تعتبر حرب العدو الاسرائيلي على قطاع غزة هي الحدث الأبرز في الشرق الأوسط والعالم بكل تداعياته وابعاده ونتائجه واثاره بل انه الحدث الذي عمل على تمييز العالم بين عدو خفي وواضح ولهذا فإن من يقرأ المشهد اليوم سيجد ان التجاذبات والاختلافات الاقليمية والدولية سقطت في مواقف مؤيدة ومعارضة وبين دول نحت نحو التأييد الصريح لاسرائيل واخرى لفلسطين ودول ظلت تنادي بالواضع الانساني واخرى نفاقية مبطنة بالدعم لاسرائيل. وفي هذا المقال سنتناول الموقف الروسي الذي كان هذا العدوان على قطاع غزة هو المستفيد الأول والأكبر ولصالحه جملة وتفصيلا. من ينظر الى الموقف الروسي في الحروب السابقة سيلقاها متباينة ما بين صمت وتأييد مبطن لأحد الاطراف وما بين الميول نحو الجوانب الانسانية على عكس الموقف من حرب غزة الحالية والتي اتخذت موقف صريح وواضح من هذه الحرب بالادانة والاستنكار بل وحتى الاعتراف بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو حل أمثل وضمان أمان لاستقرار الشرق الأوسط بل وحتى عملت على اتخاذ موقف في مجلس الامن الدولي والقارئ للواقع العالمي والموقف الروسي سيجد عدة أسباب رئيسية جعلت من روسيا تتخذ هذا الموقف وهما كالتالي :- 1. الحرب الروسية/الأوكرانية :- تعلم روسيا يقينا ان الدعم الغربي لاسيما الامريكي هو ما جعل القوات الاوكرانية تقف بشكل قوي امام الالة العسكرية الروسية وبالتالي اشغال الولاياتالمتحدةالأمريكية في دعم اسرائيل سيقلل ويخفف من الدعم لأوكرانيا. 2. ارادت روسيا نقل أعين العالم نحو الشرق الأوسط تحديدا نحو حرب غزة ما سيجعلها تستفرد بأوكرانيا وتقصف وتقوم بعمل لربما سيكون من الصعب القيام به فيما لو ظل الرأي العام السياسي والعالمي نحو أوكرانيا والحرب الدائرة في تلك البقعة الجغرافية. 3. الهيمنة الأمريكية :- ارادت روسيا اشغال الولاياتالمتحدة في جبهتين مختلفتين كلاهما قويتان ومهمتان لها الاولى اوكرانيا والثانية اسرائيل وبالتالي تعلم روسيا علم اليقين ان هزيمة الولاياتالمتحدة في هذه الجبهتين يعني ضربة لا سابقة لها في خاصرة الهيمنة الأمريكية على العالم وخطوة قوية وكبيرة نحو الاتجاه لنظام عالمي متعدد الاقطاب. 4. ارادت روسيا من موقفها القوي من عدوان اسرائيل على غزة احداث تقارب فعلي وقوي ومتقدم من العالم الاسلامي ككل والعرب تحديدا باعتبار التواجد في الشرق الاوسط يعتبر مهم جدددا للسيطرة العالمية وكذلك باعتبار الشرق الأوسط مركز ومنبع للثروات وأن التحالف معه هو عنصر اساسي وجزء لا يتجزء من الهيمنة الامريكية وبالتالي كسر هذا العنصر هو بداية النهاية للهيمنة الأمريكية ودخول روسيا في تحالفات مع دوله الشرق الأوسط هو بداية البداية لعالم متعدد الاقطاب. 5. الرد على اسرائيل :- روسيا هي دولة ان صح القول حقودة سياسياً وبالتالي لن تنسى الموقف الاسرائيلي في دعم اوكرانيا والانجرار بعد الولاياتالمتحدة وهذه فرصة لا تعوض لروسيا لصفع الخد السياسي الاسرائيلي. في الختام في السياسة لا توجد صداقة او عداوة دائمة بل ان القاعدة السائدة هي المصالح أم المواقف فأينما وجدت المصلحة كان الموقف وان الموقف الروسي وان كان لصالح القضية الفلسطينية اليوم لا يعني ذلك انه سيكون لصالحها غداً بل انه لا يعفي روسيا من جرائمها في سوريا ولا يعني ذلك انه ليس لها اجندة سياسية وتوسعية في منطقة الشرق الأوسط بل هي مصالح تتحول وتتبدل وفق العقلية والمصلحة الروسية وسياستها التوسعية والسعي نحو اهدافها الاستراتيجية.