كتب كل من ديفيد دالين والفريد كولاتسن سجلا لعلاقة رؤساء الولايات المتحدةالأمريكية باليهود على الأرض الأمريكية منذ قيام الدولة الأمريكية وتقلد الرئيس جورج واشنطن (1789- 1797م) كأول رئيس للولايات المتحدة لفترتين رئاسيتين و حتي نهاية حكم الرئيس بيل كلينتون (1993- 2001م) الرئيس الثاني والأربعون للولايات المتحدة، وضحا موقف كل رئيس أمريكي من اليهود في الولايات المتحدة ومن إسرائيل كدولة يهودية عنصرية, واستخدام الرؤساء الأمريكيين لمساعدين ومستشارين لهم من اليهود الأمريكان علي الشراعي كالفن كوليدج (1923- 1929م) تولى الرئاسة في 3أغسطس عام 1923م, عقب وفاة الرئيس هاردنج, ثم أنتخب رئيسا يوم 4نوفمبر عام 1924م لفترة رئاسية واحدة, وهو الرئيس الثلاثون للولايات المتحدة. وعن علاقة كوليدج باليهود فالواضح أن اليهود لم يشعروا بالسعادة نحو إعادة انتخابه نظرا لموقفه السلبي نحو الهجرة, وعقب أداء اليمين وقع على الفور قانون الهجرة عام 1924م, وبذلك زاد من تخفيض عدد اليهود الذين يسمح لهم بدخول الولايات المتحدة كمهاجرين من جنوب وشرق أوروبا بموجب قانون الطوارئ لعام 1921م, ولم تكن للرئيس كوليدح اتصالات كثيرة مع اليهود باستثناء (أدولف سيمون ولويس مارشال) ولم يشارك في الجدل الذي دار أثناء حكومته حول مهاجمة هنري فورد لاستغلال اليهود وإفساد الثقافة الأمريكية, ومع ذلك وبضغط اضطر هنري فورد أن يقدم اعتذارا منشورا عام 1925م عما سببته حملته ضد اليهود من أضرار مادية وأدبية. هيربرت هوفر (1929- 1933م) تم انتخابه عن الحزب الجمهوري عام 1929م لفترة رئاسية واحدة, وهو الرئيس الواحد والثلاثون للولايات المتحدة، وعن علاقته باليهود وبالرغم ان منافسه في الانتخابات حاكم نيويورك حصل على 80% من أصوات اليهود في الانتخابات, فقد حصل الرئيس هوفر على صداقة وتأييد عدد من زعماء اليهود البارزين منهم (لويس شتراوس) والذي كان هوفر يتشاور معه كثيرا في قضايا تخص اليهود والعداء للسامية والاهتمامات السياسية لليهود، و(يوليوس روزنوالد) أحد كبار اليهود في أمريكا من الأصدقاء المقربين والأمناء السياسيين والمساندين الماليين للرئيس هوفر، كما كان (لويس مارشال) أحد اليهود ذوى النفوذ المناصرين لهوفر وهو محام دستوري متميز ورئيس اللجنة اليهودية الأمريكية وقام الرئيس هوفر بتعيين عدد من اليهود في عدة مناصب هامة كسفراء وفي بعض المهام خاصة في اللجان المختلفة وقضاة في المحاكم العليا الأمريكية، وكان الرئيس هوفر أثناء رئاسته وبعدها يؤيد أهداف الحركة الصهيونية في فلسطين, كما كان يرى أن عداء العرب (الفلسطينيين) يمثل عقبة كؤود في سبيل توطين أعداد كبيرة من اللاجئين اليهود في فلسطين. فرانكلين روزفلت (1933- 1945م ) تم انتخابه عن الحزب الجمهوري لأربع فترات متتالية, ألقى خطاب التنصيب الأول في 4 مارس عام 1933م, وخطاب التنصيب الثاني في 20يناير 1937م, والثالث في 20يناير 1941م- خلال الحرب العالمية الثانية- والرابع في 20يناير 1945م, ولكنه توفي أثناء رئاسته في 12أبريل 1945م, وهو الرئيس الثاني والثلاثون للولايات المتحدة. وكان روزفلت الرئيس الوحيد الذى تولى الرئاسة أربع فترات متتالية. أصبح روزفلت منذ انتخابه حاكما لولاية نيويورك عام 1928م قريبا عند عامة اليهود الذين أعربوا عن حبهم البالغ له بمساعدته لاحقا على الفوز بالرئاسة حيث حصل على 82% من أصوات اليهود, ومن ثم استعان بمجموعة من المستشارين اليهود منهم (ستيفن وايز) الحاخام اليهودي المشهور, إلى جانب (فيلكس فرانكفورتر) الذي عرف بأنه صاحب أقوى نفوذ في الولايات المتحدة في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت، كذلك (هنري مورختبو) صاحب أقوى علاقة شخصية حميمة مع الرئيس روزفلت، و(روزثمان ونايلر) والقاضي (لويس براندير) والمحامي (بنجامين كوهن و(هربرت ليمان) أبرز شخصية سياسية يهودية في نيويورك. وفي 9مارس 1944م, نشرت وكالة رويترز برقية صادرة من واشنطن تتحدث إن الحاخامين الدكتور ستيفن وايز والدكتور أباهيلل سيلفر ممثلين عن الحركة الصهيونية قد قابلا الرئيس روزفلت, وقد صرح لهما بإعلان البيان على لسان الرئيس روزفلت: (إن الحكومة الأمريكية لم توافق مطلقا على الكتاب الأبيض الصادر في لندن سنة 1939م, والذي حدد هجرة اليهود إلى فلسطين.. إن الرئيس روزفلت يعلن عن سعادته لأن أبواب فلسطين سوف تفتح الآن أمام اللاجئين اليهود, وعندما يحين الوقت لتقرير شؤون منطقة الشرق الأوسط فإن الحقوق العادلة سوف تتأكد لكل هؤلاء الذين يطالبون بوطن قومي لليهود في فلسطين.. إن ذلك هدف تنظر إليه الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي بعطف عميق, والآن وأكثر من أي وقت مضى, فإن مأساة مئات الألوف من اليهود لابد وأن تلفت أنظار الجميع وأن توجههم إلى حيث العدل والخير- بحسب مسماه إرضاء للصهيونية) وقد وصف اليهود الرئيس روزفلت: بأنه من أعظم رجال القرن العشرين, ولكنه لم يكن رئيسا يهوديا أو أوروبيا, وإنما كان أمريكيا يعمل للمصالح الأمريكية، وأثناء مزاعم اليهود بمحرقة الهولوكست النازية ضدهم وصف يهود أمريكا رئيسهم روزفلت بالقول: "ينظر بعض اليهود لروزفلت اليوم ليس كبطل, وإنما كرئيس يمكن أن ينقذ ملايين اليهود من هتلر, وبدلا من ذلك تركهم لمصير أليم". هاري ترومان (1945- 1953م) مرشح الحزب الديمقراطي تولى الرئاسة في 12أبريل 1945م عقب وفاة فرانكلين روزفلت, ثم انتخب لفترة رئاسية كاملة عام 1948م, وهو الرئيس الثالث والثلاثون للولايات المتحدة وعن علاقة ترومان باليهود, فبالرغم من عجزه عن اتخاذ إجراء بسبب معارضة مستشاريه في وزارة الخارجية والعسكريين لسياسته في الشرق الأوسط. أظهر ترومان قلقا حقيقيا بمصير اليهود الذين تعرضوا للمعاناة في اوروبا ومساعدته لضحايا اليهود من الاضطهاد الالماني لهم خلال الحرب العالمية الثانية، وقد أيد ترومان عن إمكانية قبول مائة ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين، ولم يكن على ترومان أن يقاتل مستشاريه من أعداء الصهيونية في حكومته بل رضخ لضغط زعماء الصهيونية من أجل سرعة العمل لمعالجة محنة اللاجئين اليهود في تأييد جعل فلسطين وطنا لليهود، ليوافق الرئيس ترومان في أغسطس عام 1945م- وهو نفس الشهر الذي أصدر أوامره لألقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين- على اقتراح يدعو إلى قبول بريطانيا لعشرة آلاف لاجئ يهودي في فلسطين، وفي 4أكتوبر 1946م وجه الرئيس الامريكي ترومان تحيته السنوية إلى اليهود الامريكان بمناسبة عيد الغفران وفيها زكى فتح باب هجرة اليهود إلى فلسطين على مصرعيه دون انتظار لحل المشكلة وطالب بدخول مائة ألف يهودي إلى فلسطين في الحال وتقسيم فلسطين وفقا للمقترحات التي طالبت بها الوكالة اليهودية وفي رده ترومان أن مساندة قيام دولة يهودية كانت دائما من الخطوط الرئيسية للسياسة الأمريكي. 11 دقيقة ! مارست الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة ضغوطا شديدة بحكم سيطرتها على اجهزة الإعلام وعلى كثير من الشركات الرأسمالية من اجل دفع الحكومة الامريكية إلى تبني وجهة نظرها وتحقيق مخططاتها نحو فلسطين, وقد تمكنت الحركة الصهيونية من الحصول على تأييد الحزبين الديمقراطي والجمهوري لأهدافها، حيث وصل الأمر أن يطلب الرئيس ترومان في عامي 1945 - 1946م من المستر (أتلي) رئيس الوزراء البريطاني أن يسمح على وجه السرعة بدخول مائة ألف لاجئ يهودي إلى فلسطين مغادرين من أوروبا, دون الأخذ في الاعتبار مصالح العرب. وانتهي الأمر باعتراف الولايات المتحدة في 15مايو 1948م بقيام الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين رغم معارضة وزارة الخارجية الأمريكية, وقال ترومان: "كان من المناسب بصفة خاصة أن تكون حكومتنا أول من يعترف بدولة إسرائيل" في مقدمة كتاب (التاريخ اليهودي عبء ثلاثة آلاف سنة) كتب الأديب الأمريكي (جور فيدل) على لسان الرئيس الأمريكي جون كينيدي, أن الرئيس هاري ترومان كان يشعر بالإحباط أثناء ترشيحه للرئاسة في انتخابات 1948م, لأن معظم أصدقاء سلفه روزفلت قد تخلوا عنه لاعتقادهم في ضعف فرص نجاحه, وقد ساءت معنوياته تماما إلى أن جاء يوم ظهر أمامه فجأة أحد الناشطين في الحركة الصهيونية في محطة توقف عندها قطار حملته الانتخابية, ثم قدم إليه في سرعة حقيبة يد فيها مليوني دولار نقدا وهو يرجوه اعتبارها مساهمة في حملته الانتخابية, وقد ختم فيدال عبارته أن كينيدي قال له في النهاية: "وهكذا اعترفنا بدولة إسرائيل قبل إعلان قيامه"!. لهذا كان موقف الرئيس ترومان من اليهود وفلسطين مثار امتنان وسعادة لدى اليهود الأمريكيين والحركة الصهيونية العالمية. فهو إلى جانب تأييده لمشروع تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب الصادر عن الاممالمتحدة رقم(181) لعام 1947م, فإنه كان أول من اعترف بقيام كيانهم في فلسطين. ففي 15مايو 1948م أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي هاري ترومان منح اعترافا دبلوماسيا للدولة الجديدة (إسرائيل) وذلك بعد إحدى عشرة دقيقة من قيامها, واعترافا بفضل ترومان أثنى عليه حاخام إسرائيل الأكبر وربت على كتفه قائلا له: (لقد وضعك الله في رحم أمك كي تعيد إنشاء إسرائيل). مذابح بتأييد أمريكي وكان ترومان داعما للعصابات الصهيونية في معارك حرب عام 1948م. ففي عهده حدثت مجازر ومذابح للفلسطينيين وتشريدهم وتهجيرهم من أراضيهم وإلى اليوم مازالت قضية اللاجئين قائمة لم تحل بعد. بل نجد ما يحدث اليوم منذ أكثر من سبعة أشهر لسكان غزة من حرب وإبادة جماعية ومجازر مروعة على مسمع وأبصار العالم وفي محاولة لتهجيرهم لتصفيه القضية الفلسطينية بتواطؤ امريكي – غربي وبمساعدات سياسية واقتصادية وعسكرية ودبلوماسية وإعلامية, إلى جانب صمت وخيانة زعماء العرب بشكل مذل لم يسبق له مثيل إن لم يكن بتواطؤ منهم أيضا - !. كذلك دعم ترومان الكيان الصهيوني في حربه مع الجيوش العربية التي دخلت فلسطين بعد إعلان الكيان الصهيوني الغاصب دولته بما عرف بنكبة 1948م. ولم يكتف ترومان بدعم الصهيونية- اليهودية بتأييد قيام كيانهم الغاصب وتشريد شعب فلسطين من أرضه ووطنه, فبعد عام من قيام الكيان الصهيوني وتحديدا في 11مايو 1949م, تم فرض الكيان الصهيوني بالقوة على منظمة الاممالمتحدة تحت ضغط شديد من أمريكا فقبلتها الأممالمتحدة عضوا, لكن بشروط ثلاثة : أولا: عدم المساس بوضع مدينة القدس. ثانيا: السماح للعرب الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم. ثالثا: احترام الحدود التي وضعها قرار التقسيم رقم(181) لعام 1947م. ونتيجة للمذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين فر كثيرون من نساء وشيوخ وأطفال فلسطين ولجأوا إلى الدول العربية المحيطة بفلسطين وإلى الضفة الغربية لنهر الأردن التي صارت تحت الإدارة الأردنية وإلى قطاع غزة التي صارت تحت الإدارة المصرية. وهنا تبنت الولايات المتحدة فكرة تكوين هيئة تابعة للأمم المتحدة تعنى بإغاثة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين الذين طردهم الكيان الصهيوني من أراضيهم بعد حرب 1948م, وسارعت الولايات المتحدة بالاشتراك مع انجلترا وفرنسا بإصدار ما عرف (بالتصريح الثلاثي) في 25مايو1950م بضمان حدود دول الشرق الأوسط. وهذا معناه ضمان حدود الكيان الصهيوني وتهديد للعرب إذا حاولوا مهاجمه الكيان الصهيوني. شراء سيناء وكذلك في نفس العام 1950م وقبيل انتهاء العصر الملكي في مصر, رغبت الولايات المتحدةالامريكية في إيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين والتي كانت في مهدها آنذاك. فقامت واشنطن بعرض مشروع على الملك (فاروق) بأن تقوم الولايات المتحدةالأمريكية بشراء شبه جزيرة سيناء مقابل مبلغ يتم التفاوض بشأنه على أن تقوم بتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها, فرفض الملك فاروق ذلك العرض بشكل حاسم- ليدفع بعد ذلك ثمنا لرفضه سقوط عرشه وسلطته وحكمه, حيث أيدت الولايات المتحدة بوضوح تغيير النظام الملكي في مصر بثورة عسكرية عام 1952م, لتؤجل قضية اللاجئين وسيناء حتى توجد نظاماً موالياً لها في مصر, ويبدو اليوم من عدوان غزة واحداث رفح أن نظام مصر أكثر طوعا واستجابة لتحقيق هدف امريكا خدمة للصهيونية - اليهودية والذي اجل منذ 72عاما.