لا ثوابت في المنطقة العربية ولا وضوح .. الضبابية هي سيدة الموقف والاضطراب السياسي سيظل قائماً وخاصة بعد عواصف البيت الأبيض التي يقودها ترامب وفريقه العجيب وكل يتحرك حسب اهوائه وحسب اطماعه وحسب حساباته والمواطن العربي هو الجاني وهو المجني عليه هو الظالم وهو المظلوم . هو الجاني لأنه ابتلي بأنظمة حكم غريبة لا لون ولا طعم ولا رائحة لها هي مجرد هلاميات تتشكل حسب الضغوط وحسب المتغيرات وهو المجني عليه لأنه هو الوحيد الذي يدفع الثمن باهظاً من امنه ومن استقراره ومن ارتعاش ثوابته . في فترات سابقة كانت منظومات الحكم هي مصدر الضعف وهي ملتقى التناقضات وهي التي تعيش الضعف وتعتاش منه وتستمر منه وقود استمرارها ورضى القوى الدولية الراعية لمثل ذلك الضعف .. فيما كانت الشعوب أكثر عنفواناً وأكثر دينامية وأكثر تماسكاً وثباتاً في مواقفها .. لكن انهارت هذه المعادلة وصارت شعوب المنطقة العربية بدأت تسير في رحلة الانهيارات والضعف والخنوع الكامل وبدأت مشاعر الاضطراب المجتمعي تتوالى وتنذر بحالات من السيولة السياسية ومن الانزلاقات القيمية التي ضربت جذورها في النفوس وفي القناعات واصيبت الشعوب العربية والاسلامية بأمراض مجتمعية عديدة وظلت حتى الساعة تعيش الفوضى الداخلية وحالات اللامبالاة والانكسارات حتى فقدت الأمل في ان تخرج مماهي فيه من حالات السيولة والميوعة والانكماش على الداخل .. وهذا يفسر ما نراه من تبلد واضح وضمور في المواقف إزاء ما جرى وما يجري في المنطقة العربية كان ابرز تجلياته التنكيل الصهيوني لإخواننا واهالينا في ارض الرباط في غزة وفي الضفة الغربية .. ولك أن تتخيل ان حرباً ابادية وتطهير عرقي يجري للفلسطينيين فيما الجيش المغربي يجري مناورة عسكرية مع قوات صهيونية في المغرب .. أو تشهد حقارة غريبة من اعراب الإمارات بزيارة أفواج سياحية من الكيان الصهيوني .. أو نرى تدفق المليارات من الدولارات لشراء غاز إسرائيلي لإضاءة الكهرباء في مصر والأردن .. لم تكن الأمة العربية في مستوى هذا الهوان ولم تمر في حالة انبطاح مكشوف مثلما تشهده اليوم ثم لا نرى صوتاً يرتفع أو نقداً يطلق أو عبارة عابرة تعاتب الصهاينة على ما فعلوه أو يفعلوه أو ما يخططون الى فعله في اراضينا العربية في سوريا ولبنان .. ومن الجلي اليوم ان مثل هذه الحالة من الضياع قائمة على مخطط صهيوني غربي أوروبي يتعمد وضع المنطقة على حالة من الضياع قائمة على مخطط صهيوني غربي أمريكي يتعمد وضع المنطقة على حافة من العواصف المتراكمة ومن التحديات ومن ذات الوقت يجري العمل على اشاعة حالات من الاسترخاء العربي ازاء كل هذه الاحتقانات .. إذ كل قطر عربي وكل جغرافية عربية يجري عزلها مثل كانتونات حيث تتحوصل كل دولة عربية حول ذاتها وتبقى في موقف المشاهد وكأن ما يجري في المنطقة لا يهمها ولا يعنيها وللأسف نجح المتآمرون وساسة الغرب الصهيوني في صياغة مثل هذه المعادلات واجبرت الدول العربية على القبول بها وعلى التعايش مع مثل هذه الحالات .. والأخطر أن يمتد ذلك الى الشعوب العربية التي شغلت بمعاناتها وبمشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية .. فيما تجري عملية التطبيع والتطويع للإرادات العربية التي بدأت تتقبل ان تكون تل ابيب هي المحور وان الشعوب العربية تهرول إلى استرضاء الصهاينة ومن لم يفهم هذه التدابير فلينتظر نصيبه من الفوضى ومن المشكلات المصطنعة .. إذ لن يكون شعب عربي في أي بلد عربي بعيداً عن تأثيرات الصهيونية المتغلغلة التي لا تخلوا منها جعبة الصهاينة ومن يدور في فلك الصهاينة . وفي الاجمال ان ما نشهده من فوضى ومن تنافر المواقف العربية ومن حلات الاستئثار بالموارد وبالانهزامية المفرطة هو نتاج طبيعي للسياسات التي اعتمدها الصهاينة إزاء الشعوب العربية والدور التقريبي الذي جرى ويجري للثقافة العروبية والاسلامية وتسويق نظريات ومواقف غربية عن المجتمعات الغربية من خلال التآمر على المناهج الدراسية والهجمات الصهيونية المتكررة على الثقافة الاسلامية والمحاولة المستمرة لشيطنة أي جهد عربي ثقافي أو إسلامي ودمغه بتهمة التطرف والارهاب ' بل ان الصهيونية العالمية ساهمت في شيوع حلات الارهاب حتى تجعل العالم كله يقف موقف ضد من كل ما هو اسلامي.. وما يجري في كشمير أو في بورما أو في الفلبين وفي الصين ذاتها .. وكذا في المجتمعات العربية من تسفيه للأفكار الاسلامية وكذا من تجريف للشخصيات المسلمة وغير بعيدة قضية الانقوش في الصين والروهينا في بورما .. وما تشهده دول في غرب افريقيا .. كلها تنساق لتصب في تأثيراتها السلبية على المنطقة العربية وفي ثوابتها . كما يجري اليوم سرقة الجغرافية العربية في كل من فلسطينوسوريا ولبنان .. وربما القادم في مصر والاردن والسعودية والعراق . . مسك الختام من قول الله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم الآية 46 " وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ " صدق الله العظيم .