ما من شك فيه أن اليمن بفضل الله استطاع تغيير في موازين القوى العسكرية في البحر الأحمر، حيث أجبر أمريكا بكل ما أوتيت من قوة على أن تنحني لواقع جديد وتوقف عملياتها العسكرية في البحر الأحمر، فالأسابيع الماضية كانت اختبارا قاسيًا، حيث صبت النيران الأمريكية على اليمن بزعم حماية الممرات المائية. تقارير الخبراء العسكريين الغربيين اعترفت بصعوبة المهمة الأمريكية وفشل تحقيق أهدافها.. فالغارات لم توقف العمليات، ولم تعرقل الإمدادات، بل عززت سردية المظلومية والتحدي داخل الشارع اليمني والعربي، بحسب مراقبين، ورفعت منسوب التأييد الشعبي للردود الصاروخية.. في المقابل من ذلك وسعت بنك أهدافها لتصل إلى مطار اللد المسمى إسرائيليا "بن غوريون"، الذي يُعد من أكثر المواقع حساسية لدى كيان الاحتلال، ويحظى بأربع طبقات من الحماية الجوية، منها منظومة "ثاد" الأمريكية، ومع ذلك.. وصلته الصواريخ اليمنية بدقة كاشفة ضعف وهشاشة الدفاعات الجوية الإسرائيلية الأمريكية المشتركة.. مطلع الأسبوع حمل تطورًا لافتًا بإعلان أمريكا وقف عدوانها على اليمن وهو اعتراف ضمني بفشل الخيار العسكري، وكمحاولة لشراء تهدئة مؤقتة تسمح لسفنها بالمرور الآمن في البحر الأحمر، بعدما فشلت في تأمين الحماية للسفن الإسرائيلية التي تعرضت لهجمات متتالية وهذا التحول يعكس نجاح استراتيجية الضغط العسكري اليمني، ليس فقط في التأثير الميداني، بل في فرض حضور سياسي لا يمكن تجاهله.. فواشنطن التي سعت إلى ردع صنعاء، اضطرت في النهاية إلى التفاوض غير المباشر والبحث عن مخرج يحمي مصالحها التجارية والاستراتيجية، بينما ينشغل الكيان الصهيوني بتداعيات ضربات المقاومة في غزةواليمن، وبينما تسعى واشنطن للخروج من مأزق البحر الأحمر يتضح أن مشهد المواجهة لم يعد خاضعًا لمعادلة الردع التقليدي، فاليمن لم تعد ساحة مستهدفة فقط، بل باتت فاعلًا إقليميًا حاضرًا في معادلة الردع، والدفاع عن فلسطين، كما شدد السيد القائد في خطابه، وإذا كان الثمن الذي دفعته أمريكا مقابل وقف عدوانها هو مرور سفنها فقط، فإن الثمن المقبل قد يكون أكبر بكثير إن استمر الصمت على المجازر. إن إعلان أمريكا وقف عدوانها على اليمن لا يمكن قراءته إلا كهزيمة استراتيجية وتأكيد على أن من كان يُنظر إليه كقوة لا تُقهر قد اصطدم اليوم بإرادة شعب قرر أن يكون نصر غزة نصرًا له، وهزيمة إسرائيل هزيمةً لأمريكا وحلفائها أيضا، فاليمن الذي هزم السلاح الأمريكي في البحر والجو وضع أسس معادلة جديدة ستنعكس على مستقبل الصراع في المنطقة، حيث لم تعد واشنطن قادرة على فرض إرادتها بالقوة، ولم تعد إسرائيل بمنأى عن الردع حتى في عمق موانئها ومطاراتها.. "وإن ينصركم الله فلا غالب لكم".