يظل التعليم قديماً وحديثاً هو حجر الزاوية في رقي وتقدم وازدهار الشعوب والدولة.. لأنه هو أساس العملية التنموية الشاملة والمستدامة.. فالعلاقة بين التعليم والتنمية الشاملة علاقة سرمدية.. لأنها أسلوب حياة وطريقة تفكير وإبداع ونهوض ورقي وتقدم .. فالحضارات لا تُبنى بدون علم وتعليم .. وأمة لا تستثمر الإنسان امة تعيش في ذيل الحضارات الإنسانية وإذا أردت أن تقيس رُقي وتقدم وازدهار حضارات الشعوب والدول فأنظر أولاً إلى عقلية وثقافة وسلوك وأخلاق إنسانها. المؤسف المشين: كثير من الدول العربية تهتم بالكم دون الكيف.. ترفع دوماً الشعارات البراقة ولكن جوهرها أجوف وواقعها أخرف.. كلنا يدرك أن هناك سلبيات وقصوراً في مؤشرات التعليم بشتى أنواعه ومراحله العام والعالي فواقع التعليم اليوم في معظم الدول العربية يشير إلى أن هناك تحديات ومعضلات جمة وهناك ثغرات وفجوات تحول دون مواكبة روح العصر الحديث لاسيما في ظل التهافت والمهاترات والمشاحنات السياسية والفكرية والمذهبية.. إذا نظرنا إلى واقع التعليم في معظم الوطن العربي أول ما يصادفنا ارتفاع نسبة أنصاف المتعلمين ناهيك عن نسبة الأمية العالية في تلك المجتمعات أضف إلى ذلك هشاشة وضعف المخرجات التعليمية.. أكان على المستوى العام أو العالي حتى ما فوق العالي.. كل المؤشرات الآنية تشير إلى أن هناك فجوات عميقة بأن التعليم في خطر.. بمعنى أن هناك ارتفاعاً في نسبة الأمية في العالم العربي إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والإقتصادي والاجتماعي والأمني هذه كلها مؤثرات ومؤشرات قد تؤثر بصورة ما على نوعية التعليم ومخرجاته آنياً ومستقبلياً.. إن مسؤولية تردي أوضاع التعليم مسؤولية مشتركة، ومتكاملة فالدولة هي المسؤولة عن وضع السياسة التعليمية، وهي التي تصدر القرارات، وتُعد الخطط حسب متطلبات الخطة التنموية الشاملة المستدامة.. وتوفير الدعم المالي، واحتياجات العملية التعليمية .. أما عن إصلاح التعليم وتطويره وتحديث مناهجه لابد أن يشارك فيه الباحثون المختصون والجهات ذات العلاقة من مؤسسات وجامعات ومراكز متخصصة.. كما تقع جزء من المسؤولية على التربويين العاملين في الميدان فالتغيير لا يتم برأي أحادي أو نخبة متمركزة مستبدة بل باتفاق وتداول آراء كافة الجهات المختصة والعلماء والباحثين والمختصين والأكاديميين في شؤون التربية والتعليم . لذا علينا أن ندرك أن عملية التغيير تبدأ من محور الأهداف المستقبلية للإستراتيجية التعليمية أي فرد نريد؟! وأي مجتمع نريد؟! وأي مستقبل نريد؟ لابد من تحديد احتياجاتنا وأهدافنا ومتطلباتنا على أن يتم تطبيق إستراتيجية التعليم وفق أهداف الخطط الاقتصادية والتنموية والسياسية للدولة إضافة إلى مسح شامل لمتطلبات التعليم العام والعالي تمهيداً لوضع خطط موازية ومواكبة للتطوير والتحديث كماً ونوعاً.. وبما يواكب روح العصر الحديث كما لا يفوتنا أن هناك حقوق الشرائح التي يطلق عليها لقب"ذوي الاحتياجات الخاصة" أو "المعاقون" لابد من الاهتمام بهم وتوفير مستلزماتهم من حيث المكان والمنهج والتدريس وتوفير المعلم المؤهل الذي يتعامل معهم لذا لابد من وضع آليات وخطط وفق رؤى معتمدة للدمج حتى نقلل من عملية مظاهر التهميش والتسرب والعوامل النفسية الأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة.. فالتعليم هو الأداة الأساسية والمحورية لاستثمار وتنمية الإنسان.. وعليه ينبغي تنمية شخصيته وإشباع مواهبه وقدراته في شتى الجوانب- اجتماعياً، ونفسياً، ومهارياً،وعقلياً- بصورة متكاملة ومتوازنة تمكنه من اتخاذ القرار الصائب عند مواجهة تحديات الحياة المعاصرة وفي شتى ميادين العمل. كلمات مضيئة: هناك معايير الواجب اتباعها عند وضع المناهج: إن ثمة عدداً من المفاهيم والمواقف والمهارات ينبغي على الطلاب أن يتعلموها.. منها الاستفادة من التراث الحضاري الذي يمثل ثروة عظيمة ويساهم في تخريج أجيال قادرة على البحث والإبداع والابتكار.. إن المنهاج الذي يساهم في رفاه كل فرد من أفراد المجتمع لجدير أن يلبي متطلبات العصر الحديث ولاسيما بالنسبة للطبقات الكادحة كما لا ننسى ربط المناهج بالإفادة الاجتماعية وأن نختار للمناهج كل الحقول المعرفية الملائمة للبيئة والتراث الحضاري والاهتمام بمصادر المجتمع المحلي وخصائصه:نحن ندرك أهمية غرفة الصف ولكن المناهج يزداد غناها وثمارها إذا خرجت من غرفة الصف إلى البيت والمجتمع والبيئة المحلية.. كما يراعى عند وضع المناهج الفروق الفردية عند الدارسين كل طفل عالم قائم بذاته مختلف عمن سواه ولابد لواضعي المناهج أن يراعوا التدرج في عرض الموضوعات وملاءمتها مع خبرات الدارسين من أجل حل مشاكل المجتمع.. وبناء جيل متسلح بالعلم والأخلاق والوطنية والهوية الإيمانية ..!