تعد تقارير التقدم التنموي في الدولة المعنية كقاعدة انطلاق لوضع الأجندة المستقبلة للسياسة التنموية واقتراح الأولويات التنموية, وكل ذلك بهدف التغلب على التحديات التنموية وتسريع عجلة التنمية. ويرى تقرير "اليمن... مراجعة سياسة التنمية" الصادر في شهر نوفمبر 2006م والتي تعتبر التجربة الفريدة في الشرق الاوسط, وبقدرتها على تجاوز المشاكل والتحديات التي واجهتها, وفي مقدمتها حرب تثبيت الوحدة اليمنية, وصدمات أسعار النفط, ويشير التقرير كذلك, إلى التحسن الذي حدث في منظومة الحكم الجيد منذ عام 2005م بحيث أدى إلى تحسن مؤشري التحكم في الفساد وجودة البيئة التنظيمية في عام 2005م في مؤسسات الإدارة الرشيدة الستة لمعهد البنك الدولي, كما يتوقع التقرير أن يؤدي تنفيذ أجندة الإصلاحات الوطنية التي أقرها مجلس الوزراء في يناير 2006م إلى مزيد من التحسن في مؤشرات الحكم الجيد, محدداً في الوقت نفسه الإصلاحات التي تم انجازها في هذه الأجندة, مثل استقلالية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة, وإصدار قانون الذمة المالية, إلى جانب إعداد قانون مكافحة الفساد, ودراسة مجلس الوزراء لكيفية انضمام اليمن إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية. كما تحسنت استقلالية السلطة القضائية, بحيث تخلى الأخ رئيس الجمهورية عن رئاسة المجلس الأعلى للقضاء, وكذلك نفس الأمر بالنسبة للبيئة الأساسية للسلطة القضائية التي تمضي في طريقها إلى التحسن. ويشير التقرير بكل وضوح إلى أن الجميع يدركون بأن الفساد يعتبر مسألة خطيرة في اليمن, ولذلك فإنه منذ عام 2003م اتخذت الحكومة اليمنية العديد من الإجراءات القانونية والتنظيمية بغرض مكافحة الفساد, بما في ذلك الموافقة على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد وصدور قانون بها في عام 2005م. إضافة إلى ذلك يؤكد التقرير بأن الاقتصاد اليمني نما بمعدل 5% لما يقارب عقد من الزمن بعد تحقيق الوحدة اليمنية, وهو معدل معقول مقبول, كما بلغ معدل نمو نصيب الفرد من الدخل القومي 2% في الوقت نفسه تحسن مؤشر التنمية البشرية بحوالي 24% خلال الفترة نفسها بحيث وصل هذا المؤشر إلى 0.489 في عام 2003م, الأمر الذي جعله ثاني أعلى تحسن بين كافة الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة. في المقابل يرى التقرير بأنه رغم ما حققته اليمن, كما سبق ذكره, إلا أنها لم تتمكن من تحقيق كل الآمال التي برزت عشية تحقيق الوحدة اليمنية ومن المحافظة على الزخم بنفس الوتيرة, كما أنها مازالت ضمن الدول المتأخرة في الأبعاد التنموية المختلفة. ووفقاً لبيانات ميزانية الأسرة لعام 1998م, فإن 42% من سكان اليمن يقعون تحت خط الفقر, في الوقت نفسه اتسم نصيب الفرد الحقيقي من الدخل القومي بالثبات النسبي حول 530 دولار منذ عام 2002م, مع وجود قلق من ارتفاع معدل البطالة نتيجة استمرار ارتفاع معدل نمو السكان ب3% سنوياً رغم الانخفاض الذي شهده خلال السنوات الماضية من 3.5%. وقد حدد التقرير أبرز التحديات التنموية التي تواجهها اليمن في اعتماد الإيرادات العامة للموازنة على الإيرادات النفطية في ظل احتمالات انخفاضها, وكذلك في ضعف المؤسسات الحكومية وفي ضغوط معدل نمو السكان المرتفع, إلى جانب تدهور وفرة المياه العذبة وينبه التقرير إلى ضرورة معالجة هذه التحديات من خلال أجندة إصلاحات واسعة تعمل على تحقيق خمسة أهداف رئيسية تتمثل في ضمان استدامة الموازنة العامة للدولة وتحسين مناخ الاستثمار, وإرادة موارد الطاقة وموارد المياه بصورة اقتصادية ورشيدة إلى جانب معدل نمو السكان ، حيث تناول التقرير هذه المقترحات في فصوله المختلفة