كان للاعتراف الروسي باستقلال دونيتسك ولوغانسك تداعيات كبيرة على المستويين المحلي والعالمي حسب الجهات المعنية التي تنظر إلى هذا الاعتراف من زواياها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. المستشرق الروسي الكبير فيتالي نعومكين تحدث عن تداعيات اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك عن أوكرانيا، ولاسيما في وقت يهدد فيه الغرب بفرض عقوبات قاسية على موسكو.وقال نعومكين، في حلقة جديدة من برنامج "أبعاد روسية" الذي يبث على شاشة RT، إن قرار الاعتراف بالجمهوريتين جاء إنقاذا لحياة الملايين من الأرواح. ويرى نعومكين، الذي يشغل منصب عضو أكاديمية العلوم الروسية والرئيس العلمي لمعهد الاستشراق، أن الاعتراف كان الحل الوحيد الممكن للتهدئة والدفاع عن سلامة سكان لوغانسك ودونيتسك، بما في ذلك الروس، أمام الهجمات الأوكرانية. وعن العقوبات الغربية التي قد تفرض على روسيا بسبب قرار الاعتراف، أكد نعومكين، أن روسيا قادرة على التأقلم مع أية عقوبات جديدة، مشيرا إلى روسيا تتعايش مع العقوبات منذ عودة القرم إلى قوام روسيا في العام 2014. كذلك أكد نعومكين، أن العقوبات الغربية الشديدة التي تحدث عنها في الفترة الماضية، ستفرض على روسيا حتى ولو لم تعترف روسيا باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك. وقال، إن "العقوبات كانت ستفرض على روسيا بشكل أو بأخر لذلك روسيا لا تهاب هذه العقوبات، لكن في نفس الوقت هذه العقوبات المشددة أو الاستثنائية التي تحدث عنها الأمريكان كان من المفترض أن تطبق في حال اعتداء روسيا على أوكرانيا، لكن روسيا لم تعتدي على أحد، بل على العكس اعتدت أوكرانيا على لوغانسك ودونيتسك متجاهلة اتفاقات مينسك". وأعرب الخبير عن أسفه لانتهاء اتفاق مينسك، وقال: "للأسف انتهت عملية مينسك السلمية بسبب عدم تنفيذ الاتفاق من قبل الحكومة الأوكرانية، لذلك اعتراف روسيا بالجمهوريتين كان أمرا لا مفر منه في ظل تقاعس كييف". ووقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مساء أمس الاثنين، على مرسومين يقضيان باعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا، في حدث وصف بأنه تاريخي. واليوم أعلنت المملكة المتحدة، عن فرض عقوبات على خمسة بنوك روسية ورجال أعمال روس، وذلك ردا على اعتراف روسيا باستقلال الجمهوريتين، كذلك أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا. من جانبها وزارة الخارجية الأوكرانية رأت أن اعتراف موسكو بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك "يعدّ انسحابا فعليا لروسيا من اتفاقيات مينسك للتسوية، بكل ما يترتب على ذلك من عواقب قانونية". لكن الأخطر من ذلك، حسب الإعلامي المتخصص بشؤون الحرب يوري بوتوسوف، أن يكون الاعتراف مقدمة لتوسع أكبر في المنطقة. وأوضح أن الاعتراف بالاستقلال يشمل حتما الاعتراف بالسيادة وسلامة الأراضي، إذ قد نكون أمام سيناريو دعم هاتين "الجمهوريتين" لاستعادة السيطرة على كل أراضي منطقتي دونيتسك ولوغانسك، تحت عنوان "التحرير من الاحتلال الأوكراني". ولفت إلى أن "هذا يشمل مدينة ماريوبول، التي حاول الانفصاليون السيطرة عليها بدعم روسيا في 2014، حتى تربط البر الروسي مع بر القرم المحتل"، وفق قوله بوتوسوف. ويرى آخرون أن هذا الأمر أيضا قد يمهد لضم دونباس إلى روسيا على غرار القرم، وسيلحق خسائر اقتصادية جمة باقتصاد أوكرانيا، لأنه سيجعلها تقف أمام تحديات فقد الفحم المنتج في تلك المناطق، وربما أمام موجات نزوح واسعة جديدة. الصحف البريطانية اعتبرته بالحدث الأهم على مستوى العالم الذي جاء من أكثر المناطق سخونة في الوقت الراهن، وهي منطقة شرق أوروبا وما تشهده من توترات بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا كدولتين. ويتناول مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية ما الذي يعنيه هذا الاعتراف وتداعيات القرار الروسي المحتملة. في البداية، عرفت الغارديان المنطقتين الانفصاليتين بأنهما دونيتسك ولوهانسك، اللتان يشار إليهما مجتمعتين بمنطقة دونباس. وخرجت تلك المنطقتين، اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا عن سيطرة الحكومة في أوكرانيا وأعلنتا قيام جمهوريتين شعبيتين فيهما عام 2014. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الحرب بين قوات الجيش الأوكراني والانفصاليين في شرق البلاد، وهي الحرب التي تقول أوكرانيا إنها أودت بحياة حوالي 15 ألف شخص حتى الآن. ولكن ماذا يعني اعتراف روسيا باستقلال المناطق الانفصالية الأوكرانية؟ ببساطة شديدة، يعني الإعلان رسميا بالاعتراف الروسي بدونيتسك ولوغانسك المزيد من تصاعد مخاوف قيام حرب شاملة في المنطقة وسط توقعات بأن روسيا تقترب من وضع اللمسات الأخيرة على خطتها لغزو أوكرانيا بنحو 190 ألف من قواتها. وبما أن هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها روسيا باستقلال تلك المناطق، وهو ما يسوغ لها نشر قوات عسكرية فيهما، الأمر الذي يعني أن القوات الروسية سوف تكون داخل الأراضي الأوكرانية بالفعل، لا على الحدود مع أوكرانيا، مما قد يعجل بمواجهات عسكرية مباشرة بين الجانبين، بحسب مقال الصحيفة. ويرى المقال أن اعتراف روسيا بتلك المناطق الانفصالية الأوكرانية من العوامل التي تعجل بحرب صريحة بين روسياوأوكرانيا في المنطقة، انتهاك لاتفاقيات مينسك، التي وُقعت في 2014-15 لوقف الحرب بين الجانبين. وعلى الرغم من أن تلك الاتفاقيات لم تكن مفعلة تماما، إلا أنها لا تزال بالنسبة لجميع أطراف الأزمة، بما فيها روسيا، هي الفرصة الوحيدة للتوصل إلى حل سلمي للنزاع القائم في شرق أوروبا. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تدفع باستمرار تجاه تأجيج الحرب في دونباس، لاعتبارات سياسية عدة، لكن الدوافع الاقتصادية كانت حاضرة أيضا، وخاصة فيما يتعلق بمشروع "التيار الشمالي 2". وكانت محاولات أمريكا لخلق مواجهة أوروبية روسية في أوكرانيا أكثر وضوحا كلما اقترب المشروع من نهايته، وذلك بهدف وقف التعاون بينه روسيا وأوروبا في مجال الغاز، وفرض نفسها كبديل لموسكو في هذا الجانب.وللعل الزيادة الهائلة في صادرات أمريكا من الغاز الطبيعي المسال، خاصة إلى أوروبا، والتي بلغت مستوى قياسيا، تعكس هذه الرغبة الملحة للإطاحة بروسيا من سوق الطاقة الأوروبي. دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتان.. ما تاريخ المنطقتين وما أسباب طمع #روسيا بهما؟#رقمي pic.twitter.com/EkY1YDKcJK — قناة الجزيرة (@AJArabic) February 23, 2022