العميد الركن د\ حسن حسين الرصابي/ يرى استراتيجيون دوليون ان دولة أمريكا قائمة على قوتها البحرية واساطيلها البحرية المنتشرة في امتداد الكرة الأرضية وبحارها ومحيطاتها ويؤكدون انها تمثل الهيمنة المتكاملة الاقتصادية والسياسية والعسكرية ومن المعروف عالمياً بحجم القوات البحرية الأمريكية والاهتمام الذي يحظى به هذا القطاع حيث تتمتع الولاياتالمتحدةالأمريكية بتفوق عسكري في جميع المجالات لكن في مجال البحرية تتقدم بمعدل كبير على منافسيها فما أهمية البحرية في الجيش الأمريكي؟ . يفوق جيش البحرية الامريكي في ميزانيته الإنفاق العسكري الكامل للصين أما القوة الجوية لسلاح البحرية الأمريكية فتعد ثاني أكبر قوة جوية في العالم بعد سلاح الجو الأمريكي نفسه مما يدل على أن الأمريكان مهتمون بعسكرة مياه المحيطات والبحار على مستوى العالم بصورة مبالغ فيها والغرض من كل ذلك هو فرض الهيمنة واستعباد الانسانية ولكنها مع ذلك تتعثر حينما تواجه بعقيدة واصرار فما حدث للقوات البحرية في البحر الأحمر لهو صفعة غير محسوبة لهذه القوات الهائلة والهيكل المتسع والمحاصر بكره وعداء الشعوب قاطبة . . ومعروف ان النفوذ البحري الأمريكي يمتد إلى محيطات العالم أجمع وفي بحار ها العديدة .. وأبرز المواقع الجغرافية التي تهم النفوذ الأمريكي .. المحيط الهندي الذي يوفر لها شبه السيطرة على شبه القارة الهندية ويسهم في امكانية النفوذ على المنطقة العربية وإلى مناطق جنوب القارة الاسيوية ومناطق الجنوب الإفريقي المطل على المحيط الهندي قواعد المحيط الهندي وفروعه : أولاً: قواعد البحر الأحمر في كل من الكيان الصهيوني ومصر والاردن والسعودية والسودان وإرتيريا وجيبوتي : - ان اسرائيل كما نعرف هي ذراع امريكا الممتد الى منطقتنا العربية وهي تشكل المفصلية بين قواعد الغرب في المتوسط واوروبا وبين قواعدها في المحيط الهندي فكل قواها البشرية والعسكرية وموانئها ومطاراتها ومخازنها وورشاتها المختلفة وعينها ونظرها .. أي كيانها بجملته يقع تحت تصرف أمريكا . ومن أهم المواقع في فلسطينالمحتلة مطاران في النقب وميناء آيلة "ام الرشراش" ومن أهداف أمريكا وإسرائيل ظم خليج العقبة المينا ومطارها والمنشآت وهو يشكل أهم العقد الاستراتيجية في العالم وتبدأ قصته المحزنة من يوم نفذت أمريكا مؤامراتها اللئيمة بفتح مضائق شرم الشيخ أمام الملاحة الاسرائيلية بعد عدوان 1956م على مصر وتبع ذلك أخيراً بسلخ جزر تيران وسنافي من السيادة المصرية وتسليمها للسعودية عام 2016م لظم ذلك مع رأس بنياس "بناس" المصري ليكون أهم القواعد وأهم مرسى لحاملات الطائرات وتكديس الأسلحة والذخائر فيه والتحصينات القوية ليكون قاعدة قوية على مدخل البحر الأحمر الشمالي للولايات المتحدة ومعسكر متقدم للكيان الصهيوني وقد وافق مجلس الشيوخ على تخصيص ميزانية تقدر بأربعة مليارات دولار لهذا المشروع وقد توقف المشروع مؤقتاً بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد بين الكيان ومصر واتفاقية وادي عربة مع الأردن وحصول أمريكا على تسهيلات عسكرية في مصر والأردن .. لكن في عهد بوش الأبن بدأ نقاش حول الموضوع من قبل اللجنة العسكرية الفرعية في مجلس الشيوخ وفي رئاسة ترامب الأولى تم مطالبة نتنياهو رئيس وزراء الكيان بإحياء هذا المشروع واطلاق المبلغ المخصص ليبدأ العمل ونتوقع بأن في رئاسة ترامب الثانية قد يتم تنفيذ المخطط وقد يدفع ترامب اخراج المخطط إلى حيز التنفيذ وخاصة بأن القاعدة ستكون في موقع استراتيجي على البحرين الأحمر والبحر الأبيض المتوسط في حالة تنفيذ المخطط كاملاً بشق قناة بن غوريون الاستراتيجية للكيان المحتل لخنق مصر اقتصادياً المهم إن الهدف قائم وينفذ ببطء حتى الوقت المناسب .. مع العلم بأن مصر السيسي يقدم حالياً كل مطارات بلده وموانئها لتسهيل التحركات الامريكية ولدولة الكيان الصهيوني وخاصة بعد 7اكتوبر والحصار البحري على خلفية ذلك كذلك تقدم السطات المصرية المتعاقبة منذ 1981م تسهيلات كاملة للولايات المتحدة للتحركات في المنطقة واقامة المناورات المشتركة على أرض مصر .. ويقال ان النظام في السودان بقيادة البرهان وعد أخيراً بتقديم تسهيلات لبناء قاعدة على تخوم البحر الأحمر في سواكن وقاعدة في الفاشر على الحدود مع تشاد وتدل القرائن ان أمريكا تدرس تنفيذ هذه القواعد في القريب العاجل خدمة للكيان الصهيوني مع العلم بأن البرهان قد عرض على الكيان المحتل وضع كل منشآت بلاده تحت تصرف الكيان بما في ذلك التطبيع .. ولأهمية الخليج العربي الجيوستراتيجية وكذا كونه مخزن الطاقة العالمية وتوسطه الجغرافي كان مطمعاً للأمريكان الذين تحركوا وعملوا على توقيع اتفاقيات عسكرية مع الأنظمة الخليجية وحرصت أمريكا أن تنشر قواتها وقواعدها في دوله دون استثناء وكما أسلفنا يرابط في قاعدة الجفير البحرية الشاطئية في البحرين القيادة المركزية للقوات البحرية الامريكية في الشرق الأوسط ومقر الأسطول الخامس الأمريكي وبالتحديد في قاعدة الشيخ عيسى الجوية بالمنامة وقد استخدمت على نطاق واسع في الحرب على أفغانستان .. وكما يوجد للأمريكان قواعد في كل دول الخليج فالولاياتالمتحدة لها قواعد وتسهيلات في السعودية وتواجد بشري يزيد وينقص بحسب الأوضاع والمشيئة الأمريكية سواءً في البحر أو البر .. وكذلك قواعد في كل دول الخليج العربي دون استثناء كما ذكرنا وإن شاء الله نتناول ذلك لاحقاً بالتفصيل.. قاعدة مومباسا في كينيا على المحيط الهندي غير بعيدة عن خليج عدن . قاعدة فرنسية في جيبوتي تقدم تسهيلات للتواجد الأمريكي فيها . قاعدة في إرتيريا مشتركة مع الكيان الصهيوني . قاعدة غوادر الباكستانية على بحر العرب بالقرب من الحدود الإيرانية . قاعدة ديغوسواريس في مدغشقر. قاعدة ديغو غارسيا جزيرة مرجانية في وسط المحيط الهندي إلى الجنوب من الساحل الهندي وسيرلانكا وكانت في الأصل من الممتلكات البريطانية وقد طورتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بأكثر من عشرين مليار دولار وهي قاعدة بحرية وجوية وبرية فيها مستودعات الإمدادات من كل الانواع لمختلف صنوف الأسلحة وورشات الصيانة وتموين الغواصات وحاملات الطائرات والسفن الحربية كما يوجد التحصينات والمخابئ الذرية ومنصات اطلاق الصواريخ العابرة للقارات وغيرها من الصواريخ الاستراتيجية ومتوسطة المدى ووسائل الحرب الإلكترونية والدفاع الجوي وقد تسلمتها امريكا من بريطانيا في العام 1971م وماتزال الموازنات العسكرية الأمريكية تصرف المليارات على زيادة التحصين وتوسيعها وفي تجهيزاتها وهي من أعظم وأكبر القواعد في العالم بعد إسرائيل وهي العصا الغليظة على القارة الهندية والمحيط وامتداداته البحرية وفيه القيادة والسيطرة والمقر الرئيسي لقيادة المحيط الهندي ويوجد فيه مدينة سكنية مجهزة بكل وسائل الترفيه والسكن لمنتسبي القاعدة وتتبع هذه القاعدة كل قواعد الواقعة على المحيط حتى حدود الصين والهند وسنغافورة وماليزيا وإندونيسيا والفلبين .. اجمالاً .. القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في كل اصقاع الأرض يوفر لها هيمنة سياسية وعسكرية واقتصادية , فهي قادرة على التحرك في مختلف الاتجاهات إذا استدعت الضرورة وخاصة ان تعرضت مصالح أمريكا لأي ضرر فان الذراع العسكرية القواعد البحرية والبرية والجوية جاهزة للانطلاق ولفرض واقع حال عسكري وجيوسياسي وهذا اعطى واشنطن قوة مضاعفة وملأ خزائنها بالموارد التي تتدفق اليها من كل حدب وصوب . . وحين يضطلع المتابع على خارطة القواعد العسكرية الأمريكية في هذه المناطق والبحار يصل الى تأكيد ان السطوة الأمريكية طاغية وان الهيمنة العسكرية توفر لها فرض الهيمنة السياسية والاقتصادية على مسارات الاقتصاد العالمي , ويوحي ان العالم كله وشعوبه تحت رحمة وسطوة هذه القوة الجبارة والمتشعبة .. وهي تحتاج إلى امكانات وموارد مهولة لا يقدر عليها غير خزائن أمريكا التي تتدفق اليها الموارد والاموال من كل اصقاع الأرض .