفوذ. 2- القبائل المتمردة التي كانوا يعتمدون عليها لجباية الضرائب. 3- التهديد المستمر من الأئمة الزيدية في صعدة وصنعاء، وبالرغم من ذلك فقد تمكن الطاهريون من فرض سيطرتهم على معظم أنحاء البلاد، فيما بقيت مناطق الزيدية في المرتفعات الشمالية عصية عليهم إذ هزم جيش الطاهريين أمام الإمام المطهر بن محمد عام 1458م مما يعني أن بني طاهر كانوا أضعف من احتواء الزيدية أو الدفاع عن أنفسهم من الغزاة الأجانب.وكان المماليك في مصر يريدون ضم اليمن إليهم، وقد أحتل البرتغاليون بقيادة الفونسو دي البوكيرك جزيرة سقطرىاليمنية عام 1513م، وشنوا عدة هجمات فاشلة على عدن صدها الطاهريون. وقد شكل البرتغاليون خطراً مباشراً لتجارة المحيط الهندي العابرة للبحر الأحمر فأرسل المماليك قوة بقيادة حسن الكردي لقتال البرتغاليين، في حين بدأ المماليك في تلك الفترة محادثات مع الطاهريين في زبيد ناقشوا خلالها معهم ما يحتاجه الجيش المملوكي من اموال وعتاد إلا ان الجيش المملوكي الذي كان ينفذ من المؤن بدأ بالتحرش بسكان تهامة وعوضا عن مواجهة البرتغاليين قرروا اسقاط الطاهريين واحتلال اليمن لإدراكهم ثراء نطاق نفوذ سلاطين بني طاهر واستخدموا البارود والمدافع، وتمكنت قوات المماليك بالتعاون مع قوات قبلية موالية للإمام الزيدي المتوكل يحيى شرف الدين من السيطرة على مناطق نفوذ الطاهريين عام 1517م ودحروهم من تعزورداع ولحج وأبين التي سقطت بيد المتوكل شرف الدين. ولكن لم يدم الإنتصار المملوكي طويلاً، فبعد شهر واحد من اسقاطهم الطاهريين احتلت الإمبراطورية العثمانية مصر وشنقت طومان باي آخر سلاطين المماليك في القاهرة، فتحالف السلطان الطاهري عامر بن داوود مع البرتغاليين فعزم العثمانيون السيطرة على اليمن لكسر الإحتكار البرتغالي لتجارة التوابل بالإضافة لقلقهم من سقوط اليمن بيد البرتغاليين وربما سقوط مكة بعدها . وفي ظل تطورات هذه الأحداث العاصفة باليمن وعموم المنطقة بقيت للطاهريين السيطرة على عدن جنوبي البلاد حتى عام 1539 م عندما سقطت بأيدي القوات العثمانية الغازية .