رغم اختلال موازين القوى لصالح كيان العدو الصهيوني، إلا أن ذلك لم يمنحه إمكانية تركيع المقاومة الفلسطينية، التي أظهرت على مدار أكثر من 15 شهرًا تفوقا واضحا وقدرة على تغيير المعادلات على الأرض، الأمر الذي كانت أبرز ثماره إرغام الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية على القبول باتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ صباح أمس الأحد وتلبية كامل شروط المقاومة الفلسطينية وجبهة الإسناد اليمانية الأبية اللتين أكدت صمودهما وأكدت مواقفهما أن المقاومة ليست في واقع تراجع أو ضعف وعلى العدو الصهيوني أن يعيد حساباته جيدًا وينتظر لحظة رحيله من كافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة.. تفاصيل في السياق التالي : طلال الشرعبي دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين كيان الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في غزة حيز التنفيذ في تمام الساعة 8:30 صباح يوم أمس الأحد. ووفقا لإعلان رئيس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن، مساء الأربعاء الماضي عن نجاح جهود الوسطاء (الدوحة والقاهرة وواشنطن) في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.. يتكون الاتفاق من ثلاث مراحل مدة كل منها 42يوما، ويتضمن وقفا للعمليات العسكرية، وانسحاب جيش الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة وفتح معبر رفح وتعزيز دخول المساعدات عبره. وينص الاتفاق، في مرحلته الأولى التي تمتد ستة أسابيع، على الإفراج عن 33 أسيراً صهيونياً بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات مقابل أن تُفرج سلطات الاحتلال عن 737 معتقلا فلسطينيا. مشهد انتصار عظيم ومع بدء سريان وقف إطلاق النار باعتباره أول بنود الاتفاق ترددت أصداء تكبيرات الانتصار في غزة احتفالًا بسريان وقف إطلاق النار وبدأ أبطال وأحرار غزة يعودون إلى منازلهم رغم الدمار الواسع الذي لحق بمدينتهم العصية في مشهد انتصار عظيم يدل على بقاء وصمود المقاومة وبقاء مؤسسات حماس رغم الحرب الطويلة . وتوجهت حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى الشعب الفلسطيني العظيم في غزَّة البطولة والصمود بأسمى عبارات التحيَّة والفخر.. قائلة: "نجدد العهد معه، بأن نكون الأمناء على حقوقه والمدافعين عنها، حتّى التحرير الكامل للأرض والمقدسات." وفي بيان لها دعت الحركة، كلّ العالم اليوم إلى ضرورة أن يقف إجلالاً للصمود الأسطوري لأهل غزَّة، وتقديراً لصبرهم وتضحياتهم على مدار 471 يوماً. وقالت: "مع دخول وقف إطلاق النَّار؛ نؤكِّد التزامنا بتنفيذ بنود الاتفاق، الذي هو ثمرة صمود وصبر شعبنا العظيم، والثبات الأسطوري لمقاومتنا الباسلة أمام آلة الإرهاب والقتل الصهيونية". وشددت على أن الأسرى الأبطال على موعدٍ مع الحرية، وهو عهدُها الثابت معهم دوماً، حتّى يكسروا أغلال السجَّان ويتنسموا الحريَّة في سماء فلسطين. وأضافت: "نتابع عمليات إدخال المساعدات وإغاثة شعبنا بكل ما يلزم، ونؤكّد بذل الجهود كافة لتوفير كل متطلبات الدعم والإسناد اللازمة لإعادة دورة الحياة في قطاع غزة إلى طبيعتها." إطلاق نحو 90 أسيرا فلسطينيا ووفقا لبنود الاتفاق خلال يومه الأول أعلن المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة أنه في إطار صفقة تبادل الأسرى سيتم إطلاق سراح ثلاث أسيرات صهيونات "قرّرت كتائب القسام الإفراج عنهن وهن الأسيرات: رومي جونين وإميلي دماري ودورون شطنبر خير" وسيطلق كيان الاحتلال سراح 30أسيرا فلسطينيا مقابل كل أسير صهيوني أي إطلاق نحو 90أسيرا فلسطينيا من سجون مختلفة بينهم محكومون بأحكام مشددة، سيتم نقل 70منهم إلى الضفة الغربية و20 إلى القدس الشرقية . وفي هذا السياق أعلنت هيئة البث الصهيونية أنه سيتم إطلاق سراح 90 أسيرًا فلسطينيًا 78 من الضفة الغربية و12 من القدس. إلى ذلك أعلن مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين أن الأسماء ال90 ضمن قائمة متفق عليها تشمل 120 اسما من الفئة ذاتها. وتشمل تفاصيل اليوم الأول من الاتفاق انسحاب قوات الاحتلال إلى خارج المناطق السكنية، وتعليق حركة الطيران الصهيوني فوق غزة لمدة 12 ساعة، وفي هذا السياق بدأ جيش الاحتلال سحب آلياته من وسط مدينة رفح إلى محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر وأعلنت إذاعة جيش العدو الصهيوني، أن الكتيبة 932 التابعة للواء ناحال انسحبت من قطاع غزة. بدء تدفق شاحنات الإغاثة ووفقا للاتفاق القاضي ببدء المساعدات الإنسانية بالتدفق لغزة بمعدل 600شاحنة يوميا وحتى لحظة كتابة هذا التقرير تحدثت تقارير محلية عن بدء تدفق شاحنات الإغاثة حيث تم وصول نحو مئتي شاحنة منذ صباح يوم أمس وسط توقعات ببلوغها ال500 مع نهاية اليوم وهو المعدل اليومي المشمول بالصفقة. إلى ذلك بدأت بلدية مدينة رفح تعود لعملها وتعمل على إزالة الركام وفتح الطرقات بالتزامن مع استمرار تردد صدى أصوات مآذن ما تبقى من مساجد غزة التي تصدح بتكبيرات النصر. تحية إجلال لليمن العظيم وبالتزامن مع احتفالات أهالي غزة بالانتصار الكبير تعددت مواقف الإشادة والشكر والتقدير لليمن العظيم قيادة وشعبا على موقفه الداعم والمساند لغزة. وفي هذا السياق وجه رئيس حركة حماس القائد خليل الحية: نستذكر بكل كلمات الشكر والامتنان، كلَّ من وقف معنا في جبهات الإسناد وعلى راسهم الأخوة في اليمن إخوان الصدق الذين تجاوزوا البعد الجغرافي وغيّروا من معادلة الحرب والمنطقة وأطلقوا الصواريخَ والمُسيَّرات على قلب العدو"إلى ذلك وجه الأمين العام ل"حزب الله" اللبناني الشيخ نعيم قاسم، التحية إلى "اليمن السعيد وزعيم حركة "أنصار الله" وقائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي والشعب اليمني المُقاوم النبيل والشجاع والصامد، لما قدّموه من تضحيات ويدهم على الزناد من أجل فلسطين. وقال: نحيي اليمن السعيد وقائد الثورة والشعب المقاوم لما قدّموه من تضحيات لأجل فلسطين. إلى ذلك قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة: مشاركة اليمن في معركة طوفان الأقصى معنا ستبقى علامة فارقة لدى شعبنا وأمتنا ولا يمكن أن ننسى إخواننا في اليمن الذين رغم بعد المسافة كان حضورهم في المعركة فاعلا ومجديا ومؤثرا. من جهته قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان: انتصار السيد عبدالملك الحوثي لغزة جاء من واقع قيمي وأخلاقي ومبادئ وقناعات وهذا هو القائد الذي ينتصر مهما كانت التحديات ومنذ اليوم الأول قال لغزةولفلسطين لستم وحدكم. ووجه الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس المبادرة الفلسطينية رسالة الى الشعب اليمني قال فيها: أريد أن يسمعني كل شخص في اليمن أرجو أن تعرفوا أن الشعب الفلسطيني بكله وبكل مكوناته يقف اليوم احترامًا وتقديرًا وفخرًا بكم وبما فعلتموه لشعب فلسطين وهذا الموقف المشرف والأصيل والعظيم والمؤثر لن ننساه أبدا". ووجه الناشط الفلسطيني المعروف أدهم أبو سلمية الشكر لليمن واليمنيين، وقال في تغريدة له : «اليمنيون أصل العرب وجوههم بيضاء، لهذا لن ينسى الفلسطينون إسنادهم وتضحياتهم من أجل وقف العدوان على غزة». ونشر في تغريدة ثانية صورة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وكتب معلقاً على الصورة: «سيد القول والفعل، وأصدق من قال لستم وحدكم، ومن وقف مع غزة حتى النصر.. تحية إجلال وتكريم من غزة الصامدة اليكم يا يمن العروبة». اعتراف إسرائيلي بالهزيمة أقرّ ما يسمى برئيس مجلس "الأمن القومي" الصهيوني سابقاً، غيورا آيلاند، بأنّ الحرب "انتهت بفشل مدوٍّ لإسرائيل، وأنّ حماس انتصرت".. بعد نحو 470 يوماً على حرب الإبادة الجماعية التي شنّها العدو على قطاع غزة، والتي كان القضاء على المقاومة أحد أهدافها المعلنة. وجاء كلام آيلند في حديث إلى "القناة 7" الصهيونية، مساء السبت، ليُضاف إلى ما اعترف به سابقاً، بشأن عدم تمكّن كيان الاحتلال من تحقيق الأهداف التي حدّدها من الحرب، بحيث "تتعافى حماس من الضربة القاسية التي تعرضت لها، ولن يعود كل الأسرى، ولن تقضي "إسرائيل" على سلطة حماس". بالتوازي مع ذلك، وقبيل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، شهدت "تل أبيب" مظاهرةً للمستوطنين ضدّ صفقة تبادل الأسرى، حيث حصلت مواجهات مع الشرطة، التي استخدمت المياه ذات الرائحة الكريهة من أجل تفريق المحتجين، على "طريق بيغن". وبحسب ما نقلته منصة إعلامية صهيونية، اعترض المحتجون على دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.. مطالبين بعدم السماح بحصول ذلك، إذ إنّ الصفقة "ستحرر مئات الأسرى الفلسطينيين، وستضيع إنجازات الحرب، وتؤدي إلى الهجوم (المماثل ل"طوفان الأقصى" في ال7 من أكتوبر) المقبل". وبحسب إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي: فإن وزراء وسكرتير الحكومة الإسرائيلية بكوا أثناء جلسة التصديق على الصفقة. الخلاصة وتبقى الخلاصة أنه ورغم تساؤل الكثيرين حول ما سيتم تنفيذه من بنود الاتفاق وبالنظر إلى تفاوت القوى العسكرية بين العدو الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، فإن اتفاق وقف إطلاق النار لم يكن مجرد تبادل للأسرى، بل هي شهادة قوية على أن المقاومة في غزة، رغم الحصار والعدوان المستمر، لم تحقق فقط انتصارات عسكرية، بل نجحت أيضًا في تغيير معادلة الردع ووضع الكيان الغاصب في مأزق داخلي ودولي. كما تؤكد القراءة التحليلية لتداعيات وتفاصيل المشهد أن غزة قد انتصرت انتصارا أسطوريا وأن الاتفاق قد مثل تتويجا لما أنجزته المقاومة، وليس مجرد إنهاء لجولة من العدوان، بل هو جولة من جولات النصر والوعد الإلهي الصادق بأن يكون انتصار غزة أول قطرات غيث التحرير الكامل لكافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة.