لأنَّ الدعم البريطاني لصنيعته المتمثلة في الكيان الصهيوني الغاصب -لا سيما في حربه الأخيرة- معدد المظاهر والجوانب، فقد اقتصر حديثي في الحلقة الماضية من المقال على الدعم العسكري والدعم اللوجستي، وسأقتصر في هذا المقال -بطبيعة الحال- على ما يأتي: 3- الدعم السياسي: لم نرَ الدور البريطاني إلَّا متخندقًا في خندق دعم الكيان الصهيوني، وقد تجاوز دعم «بريطانيا» ل«كيان العدوان» -بعد اندلاع «طوفان الأقصى»- كل مستوى قياسي، وقد أشير ذلك الدعم بصورة إجمالية -في طيات التقرير السياسي الموسع الذي نشرته «وكالة الصحافة اليمنية» في ال10 من مايو الفائت- في الفقرات التالية: (قام رئيس الوزراء البريطاني «ريشي سوناك» في أكتوبر 2023 بزيارة إلى "إسرائيل" التقى خلالها رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» والرئيس الإسرائيلي «يتسحاق هرتسوغ» وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني "إنه قدم تعازيه في الأرواح التي سقطت في "إسرائيل" وغزة منذ الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر".. وفي الشهر نفسه اعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة «سويلا برافرمان» المظاهرات المؤيدة لفلسطين في العاصمة لندن "مسيرات كراهية"، وذلك بعد خروج الملايين في بريطانيا في مظاهرات حاشدة ترفض الحرب على قطاع غزة، وتطالب بوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني. بالتزامن زار وزير الخارجية البريطاني «جيمس كليفرلي» إسرائيل ليعلن التضامن معها ضد «طوفان الأقصى»، وقام بزيارة بعض المستوطنات الإسرائيلية التي شهدت هجومًا من المقاومة الفلسطينية. وقد استمر الدعم البريطاني للاحتلال بدليل أنَّ لندن أوقف تمويلها لمنظمة الأونروا استجابة للضغوط الإسرائيلية، ففي يناير 2024 أعلنت بريطانيا أنها "ستعلق مؤقتًا أي تمويل مستقبلي" لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وأعربت وزارة الخارجية البريطانية عن "الاستياء إزاء المزاعم حول تورط موظفين في (الأونروا) في هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل"، وهي المزاعم التي روجتها إسرائيل حول العالم. لقد بات كل شيء في بريطانيا يدور في فلك الدعم الإسرائيلي للحرب على قطاع، حتى أنَّ مركز الرصد الإعلامي التابع للمجلس الإسلامي في بريطانيا كشف في مارس 2024 أنَّ وسائل الإعلام بالمملكة استخدمت لغة منحازة لإسرائيل بخصوص الهجمات على قطاع غزة). 4- الدعم الاستخباراتي التجسسي: مع أنَّ دعم «بريطانيا» ل«كيان العدوان» في ما يخوضه -منذ عام- من معمعان إبادة السكان دعم متجدد وشامل لكافة الصُّعد، إلَّا المساهمة الاستخباراتية البريطانية -بالنظر إلى ما ترتب عليها من نتائج ميدانية كارثية يندى لها جبين الإنسانية- تتسم بقدرٍ من التفرُّد، وسأقتصر -أثناء تناولها لكثرة ما نشر عن تزامنها مع الساعات الأولى ل«الطوفان» واستمرار علو وتيرتها إلى الآن- على عدد محدد من الشواهد، فقد أشير إلى طلائع الدعم الاستخباراتي البريطاني للكيان الصهيوني في سياق تقرير «نهاد ذكي» التساؤلي المعنون [من السفن الملكية إلى طائرات التجسس.. كيف دعمت بريطانيا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟] الذي نشره «الجزيرة نت» في ال17 من ديسمبر الماضي بما يلي: (بحلول نوفمبر، ذكر مسؤولو وزارة الدفاع أنَّ المملكة المتحدة نشرت ما مجموعه 12 طائرة عسكرية بريطانية لتحسين مهام المراقبة والاستطلاع في الحرب الدائرة على القطاع، وكانت وزارة الدفاع البريطانية قد صرحت أن تلك الطائرات العسكرية قدمت دعما استطلاعيا لإسرائيل عن طريق تسيير رحلات لمراقبة شرق البحر المتوسط، كما شملت مهامها منع نقل الأسلحة إلى حركات المقاومة الفلسطينية.. كان من بين هذه الطائرات الاستطلاعية "بوسيدون بي 8، وهي طائرة استطلاع بحري طويلة المدى ومتعددة المهام تنتجها (6) شركة "بوينغ" للصناعات الدفاعية تتميز "بوسيدون" (7) بمجموعة من أجهزة الاستشعار الرادارية خاصة بمهام الاستخبارات البحرية، من بينها رادار متعدد المهام من طراز (APY-10)، ونظام استشعار صوتي وأنظمة الدعم الإلكتروني (ESM)، كما أنها مزودة بخاصية رسم خرائط عالية الدقة، ولديها القدرة على إعادة التزود بالوقود جوًّا أثناء الطيران). وذكرت مهمة استخباراتية بريطانية لصالح القوات الصهيونية في مستهل المتابعة الإخبارية المعنونة [بريطانيا نفذت 50 طلعة فوق غزة لتوفير معلومات استخباراتية لإسرائيل] الذي نشرها موقع «TRT عربي» في ال21 من يناير الماضي على النحو التالي: (نفذ سلاح الجو البريطاني 50 طلعة استطلاعية فوق سماء قطاع غزة، مستخدماً طائرات من طراز "Shadow R1"، لتقديم معلومات استخباراتية لإسرائيل. وقالت صحيفة Declassified UK الاستقصائية إنَّ الطائرات أقلعت من قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية جنوبي قبرص اليونانية). تنويه وجيه: أعلن كيان العدوان يوم الخميس عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» المجاهد المغوار «يحيى السنوار»، وقد يظن بعض القراء الكرام أنَّ هذا الحدث الشديد الإيلام مرَّ عليَّ -بسبب اضطراري إلى الاستمرار في نشر حلقات مقال [مظاهر الدعم البريطاني للكيان الصهيوني...] على سبيل الالتزام- مرورَ الكرام، لذا لزم التنويه إلى أنني قد تناولت فاجعة استشهاد هذا القائد الجدير بالإكبار والإجلال في موقع «عرب جورنال»، وبإمكان أيٍّ كان الاطلاع على ما كتبته في هذا الشأن تحت عنوان (استشهاد القائد المغوار يحيى السنوار مهندس معركة «الطوفان» ومزلزل أركان «دولة الكيان»). ... يتبع في العدد القادم.