في الذكرى ال58 لعيد الاستقلال الوطني.. شعب الجنوب يرسخ حضوره ويجدد العهد نحو استعادة دولته    اختطاف طبيب في مدينة تعز    العثور على مسؤول أمني مقتولا داخل سيارته بعدن    رئيس الهيئة السياسية: دعم دولة الإمارات لشعبنا يعكس عمق العلاقات الأخوية    ممثلية المجلس الانتقالي الجنوبي في روسيا تقيم ندوة حوارية بمشاركة باحثين روس    هندسة التجويع.. كيف يعمل الحوثيون على استنزاف رأس المال الوطني سعيًا لإفلاسه؟    الذهب يستقر قرب قمة أسبوعين.. والأنظار تتجه لتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    في وداع مهندس التدبّر    الشيخ المقرمي.. وداعا    الإخوان يبدأون سحب أرصدتهم في أمريكا قبل قرار ترامب المرتقب بتصنيفهم تنظيماً إرهابياً    "أرض الصومال"... صعود كيان بلا اعتراف في قلب تنافس دولي    القطاع النفطي الأهم رقم 5 بشبوة أكل تفاح عليمي    صحيفة غربية: الطائرات المسيرة اليمنية قادرة على اختراق المنظومات الدفاعية الجوية المتطورة    منافسات مثيرة في النصف النهائي لبطولة كأس الشهداء لتنس الميدان    موجة برد جديدة متوقعة يرافقها انخفاض في الرطوبة    إطلاق نار يغلق البيت الأبيض ويوقف حركة الطيران في واشنطن    عودة 48 صياداً إلى الخوبة اختطفوا وعُذّبوا في إريتريا    دوري الأبطال.. أرسنال يجتاز البايرن وسان جيرمان والريال يستعيدان التوازن    ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا بعد سوبر هاتريك مبابي مباراة ريال مدريد وأولمبياكوس    الجنوب العربي والطارئون على السياسة بعد 1967    بن حبريش يكرر خطيئة إخوان شبوة ويقود تمرداً مسلحاً يعيد حضرموت إلى مربع الفوضى    الإصلاح يعلن وقوفه مع بن حبريش لتأديب الإمارات    الاغذية العالمي يستبعد قرابة مليوني يمني من سجلات المساعدات الغذائية    هزة أرضية في محافظة ذمار    تقرير أممي: انخفاض ملحوظ لواردات الوقود والغذاء عبر موانئ الحديدة    قراءة تحليلية لنص" بعد الخطوبة وقبل القران" ل"أحمد سيف حاشد"    سعد لمجرد يمثل أمام القضاء الفرنسي مجددا بتهمة "الاغتصاب المشدد"    ألمانيا تُعلّق على قرارات الاعدام التي أصدرتها سلطات صنعاء بحق 17 مواطنًا    دوري ابطال اوروبا: ارسنال يطيح بالبايرن ويخطف منه الصدارة    قائد المنتخب اليمني يعتذر للجماهير بعد خسارة مؤلمة بركلات الترجيح أمام جزر القمر    الصحفي الكبير والمناضل القدير محمد قاسم نعمان    صنعاء.. مقتل مواطنين بانفجار عبوة ناسفة بمديرية نهم    قراءة في تقدير مركز استخبارات أمريكي لاحتمال تجدد المواجهة بين اليمن والكيان الصهيوني    مسام يُتلف 7175 لغماً وذخيرة حوثية في وادي دوفس بأبين    عاشق الحياة وصديق الموت    تقرير اقتصادي: اليمن ثالث دولة تعتمد في اقتصادها على تحويلات المغتربين    صعدة : الإفراج عن 140 سجينا تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    تقرير خاص : "المؤتمر الوطني الأول للطاقة .. منصة تحول وطني لتعافي القطاع وبناء مستقبل مستدام"    معرض وبازار للمنتجات التراثية للأسر المنتجة في صنعاء    مخيم طبي خيري مجاني للأطفال في مستشفى الكويت الجامعي بصنعاء    الصمود الصعيد والشاطئ بير علي يقهران منافسيهما شباب مرخة والنهضة خورة ويخطفان بطاقتي التأهل في أولمبياد شبوة الأول للكرة الطائرة    منتخب الناشئين يفوز على كمبوديا بثلاثية نظيفة في تصفيات آسيا    تكريم الفائزين في مسابقة البحوث العلمية حول سرطان الثدي بكلية المجتمع بسيئون ..    اشغال مأرب يدشن حملة لإزالة المخالفات من أرصفة شوارع عاصمة المحافظة    رحيل مفجع للداعية البارز محمد المقري في مكة المكرمة    صنعاء تستعد لانطلاق مهرجان المقالح الشعري    الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الدماغ    الرياضة في الأربعينات: سلاحك ضد الزهايمر    تشيلسي يسقط برشلونة بثلاثية    قراءة تحليلية لنص "خطوبة" ل"أحمد سيف حاشد"    أزمة أخلاق!    تدشين فعاليات إحياء ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء بالامانة    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    حين يتحوّل فستان إعلامية إلى معركة هوية في وطنٍ تُنهكه المآسي !!    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال الزمن الثوري والزمن الحضاري:ما الذي يحدث في المنطقة العربية؟
نشر في 26 سبتمبر يوم 04 - 07 - 2021

سؤال لابد أن يحفر في الذاكرة, وهو يبحث عن إجابة منذ اندلعت ثورات الربيع العربي, وثمة ما يماثله من علامات الاستفهام.
هل الثورات حققت للشعوب ما كانت تنشده من أمن وحرية وعدل ورخاء؟
هل الشعوب هي من يتحكم في المسار الثوري, ومسار الأحداث؟
الى أين تتجه سفن المنطقة؟
أصبح الواقع مسؤولاً عن هذه الأسئلة وعن الإجابة عليها, وهو في كل تفاصيله يتحدث عن انحراف في المسارات العامة الثقافية, والاجتماعية, والسياسية, ويتحدث عن غبن الشعوب, وعن استغفالها, فهي خارج سياق الاحداث وفي السياق هي الوقود للحدث, دون أن تصل الى غاية, أو تبلغ هدفا,وكل حركة الواقع من حولنا تتحدث عن حركة مضطربة في اليمن, وفي ليبيا, وفي سوريا, وفي العراق, ومعاناة في مصر, وقلق في تونس, ومسار الأحداث يتجه الى السيطرة على طرق الملاحة, فالقواعد الأمريكية تحط رحالها في البحر الأحمر والبحر العربي, وتسيطر على الجزر ذات الأهمية الإستراتيجية, وتم انتزاع جزيرة صنافير وجزيرة تيران من السلطة المصرية,والسيطرة على جزيرة ميون وسقطرى, وحنيش الصغرى وحنيش الكبرى, واكتمل المشهد بإحكام السيطرة على خط الملاحة البحري في البحر الأحمر والعربي, ويبدو في المشهد الظاهر أمريكا وأدواتها من العرب, لكن كل هذا المهاد العسكري تديره المؤسسة اليهودية التي تحلم بالدولة الموعودة الممتدة من النيل الى الفرات.
الصراع الاقليمي الذي نلحظ كل يوم تفاصيله بين السعودية وايران في النشاط العسكري والسياسي, هو في جوهره صراع على الدولة الاقليمية ومركز الدولة الاقليمية لكن الصورة الباطنة هذا الصراع هو بين اسرائيل وايران في التنافس وليس بين السعودية وايران كما يبدو في ظاهره, فحركة التبدلات تقول أن السعودية التي تمعن في العداوات لدول الطوق المحيطة بها, لن تكون هي الدولة القادرة على التنافس على مركز الدولة الإقليمية, لعدم قدرتها على التأثير في المسارات بحكم نمو المشاعر السلبية نحوها,عند شعوب دول الطوق الجغرافي, بالإضافة الى حالة التوحش التي بدت عليها في حربها على اليمن, وغضب الكثير من الفرق والجماعات الدينية منها, وبذلك فهي تزرع لغيرها, وتمهد لفنائها من حيث تظن أنها تحسن صنعا, فحالة الانتقال في نظام الحكم السعودي من الأسرية والعشائرية, الى الجماهيرية بالتركيز على الجيل الجديد محكوم عليها بالفشل, فالمستبد الذي يحاول أن يكون شعوبيا في الغالب يكون مصيره الفشل ويفقد سلطته, فالمملكة منذ التأسيس تقوم على حالة تناقض وهذا التناقض في التركيب كانت تنظم عقده المؤسسة الدينية, فالتحول من العصبية العشائرية الى العصبية الدينية كان سببا في استقرار المملكة طوال كل العقود التي مضت, واعلان الخروج على سلطة المؤسسة الدينية والحد من دورها وفاعليتها بالانتقال الى الشعوبية, يفسح المجال لعودة العصبيات العشائرية, وخاصة بعد حركة التوقيف والاعتقالات, واعلان الاصلاحات الاقتصادية,وتحرير الحياة الاجتماعية, واعتماد سياسة خارجية جديدة في المواجهة, والقيام بتغيير الرؤية الاسلامية في البلاد, وتحجيم دور رجال الدين, وتغيير منظومة الحكم التقليدية, بروح المستبد الذي يريد تجميع خيوط اللعبة السياسية بيده فيفقد كل شيء بعد ذلك.
تلك المؤشرات تدل على استحالة بقاء المملكة كدولة موحدة وقوية, بل تدل على مؤشرات التفكك والضعف والتلاشي, ومن هنا يصبح الحديث عن مركزية السعودية ضربا من العبث الذي لا طائل منه, فتفكيك الدول على أسس عرقية وطائفية وثقافية سيجعل من اسرائيل هي الدولة التي تنافس ايران على موقع الدولة الاقليمية وليس السعودية التي تذهب اليوم الى فناء مؤجل بسبب غباء قادتها.
فالسعودية كما تبدو ليست أكثر من أداة او آلة تعمل لغيرها فجزيرتا صنافير وتيران لا مصلحة للسعودية فيهما، ولكن لإسرائيل مصلحة إستراتيجية كبرى فيهما, وإقلاق أمن لبنان ومناصبة حزب الله العداء لا مصلحة مباشرة للسعودية في ذلك بل مصلحة مباشرة لإسرائيل, والاستغراق في استهداف اليمن أرضا وإنسانا ودولة لا مصلحة للسعودية بل لحركة الهيمنة على المنافذ لإسرائيل, وأمام حركة التبدلات التي تجري على قدم وساق في المنطقة يجدر بنا الوقوف أمام الظاهرة ليس باعتبارها ثباتاً لا يمكن تحويله, بل باعتبار ما يحدث حركة تاريخية تحولية, لابد من التحكم بمسارها حتى نحقق المصالح المرسلة لشعوبنا, فتفكيك السعودية وتحويلها الى ثلاث دول, أثره على نهضة اليمن أثر إيجابي, بالقياس على الحال الذي كنا عليه, وبالقياس يمكن التفاعل مع حركة التبدل التي سوف تحدث بوعي المصلحة المرسلة لا بوعي المؤامرة, فعمر الدول لا يتجاوز مئة عام ماعدا الدول التاريخية كمصر واليمن وسوريا.
في الواقع العربي اليوم تحول كبير, والذين يديرون العملية السياسية على المستوى الدولي يضعون حركة التحول العربي نصب أعينهم وقد سبق لهم التمهيد لهذا التحول من خلال تشويه البنية الفكرية والعقائدية العربية, وظل الاشتغال على التوجه لسنوات طوال.
والمعادلة الأصعب هي حين يصبح التفاعل مع حركة المستوى الحضاري بوعي المؤامرة لا بوعي التأثير في مسار السياسة الدولية حتى يكون العرب قوة لها تقديرها ولها حسابات في الوعي الجمعي الدولي.
فالصراع تجاوز البعد الاقتصادي ليكون مرتكزة البعد الثقافي والحضاري, فقضية ايران مع الغرب قضية ثقافية وحضارية, وصراعها صراع تفوق حضاري مع اسرائيل, فالغرب يرفض شكلا أن تكون ايران دولة نووية، ولكنه يغض الطرف عن نووية اسرائيل, ولذلك فالصراع في اليمن لا يعني ايران ولكنه يشكل ورقة ضاغطة لحسابات سياسية لها, وكذلك الوضع في سوريا فهو يشكل حالة توازن سياسي لإيران مع إسرائيل, وبالمثل فالعراق يشكل حالة توازن للغرب واسرائيل مع ايران واليمن تشكل حالة توازن ثانوية لإيران مع السعودية التي تقدم نفسها كحليف للغرب ويشتغل على البعد الثقافي لاستغلال أموال السعودية في إدارة الصراع.
مؤشرات التحول الثقافي في السعودية بدأت منذ مطلع العام 2018م وربما بدأت بعد وصول ابن سلمان الى ولاية العهد، وهذا التحول يشكل الضامن الحقيقي لاستمرار تدفق المصالح بين الغرب والسعودية ويحد من ظواهر التطرف مع تماهي مشايخ الوهابية في مشروع المرحلة.
وأمام تلك الصورة يتطلب الواقع وعيا حضارياً وثقافياً وتفاعلاً مؤثراً في مسار المرحلة وهي مرحلة خطرة تشهد تحولاً كبيراً وعميقاً ولابد من مقارعتها بالوعي المؤثر في المسار لا بوعي التدمير والحرب والخراب الذي يفترض بنا الوقوف أمامه بقدر من المراجعة والتقييم.. فالعصر الذي هجم علينا قبل الاستعداد له علينا أن نستعد له بالتحكم بمساراته والتأثير في نسقه العام فالقوة التي تختزنها القيم الحضارية والاخلاقية هي أمضى من غيرها في عالم لم يعد مستقرا حضاريا وسريع التحول.
لقد شكل سقوط بغداد عام 2003م نقطة تحول جديدة في الواقع العربي, فالغرب الذي يتقن تحديد المسارات ويعرف قانون التاريخ كان مدركاً أن العرب لا يمكن السيطرة عليهم إلا من خلال البعد التاريخي والتحكم في مساراته والسيطرة على مقاليد صناعته ولذلك عمدوا على القضاء على المشروع القومي والمشروع التحرري والمشروع العقائدي والمشروع الثقافي فتاه العرب في حركة فوضى لا طائل من ورائها بدأت هذه الحركة عام 2011م وقد سمعنا يومها كلاما على لسان قوى اليسار اليمني يقول بسقوط الايديولوجيا فكان ذلك نذير شؤم وانهيار, وكنت أكتب محذراً من هذا المآل في عدد من الصحف, لكن كان الصراخ أعلا من ندائنا فلم يأبه أحد لذلك ولعل كتابي "الربيع العربي..دم وعواصف" الصادر عام 2014م قد تضمن مثل ذلك النداء.
في تصورات المجتمع الغربي أن العرب أمة متوحشة مهددة للحضارة الانسانية ولا يمكنها أن تستقر بل قد تشكل تهديدا مستمرا للحضارة الانسانية مالم يتدخل الغرب للسيطرة على مقدراتهم وتهذيب مجتمعاتهم, ولذلك قد تجد نفورا في المجتمع الغربي نتيجة ذلك التصور والأمر لا يحتاج الا الى نظرة بسيطة الى الشبكة العنكبوتية ليكتشف المرء حجم ومدى التصورات النمطية عن الشخصية العربية في وجدان المجتمع الغربي.
وأمام مثل ذلك التصور الذهني يفترض بنا تنمية الاشتغال الثقافي والاشتغال على الفنون الحديثة بكل تنوعها حتى تصل رسالتنا الى المجتمع الانساني لبيان موقفنا الثقافي والاخلاقي من أجل قضايا الإنسانية, وفي تاريخنا نماذج انسانية تفوق ما وصل اليه الانسان المعاصر لكننا قوم غافلون لا نهتم إلا بباب الطهارة والنجاسة وبباب النكاح وتركنا كل الاشارات الانسانية في بعدها القيمي والأخلاقي وراء ظهورنا.. فهل آن لنا أن نفيق؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.