تناول الباحث عبدالله بن عامر في الباب الثاني من كتابه (تقسيم اليمن بصمات بريطانية) مخططات التقسيم لليمن من قبل بريطانيا التي عملت على فصل مناطق الشمال عن الجنوب والشرق عن الغرب.. كثير من الأحداث التاريخية الهامة تم التطرق لها بشكل مفصل.. فيما يلي نص الموضوع وفق ما تضمنه الكتاب إلى التفاصيل: اليمن وفق المفهوم البريطاني: عندما نتحدث عن التقسيم البريطاني لليمن فيجب التذكير هنا بأن معظم مقترحات التقسيم أو خطط ومشاريع التقسيم كانت تستند إلى معرفة بجغرافيا وتاريخ اليمن إضافة الى العوامل الاقتصادية والاجتماعية ،وسنجد أن العوامل الجغرافية والاقتصادية لعبت دوراً كبيراً في ذلك «فاليمن يمتلك جبهات بحرية واسعة وصالحة للملاحة طوال العام وموانئ ذات ميزة موقعية عالمية لا تتوفر في أي موانئ أخرى في الجزيرة وموقع اليمن البحري يتيح له إقامة مواقع حضرية ممتازة على طول السواحل واستغلالها كموانئ وأماكن سياحية ومواقع صناعية وتجارية في ضوء سوء توزيع السكان ويمكن الاستفادة من هذه التجمعات الجديدة عسكرياً وامنياً» وقد أعتمد المؤلف الروسي عزيز بيرادييف في كتابه بريطانيا وتقسيم اليمن على وثائق الهند البريطانية فيما أعتمد باحثون آخرون على وثائق الأرشيف البريطاني ولا يمكن رسم صورة متكاملة عن رؤية اليمن بالنسبة لبريطانيا دون الاستناد الى كل تلك المراجع والوثائق فهناك ما يؤكد وما يوضح الأهداف البريطانية في اليمن من خلال وثائق حكومة الهند البريطانية تماماً كما هو الحال عليه في وثائق الأرشيف البريطاني ولعل أخطر ما ورد بشأن اليمن المخطط الذي يعتمد على تفسير الجغرافيا اليمنية بأنها المناطق الجبلية الداخلية فقط أي اليمن بدون عسير أو جيزان أو تهامة الحديدة أو عدن أو المحميات البريطانية فاليمن هنا يقتصر على الجغرافيا الزيدية مع بعض المناطق الشافعية أي من صعدة شمالاً حتى تعز جنوباً وما تبقى بما في ذلك البيضاء وبيحان دول أو إمارات او مناطق لا يشملها اليمن. عندما وقعت الاتفاقية الإيطالية - اليمنية طلبت بريطانيا من إيطاليا توضيحاً عن اعترافها باليمن هل اليمن الذي يضم كل جنوب غرب شبه الجزيرة العربية ام اليمن وفق المفهوم البريطاني. تواصلت بريطانيا مع الدول التي كانت تحاول عمل علاقة مع اليمن وقتها بهدف منع تلك الدول من الاعتراف بالإمام يحيى كحاكم على كل اليمن التاريخي بما في ذلك عدن وساهمت بريطانيا في إفشال أو تأجيل إقامة علاقات يمنية مع دول أجنبية منها مع الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا وحاولت إفشال العلاقات اليمنية الإيطالية وكذلك العلاقات اليمنية السوفيتية. وفي الحقيقة أن اليمن التاريخي تعرض لعملية تمزيق وتقسيم تحمل البصمات البريطانية بعد أن فشل البريطانيون في إدخال اليمن ضمن نفوذهم وهذا ما تؤكده الأحداث التاريخية فالشمال اليمني المتمثل بأقاليم عسير ونجران قدمت بريطانيا الدعم لابن سعود لضم كل تلك المناطق الى مملكته ،وبريطانيا نفسها من عملت على تحديد الحدود بين اليمنوعمان فحاولت في البداية دراسة ما إذا كانت حضرموت إضافة إلى المهرة وظفار يمكن ان تشكل دولة ثم ذهبت نحو الرأي القائل بضم حضرموت والمهرة الى عُمان قبل أن تسهم المتغيرات في الإبقاء على المهرة وحضرموت ضمن اليمن وفي مرحلة أخرى نجدها تمنح ابن سعود ضوءاً أخضر لاتخاذ إجراءات لضم المهرة وحضرموت ضمن اتحاد فيدرالي كما سنعرف ،كان ذلك ما يتعلق بالمناطق الشرقية وقبلها الشمالية امتداداً الى جيزان ونجران وعسير ، أما الغربية فقد كان هدفها الكبير يتمثل في احتلال الحديدة والمخا واغلاق السواحل على الدولة اليمنية مع التخطيط لاحتلال تعز وفي السياق ذاته في اتجاه الجنوب فعدن ترى إليها بأنها جزء من الأملاك الخاصة ،فيما المحميات الشرقية والغربية تخضع للحماية البريطانية وقد ساهم الواقع الجغرافي اليمني في تشكيل هذه النظرة البريطانية تجاه اليمن فالتركيز على البحر من خلال السواحل والموانئ والجزر يعود الى أهمية موقع اليمن البحري عسكرياً واقتصادياً ولهذا نجد البريطانيين يعملون على التركيز على السواحل والجزر والموانئ إضافة الى مناطق الثروة كحضرموت وشبوة فيما يتم تجاهل اليمن الداخلي ليس لأنه ليس مهماً ، بل لأنه عصي على الانكسار والخضوع وهذا ما اثبته التاريخ فمركز الثقل السكاني في الهضبة الجبلية الشمالية الغربية والممتدة حتى تعز معقدة جغرافياً إضافة الى أن سكان الجبال أكثر مقاومة من غيرهم وهذا لا يعني أن بقية اليمنيين لا يقاومون الغزاة ،بل إن جميع اليمنيين عبر مراحل التاريخ سطروا تضحيات وملاحم بطولية من المهرة الى سقطرى وحتى صعدة وعسير غير أن العقلية البريطانية لها نظرة خاصة لأبناء الجبال خاصة الزيدية نظراً للنزعة الاستقلالية الأكثر حضوراً لديهم وبروز المشاريع ذات الطابع السياسي السلطوي الحاكم من تلك المناطق لأسباب تاريخية وجغرافية وثقافية ولهذا نجد أن العقلية البريطانية وضعت حلولاً للتعامل مع أبناء الجبال أو يمن الداخل وهذه الحلول تتمحور حول نشر الفوضى ودعم الصراعات وتغذية الخلافات ليستمر اليمن الداخلي في حالة فوضى وصراع فيما السواحل محتلة وهناك مستعمرات ومحميات ونشاط اقتصادي ونهب ثروة وكل ذلك لصالح المحتل. الموقف البريطاني من اليمن المستقل: رفض اليمن الخضوع للبريطانيين واتجه بإمكانيات ذاتية نحو مواجهتهم الأمر الذي دفع بريطانيا الى محاصرته واستهدافه وشن الحرب عليه العسكرية والاقتصادية فقط لأنه رفض التبعية أو الدخول ضمن مناطق حمايتها وعمل على تدعيم ركائز استقلاله بجهود أبنائه وتضحياتهم ضارباً عرض الحائط بكل المغريات الأجنبية ورافضاً للتهديدات ،وفي ذلك يقول الريحاني: أن اليمن أشرف الأقطار اسماً وأنزهها خطة وأمنعها جانباً لأنه وحده اليوم مستقل اقتصادياً عن الأجانب ويأبى التقيد بشيء من مالهم ،ولقد سمعت من العرب ان اليمن هو تلك البقية الباقية البقية الصالحة التي لا تنقاد بالسلاسل الذهبية الى العبودية الاقتصادية ،ذلك اقتصادياً، وأما عسكرياً فقد كانت جميع الحروب اليمنية الداخلية أو مع أطراف خارجية منذ 1918م تقف خلفها بشكل مباشر أو غير مباشر بريطانيا ويقول ج انكارين بعد الحرب العالمية : بقى اليمنيون لوحدهم عملياً ضد الإنجليز وكان يتحتم عليهم خوض نضالاً طويلاً وعنيداً ضدها وفي هذا الصراع جرب العدو كل الأساليب لضعضعة الدولة اليمنية الفتية وبدأ بالاحتلال العسكري للحديدة الى تنظيم الانتفاضات الداخلية والى تحريض الدول المجاورة والحصار الاقتصادي والرشوة والتجسس والقصف بالطائرات ،وهكذا فقد حاول البريطانيون إعاقة قيام الدولة اليمنية المستقلة في 1918م إثر خروج الاتراك العثمانيين وكان من ضمن اجراءاتهم وخطواتهم : أولاً : تسليم جزء من الساحل الغربي للادريسي واحتلال الحديدة ومن ثم تسليم الحديدة للإدريسي ثانياً : خنق اليمن إقتصادياً حيث أدى احتلال الحديدة الى انعكاسات خطيرة على الوضع الداخلي لاسيما على الصعيد الاقتصادي وتأثرت الحديدة نفسها بذلك فقد تقلص عدد سكانها من 30الفاً الى اقل من 10آلاف ثالثاً : العمل على محاصرة اليمن المستقل من إقامة أية علاقات مع دول الخارج وتطويقه وعزله وفي هذا يقول عزيز خودا : لم يحرز الاستقلال شكلياً من بين كل الأقطار العربية الا اليمن الشمالي لكن اليمانيين المطوقين بأتباع بريطانيا أضطروا امداً طويلاً للنضال من أجل توحيد بلدهم واحراز استقلالهم التام ويضيف كذلك : أن مخططات التقسيم البريطاني لليمن تتمثل في عزله عن ساحل البحر الأحمر وجعله في حالة تبعية وذلك بموجب ما ورد في وثائق الأرشيف الوطني الهندي رابعاً : إثارة النزعات الانفصالية لدى القبائل لا سيما في مراحل الصراع كما حدث في 1928م حيث اشترى البريطانيون الشيوخ ذوي الميول الانفصالية وأشعلت العداوات المذهبية بين اليمنيين الا ان معظم تلك المحاولات باءت بالفشل منها القاء المنشورات عبر الطيران وكان اليمن قد تعرض للقصف البريطاني ما بين 1927م و1930م أكثر من مرة وقدرت الخسائر في تعز وحدها بمقتل 300 معظمهم من النساء والأطفال خامساً : تدبير النزاعات الحربية بين اليمن والسعودية بغية تقوية السيطرة البريطانية على كلا البلدين. سادساً : حرمان اليمن من أي منفذ الى البحر وقطع كل الصلات الاقتصادية والتجارية بين الساحل والمناطق الداخلية وحصر تجارة المناطق الجبلية والداخلية الى عدن.. جذور تقسيم اليمن: يعود تقسيم اليمن الى التفاهمات العثمانية البريطانية مطلع القرن العشرين 1903م - 1905م وقبل ذلك كان اليمن حتى مطلع القرن الثامن عشر موحداً تحت سلطة مركزية هي سلطة الإمامة الزيدية او الدولة القاسمية التي وحدت معظم مناطق جنوب شبه الجزيرة العربية وفي القرن التاسع عشر تعرض للاحتلال البريطاني ل عدن والذي توسع فيما بعد ليشمل ما عرف بالمحميات التسع ،فيما الشمال خضع للسيطرة العثمانية 1872م وكان العثمانيون يدعون السيادة على كل اليمن وهو ما دفع البريطانيين الى تعزيز وتوسيع مناطق نفوذهم وكان من ضمن أسباب التوسع البريطاني منع القوى الأجنبية من الحصول على مناطق استراتيجية باليمن لاسيما فرنساوإيطاليا ومن ثم إيطاليا في 1926م والاتحاد السوفياتي 1928م والولاياتالمتحدةالامريكية. ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب: في 1900م كانت الدولة العثمانية تحاول رفع إيراداتها الضريبية إلا انها علمت بوجود عمليات تهريب واسعة حرمتها من تلك العائدات فدفعت بشيخ ماويه في تعز إلى انشاء ما يشبه فرزة أو نقطة وبرج مراقبة وذلك لمراقبة تجارة التبغ حيث كان اليمن الشمالي يستهلك كميات كبيرة منه الا ان إيراداتها الجمركية ضعيفة للغاية وبعد إنشاء النقطة نشبت أزمة بين العثمانيين والبريطانيين فأقترح العثمانيون تقسيم اليمن في 1901م فتم تشكيل لجنة حدود وكان العثمانيون يريدون كل اليمن عدا عدن ،فيما البريطانيون أرادوا عدن والمحميات التسع ،ويعود أول مسح طوبوغرافي لليمن الى عام 1891م الذي أجراه ضابط بريطاني ،ومن أبرز محطات التفاوض رسم خط الحدود: سعت بريطانيا الى التوسع وفرض واقع جديد من خلال الادعاء بأن البيضاء ويافع العليا والعوالق العليا وبيحان ضمن حدود المحميات التسع رغم أن كل تلك المناطق لم تكن ضمن نفوذ بريطانيا. اتجهت بريطانيا الى فرض سيطرتها على الضالع وأكدت أنها لن تتخلى عنها نظراً لموقعها الاستراتيجي. اعتمد المفاوضون البريطانيون على تكتيك المطالبة بالمزيد حتى يحصلوا على أقل ما تسعى اليه دولتهم في تلك الفترة ولهذا كان الخط الحدود يتعرج كثيراً حسب الاهواء البريطانية قبل ان يصل الى رمال الربع الخالي التلويح بإستخدام القوة العسكرية وذلك لإجبار العثمانيين على الخضوع والقبول بكل المطالب البريطانية.. مقاومة اليمنيين: لم تكن أعمال المسح الميداني وتحديد الحدود تحظى بموافقة اليمنيين في كافة المناطق لاسيما المناطق التي ستخضع للتقسيم ولهذا كان البريطانيون يراقبون الوضع عن كثب لاسيما مواقف الأهالي ومن ضمن التقارير البريطانية ما يؤكد أن «عرب المناطق الداخلية يرفضون تواجدنا والشخص الوحيد الذي يبقى موالياً لنا سلطان العبدلي ورعاياه الذين لا يتميزون بروح العدوان ولا يتمكنون من التصدي لهجمات القبائل» ولم يتوقف الأهالي عند رفضهم لتلك الأعمال بل أدت احداث الضالع الى نشوب حركة مسلحة ضد البريطانيين ما دفع باللورد كيرزون إلى استدعاء قوات إضافية لحامية عدن وارسال قوات الى مناطق التوتر .. ومن ابرز شواهد الرفض اليمني: في 1903م بعد بدء اعمال اللجان تعرضت تلك اللجان لاسيما البريطانية منها لهجمات عدة وكان الرد البريطاني باستخدام القوة المفرطة ضد المناطق التي اعترضت على عمل اللجان. من اعمال المقاومة قطع طرق المواصلات بين الضالع وعدن ومحاصرة جنود بريطانيين .. وقامت القوات البريطانية بالتنكيل بقبيلة الكثيب الأكثر رفضاً للتقسيم ودمرت عدداً من القرى التي اعتدت على القوات البريطانية.. تعود المقاومة اليمنية للتقسيم الى 1892م عندما كان النقيب وهب والنقيب دومفيل يستكملان المسح الطوبوغرافي حيث كان وهب وفريقه العامل يتعرضون لإطلاق النار من قبل القبائل ويؤكد إيل ماكرو أن أسباب توقف مشروع المسح في ذلك العام يعود الى مقاومة الأهالي ولم يتم القيام بأي مسح حتى 1902م أثناء تحديد حدود الصبيحة شنت القوات البريطانية هجمات عسكرية لتأمين عمل اللجنة نظراً لأهمية تلك المنطقة بالنسبة للبحر.. لجأت القبائل بعد فرض عملية ترسيم خط الحدود الى عدم الاعتراف بهذا الخط ولهذا استمرت العلاقات بين مناطق جانبي خط الحدود وكان أبناء القبائل ضمن مناطق النفوذ البريطاني يلجأون الى المحاكم في مناطق النفوذ العثماني. وقد نجحت المقاومة اليمنية في إفشال جهود اللجان التي لم تتوصل الى إتفاق على الخط الفاصل الا في 1907م يبدأ من باب المندب ووقع الطرفان على الاتفاق عام 1909م ثم أدرج في المعاهدة الأنجلو تركية عام 1914م.. الخلاف بشأن باب المندب: حتى العام 1904م تمكنت لجنة الحدود من رسم خط الحدود على طول 138ميلا من وادي بنا الى قرية «دار أمبيم- التي تبعد 45 ميلا عن -باب المندب- وما تبقى الى البحر ظل محل خلاف هل ينتهي الخط عند البحر الأحمر أم المضيق أم البحر العربي ؟ وكانت الرؤية العثمانية أن تنتهي الحدود عند -رأس العارة- وهذا يعني كل ساحل باب المندب بما في ذلك - الشيخ سعيد- تابع للعثمانيين واستند العثمانيون في ذلك الى أن تلك المناطق كانت تدفع الضرائب للمخا أي للعثمانيين ولا تتبع البريطانيين ،وكانت هناك وثيقة بريطانية تؤكد ان - الشيخ سعيد- عثمانية الا أن بريطانيا رفضت التنازل عنها لأهميتها ،وأدى التكتيك البريطاني الى التوصل للتفاهم حول مد خط الحدود الى -باب المندب- مباشرة أي من قرية او -دار امبيم- حتى نقطة شيخ مراد في رأس الشيخ سعيد وعلى أن ينتقل جزء من منطقة رأس -الشيخ سعيد- الى البريطانيين وبذلك يتمكن البريطانيون من الاشراف المباشر على مخرج البحر الأحمر ثم اصبح الخلاف على منطقة يافع وهددت بريطانيا بارسال قوات عسكرية لإجبار العثمانيين على التنازل وفي 1905م استجابت الدولة العثمانية لكل المطالب البريطانية وتم توقيع البروتوكول السادس الختامي للجنة الحدودية وجاءت التقارير البريطانية أن بريطانيا حصلت على أكثر بكثير مما كانت تؤمل فيه قبل رسم الحدود وفي 9مارس 1914م تم توقيع الاتفاقية التي لم يعترف بها اليمنيون أصحاب الحق والأرض الشرعيين وقد تضمنت المادة الثالثة من الاتفاقية : وافق الطرفان على أن تكون حدود الأراضي العثمانية تتبع خطاً مستقيماً يبدأ من -أكمة الشوب- متجهاً للشمال الشرقي نحو صحراء الربع الخالي بإنحراف 45درجة وهذا الخط يلتقي في الربع الخالي على الخط الموازي 20درجة من الخط المستقيم المتجه مباشرة نحو الجنوب الذي يبدأ من نقطة واقعة على الشاطئ من -خليج عجير- فاصلاً الأراضي العثمانية من سنجق ونجد وأرض قطر وفقاً للمادة الثانية من الاتفاقية الإنجليزية العثمانية الخاصة بالخليج الفارسي والمناطق المجاورة له المؤرخة في 29يوليو 1913م فيما المادة الرابعة: تخلت الدولة العثمانية عن كل ما كان لها من حقوق ومطالب في حضرموت وتم التصديق على المعاهدة في يوينو 1914م ومنذ تلك الفترة نشأ ما يسمى بالخط الأزرق وكذلك الخط البنفسجي فالخط الأزرق يحدد حدود المحميات في الخليج ،فيما البنفسجي يحدد حدود الأقاليم الواقعة على الساحل الجنوبي.. مخططات التقسيم اثناء الحرب العالمية قبل الحرب العالمية الأولى حققت بريطانيا هدفها المتمثل في تقاسم اليمن مع الدولة العثمانية عبر رسم خط الحدود وفق الاتفاقية التي وقع عليها في 1914م وضمنت لبريطانيا التواجد في عدن والنفوذ في كل المحميات ،ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى تمثلت أهداف بريطانيا في ضمان السيطرة الكاملة على عدن وتحريض اليمنيين على قتال العثمانيين والقضاء على القوات العثمانية المتواجدة في اليمن في تلك الفترة اضافة الى عقد إتفاقية مع الإمام يحيى باعتباره يمثل القوة الأبرز على الساحة ،وقد نجحت بريطانيا في اخضاع الادريسي وإمارته في جيزان لحمايتها تماماً كما هو الحال عليه بالنسبة للمشيخات والامارات الجنوبية وكان اليمن وقتها يخضع لسيطرة عدة قوى: القوى الموالية للبريطانيين (المشايخ والسلاطين في المشيخات والامارات الجنوبية او ما كان يسمى بالمحميات - إمارة الادريسي - مشايخ في وسط وشمال اليمن أي في مناطق نفوذ الإدارة العثمانية او الامام يحيى كشيخ ماوية وكذلك الزرانيق).. قوى محايدة أو داعمة للعثمانيين وكان هو الامام يحيى وأثناء الحرب العالمية الأولى سارعت بريطانيا الى اتخاذ عدة خطوات أبرزها محاولة استمالة الإمام يحيى وتجديد المعاهدات مع السلطنات والمحميات لضمان ولائهم ،وتحريك وتحريض القبائل في الشمال ضد الإمام وضد العثمانيين ،وتقديم الدعم للإدريسي لكي يبدأ بشن حربه على العثمانيين ومن التحركات العسكرية البريطانية الهجوم العسكري على الشيخ سعيد في باب المندب والمساندة بالقصف البحري على الحديدة واللحية ومناطق أخرى ومحاصرة الموانئ اليمنية. لماذا اختلف اليمن عن بقية البلدان العربية؟ شأنه شأن بقية البلدان العربية خضع اليمن للتقسيم عبر التقارير والمقترحات والمخططات المرفوعة للقيادة البريطانية غير أن اليمن تميز بعد الحرب بأنه نال الاستقلال من العثمانيين ولم يخضع للبريطانيين ونقصد هنا شمال اليمن وبالتالي فشلت بريطانيا في معظم محاولاتها لوضع اليمن المستقل تحت الانتداب لكن قبل ذلك يجب أن نتطرق الى خطط التقسيم لليمن ولعل الكثير من الباحثين لم يتطرقوا اليها بشكل تفصيلي او يشيروا اليها حتى بشكل عابر عدا بعض الباحثين الذين اطلعوا على وثائق الأرشيف البريطاني، وتلك المخططات عبارة عن تقارير مرفوعة من خبراء عسكريين بريطانيين الى رئيس هيئة الأركان والى اللجنة السرية بوزارة الدولة لشؤون الهند البريطانية بشأن اليمن ومستقبل التواجد البريطاني فيه.