تعتبر العشر الأول من ذي الحجة غنيمة العابدين وزاد المتقين وهي من الايام المباركة التي تضاعف فيها الحسنات وتجاب فيها الدعوات، وثواب الطاعات فيها عظيم والخير فيها جسيم وعلى المسلم في هذه الأيام أن يتزود من العبادات، واعمال البر والإحسان فقد كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو المسلمين لاستقبال هذه الأيام بتوبة نصوح والإنابة إلى الله عز وجل وكثرة الأعمال الصالحة والإكثار من الاستغفار والتكبير والتهليل، وقراءة القرآن بتدبر، وذكر الله وتحميده وتسبيحه. يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) هذه العشر من ذي الحجة، التي أقسم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بها بقوله جل جلاله " والفجر * وليال عشر " قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم هي عشر ذي الحجة . وهي أفضل أيام الدنيا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " [ رواه البزار وابن حبان] ، ومن فضائل العشر من ذي الحجة أن الله أقسم بها في كتابه العزيز حيث قال سبحانه : " والفجر وليال عشر ".ومن فضائلها أن الله أمر بكثرة التسبيح التهليل والتكبير والتحميد فيها . ومن فضائل العشر أن فيها يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ، فإذا قدم الحاج إلى مكة يوم الثامن فإنه يتجه إلى منى ليبقى بها إلى اليوم التاسع فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً بلا جمع ، ويبقى بها حتى يصلي صلاة الفجر يوم التاسع من ذي الحجة، والمبيت بمنى يوم الثامن سنة من سنن الحج ينبغي على المسلم فعلها وعدم تركها. ومن فضائل العشر أن فيها يوم عرفة وهو الركن الأعظم من أر كان الحج ، الذي لا يتم الحج إلا به، فالحج عرفة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعلى الحاج أن يدفع من منى بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة متجهاً إلى عرفة فيصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً، جمع تقديم، ثم يتفرغ للدعاء والتضرع إلى الله تعالى في ذلك اليوم العظيم المشهود، ويلح على ربه في الدعاء بخشوع وحضور قلب، فهو في أعظم موقف بين يدي الله عز وجل. ومن فضائل العشر من ذي الحجة أن فيها صيام يوم عرفة فقد سن النبي صلى الله عليه وسلم صيامه لغير الحاج، أما الحاج فعليه أن لا يصوم ذلك اليوم ليتفرغ للدعاء ويتقوى على العبادة هناك ، وأما غير الحاج فالمستحب له ألا يترك صيام ذلك اليوم العظيم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " صوم يوم عرفة يكفر سنتين ، ماضية ومستقبلة . . " [ رواه مسلم وأحمد والترمذي ] فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على صيام هذه الأيام فصيام يوم تطوعا يبعد المسلم عن النار سبعين سنة كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً» [متفق عليه]. ومن فضائل العشر أن فيها يوم النحر وفيه ذبح الهدي والأضاحي، والأضحية سنة مؤكدة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على فعلها لما فيها من التقرب إلى الله عز وجل بإراقة الدماء، ولما فيها من سد لحاجة الفقراء والمساكين، وفيها إحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام، وقد قال بعض العلماء بوجوبها مستندين لقوله صلى الله عليه وسلم: " من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا " فهي سنة مؤكدة على كل مسلم حاجاً أو غير حاج ذكراً أو أنثى ، ينبغي لكل قادر موسر ألا يدعها، لأنها شعيرة عظيمة من شعائر الدين الإسلامي الحنيف قال الله تعالى : " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " .. خلاصة القول: إن أحب الأشهر إلى الله تعالى الأشهر الحرم، وأحب أشهرها إليه شهر ذي الحجة، وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول، التي أقسم الله بها في كتابه تبارك وتعالى، فقال : " والفجر * وليال عشر " وعندما يقسم الله سبحانه وتعالى بشيء في القرآن فإن ذلك ليلفت الانتباه إلى عظمته وأهميته والعلامات العميقة التي يحملها، بالقسم بالفجر والليالي العشر، يؤكد الله جل جلاله على ما يلي: - قدرته وحكمته اللامحدودة في تنظيم دورات الليل والنهار. - القدسية والبركات الكامنة في هذه الأوقات المحددة. - الفرص للنمو الروحي والأجر العظيم التي توفرها هذه الأوقات للمؤمنين لتقديم الطاعات، والعبادات الواجبة والنوافل من صلات وصوم وصدقة والتضرع إلى الخالق سبحانه وتعالى أن يقبل الأعمال الصالحة والصدقات الخالصة التي يقصد بها وجهه الكريم، وترك ما يغضب الله في هذا الأيام والليالي المباركات الاعمال فيها مستحبة يستحب فيها الإكثار من الصيام وخاصة يوم عرفة ، وذكر الله تعالى بالتكبير والتهليل والتحميد، والصدقة، وقراءة القرآن والعمرة والحج لمن استطاع. - من بركة العشر اجتماع العبادات: تجتمع فيها أمهات العبادات كالصلاة، والصيام، والصدقة، والحج وهذا لا يتأتى في غيرها من الأيام. - فيها يوم عرفة وهو يوم عظيم يكفر صيامه سنة ماضية وسنة مقبلة، ويوم يباهي الله فيه الملائكة بعباده.. - فيها يوم النحر وهو يوم عيد الأضحى وأعظم أيام السنة على الإطلاق. - عشر ذي الحجة هي موسم عظيم للطاعات والخيرات وفرصة للمسلم لا تعوض ليزيد من حسناته ويمحو سيئاته ويرفع درجاته عند الله. - علامات البعث والحساب، حيث يرمز الفجر المتكرر إلى البدايات الجديدة والعودة النهائية إلى الله. في جوهرها تعد [والفجر وليال عشر] تذكيراً قوياً للمؤمنين بالتفكير في آيات الله وتقدير بركات الوقت, والمواسم التي سخرها الله لعباده لتزود بالتقوى.. واستغلال هذه الفترات المقدسة لزيادة العبادة والأعمال الصالحة فالعشر من ذي الحجة طريق إلى رضا الرحمن وموسم خير وبركة للمؤمن تغير حياته إلى سرور وروحانية، وراحت بال كون العشر من ذي الحجة قلب الزمان وروح العبادة، ورحلة إيمانية إلى الله، ومواسم خير وبركة..، ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب. والتوبة تتكون من ثلاثة مراحل: الأولى: الإقلاع عن الذنب: الثانية: الندم عليه. الثالثة: هي العزم على عدم العودة لهذا الذنب. والتوبة في هذه الأوقات هي أمر عظيم.. لأن الله سبحانه وتعالى ييسر هذه المواسم ليتوب التائبون ويقبلوا على الله سبحانه وتعالى.. فما أعظمه من إله.. أفلا يستحق أن نعبده ونحبه؟، قال تعالى: {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص67] ،نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون من الأذكياء الذين يحسنون استغلال هذه الفرص العظيمة خير استغلال.