مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تستعد مؤسسة بنيان التنموية لإطلاق مبادرة إنسانية كبرى، حيث أعلنت المؤسسة عن بدء استعداداتها لإطلاق مشروع "اللحوم العيدية والأضاحي" لهذا العام 1446ه، مستهدفةً توزيع 41طناً من اللحوم البلدية على الأسر الأشد فقراً في أمانة العاصمة وأجزاء من محافظاتصنعاء، ومدينتي عمران، والمحويت، ومديرية وشحة بمحافظة حجة. ويستهدف المشروع 41 ألف أسرة؛260 ألف نسمة من المستفيدين. 26 سبتمبر- خاص : "إطعام" يمد يد العون أوضح المهندس رئيس قطاع التنسيق الميداني بمؤسسة بنيان التنموية، علي ماهر، أن مشروع "اللحوم العيدية والاضاحي" هو أحد ثلاثة مشاريع رئيسية ضمن برنامج "إطعام"، والذي يشمل أيضاً "مشروعي الأفران الخيرية" و"السلة الغذائية الرمضانية". ويهدف هذا البرنامج بشكل خاص إلى سد النقص الذي خلفته المنظمات الأخرى في دعم هذه الأسر خلال فترة العيد. وأشار المهندس ماهر إلى أن المؤسسة تستهدف توزيع 41 ألف كيلوجرام من اللحوم البلدية، أي ما يعادل 41 "طن" من لحوم العجول البلدية، وذلك ل41 ألف أسرة مستفيدة، وهو ما يقدر بنحو 260 ألف نسمة، وذلك في عيد الأضحى المبارك، وهي الأسر ذاتها التي تستفيد من مشاريع السلة الرمضانية والأفران الخيرية. وقال ماهر إن المؤسسة بدأت حالياً في انزال مناقصات محدودة مع التجار والجهات المتخصصة لضمان الحصول على أفضل جودة وأنسب سعر للحوم، مع الالتزام بالمواصفات والمعايير الشرعية والغذائية، ومن ثم تبدأ مرحلة التجهيز والتوزيع العمل في تقطيع وتجهيز اللحوم اعتباراً من الخامس من ذي الحجة، جزء من هذه اللحوم سيتم تجميده، بينما سيُخصص جزء آخر للأضاحي التي ستُذبح وتُوزع في أيام العيد (يوم النحر وأول وثاني أيام العيد)، لضمان وصول الكمية المستهدفة كاملة، مؤكداً أن معايير الجودة والتوزيع: سيتم توزيع كيلوجرام واحد من اللحم الصافي لكل أسرة، مع التأكيد على خلو اللحوم من الأحشاء، وأن تتكون من 70% لحم صافي و30% دهون وعظام كحد أقصى. وأكد ماهر أن هدف المشروع لا يقتصر على الجانب الإغاثي فحسب، بل يمتد ليشمل دعم المنتج المحلي البلدي، وسد الفراغ الذي تعانيه الأسر الفقيرة، كما تسعى المؤسسة إلى تمكين هذه الأسر على المدى الطويل، وتحويلها من مجرد متلقية للمساعدات إلى أسر منتجة تسهم في زيادة الإنتاج المحلي. ونوه المهندس ماهر بأن المشروع يعتمد على فريق عمل متكامل يضم كوادر إدارية وميدانية، بالإضافة إلى أكثر من 600متطوع يعملون بجد واجتهاد من قبل العيد وحتى ثالث أيام العيد لضمان وصول اللحوم إلى مستحقيها عبر نقاط توزيع رئيسية وفرعية، هؤلاء المتطوعون يضحون بأيام عيدهم لخدمة الفقراء والمستضعفين، مما يعكس التزام المؤسسة بتحقيق الإحسان والكرامة لهذه الفئات. وأكد المهندس ماهر أن هذا المشروع يأتي ضمن "مكرمة السيد القائد" وحرص القيادة على الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع، لضمان وصول الدعم بشكل لائق وكريم للمستحقين. المشروع تجسيد للواجب الديني والإنساني في تصريح يكشف عن الأبعاد العميقة للمبادرات الإنسانية، أكد المهندس وائل الفأر، مدير منطقة صنعاء بمؤسسة بنيان التنموية، أن مبادرة المؤسسة ليست مجرد عمل خيري فحسب، بل هي استجابة متجذرة لنداء الواجب الديني والإنساني، مستوحاة بشكل مباشر من آيات القرآن الكريم. شدد الفأر على أن جوهر المبادرة يستلهم من قوله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً"، وأوضح أن هذه الآية الكريمة تتجاوز مجرد الدعوة لإطعام الطعام، لتشمل قيمة الإيثار وتقديم العون بدافع الحب الصادق، حتى في أوقات الحاجة الشخصية، هذا الفهم العميق يشكل الدافع والمحرك الأساسي للمبادرة، بحسب الفأر. وأضاف الفأر أن المشروع يجسد عملياً قيم المسيرة القرآنية في الإحسان للناس، مؤكداً أن المبادرة لا تقتصر على تقديم المساعدة المادية، بل تمتد لتشمل غرس قيم التراحم والتكافل الاجتماعي وتأصيل مبدأ العطاء في المجتمع. وفي سياق الاهتمام بالفئات الأكثر حاجة، أوضح الفأر أن رؤية المبادرة تركز بشكل بالغ على المساكين والفقراء من جميع فئات المجتمع، مشيراً إلى أن هذا التحديد يشمل الفئات التي تحتاج إلى رعاية خاصة واهتمام مضاعف نظراً لظروفها الصعبة، حدد الفأر هذه الفئات بوضوح لتشمل: أسر الشهداء والجرحى، الذين قدموا تضحيات كبرى، والأسرى الذين يعانون ظروفاً إنسانية قاسية، بالإضافة إلى النازحين الذين فقدوا منازلهم ومصادر رزقهم، والمتضررين من العدوان الذين تضررت حياتهم ومعيشتهم بشكل كبير. ويقدم المهندس وائل الفأر رؤية شاملة للمبادرة، مؤكداً أنها تتجاوز الجانب اللوجستي والتشغيلي لتركز على بعدها الروحاني والإنساني العميق، لتكون تعبيراً صادقاً عن القيم الدينية والإنسانية التي تدعو إلى التراحم والتكافل الاجتماعي. أصوات من الميدان عن حكايات الإحسان أمين العابد، مدير برنامج إطعام بمؤسسة بنيان التنموية، يشيد بروح الإحسان والمبادرة التي تلف قصص وتجارب المتطوعين العاملين في مشاريع البرنامج الثلاثة.. يقول أحدهم: "وأنا أعمل متطوعاً في مشاريع برنامج إطعام، أبدأ العمل عند المغرب لأعود ليلاً بعد توزيع حصتي من الطلبات، أشعر بالراحة النفسية لاسيما وقد ساهمت بجهدي البسيط في توفير ضمان وصول المساعدات للأسر المستفيدة في وقتها وبلا منية." ويشير العابد إلى أن المتطوعين يواجهون تحديات يومية لا تنتهي، خاصة عندما يلتقي الواحد منهم مع بعض الأشخاص الذين يغمرهم اليأس ويتساءلون: "ما هي الفائدة من توزيعاتكم؟"، لكن ردودهم دائماً تحمل رسالة إحسان قوية: "نحن نبتغي رضاء الله، هدفنا هو مساعدتك ومساعدة الأشد احتياجاً." ويؤكد العابد على أهمية أن تحظى الأسر المتعففة، خاصة أسر الشهداء والجرحى والمرابطين، باهتمام خاص ورعاية، مشدداً على ضرورة أن يكون المجتمع مُلهماً لبعضه البعض، ويقول: "يجب علينا أن نهتم بالأسر التي تغلق أبوابها على جوعها، ولا تعرض حالها إلا على الله،" مؤكداً أن هذه هي الروحية التي يعمل بها المتطوعون في برنامج إطعام. يوميات متطوع.. رحلة عطاء لا يتوقف في العمل التطوعي الإنساني، تتجسد قصص العطاء والتفاني في كل يوم. من خلال برنامج "إطعام"، يعمل فريق من المتطوعين، الذين يُعدون أنفسهم بمثابة موظفين دائمين في هذه المبادرة، على إيصال الخبز والمساعدات الغذائية إلى الأسر الأشد احتياجاً في اليمن. يبدأ يوم المتطوعين في تمام الساعة السابعة صباحاً، حيث يتابعون مناديب النقاط المخصصة لتوزيع الخبز، يستمر عملهم حتى نهاية صرف الخبز اليومي، ويضمنون وصوله إلى جميع المستحقين. تشمل قائمة المستفيدين الأسر الأشد فقراً، وذوي الاحتياجات الخاصة، وأهالي الشهداء والجرحى، والنازحين، والمتضررين ولا يقتصر عملهم على اليمنيين فحسب، بل يشمل أيضاً اللاجئين الأفارقة. وحسب المتطوع (محمد علي صالح الجبري، متابع منطقة السبعين)، يقوم المتطوعون بمتابعة حوالي 41ألف أسرة يومياً، ويحرصون على إيصال الخبز إلى منازل من لا يستطيعون الحضور، سواء بسبب المرض، أو الحمل، أو عدم وجود معيل، يتم توصيل الخبز إلى منازل هذه الحالات عبر متطوعين، بذلوا جهودهم الخيرية في سبيل الله، رؤية الابتسامة في وجوه المستضعفين تنسينا التعب وتزيدنا إصراراً على المواصلة. لا يقتصر عمل المتطوعين على توزيع الخبز اليومي، بل يشاركون أيضاً في العديد من المشاريع الخيرية الأخرى التي تنظمها المؤسسة، ومنها المشاريع الموسمية، والتي تركز على توفير الاحتياجات الأساسية خلال مواسم معينة كمشروع السلة الغذائية في رمضان؛ يوفر سلالاً غذائية متكاملة للأسر المحتاجة خلال شهر رمضان المبارك، ومشروع اللحوم العيدية والأضاحي؛ والذي يقوم بتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمساكين. لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، يقوم المتطوعون كل عام بنزول ميداني لمسح وتحديث بيانات المستفيدين، يتم إبعاد من تحسنت أوضاعهم واستبدالهم بأسر جديدة أكثر احتياجاً، كما يتم متابعة الأسر التي تنتقل من منطقة إلى أخرى، ويتم نقل أسمائهم إلى المنطقة الجديدة لضمان استمرار حصولهم على المساعدات. يتفانى المتطوعون في عملهم منذ تسع سنوات، ورغم أنهم لا يملكون عقوداً ولا يتقاضون أجوراً رسمية مع المؤسسة، إلا أنهم يعملون وكأنهم موظفون تماماً، مدفوعين بإيمانهم العميق بأهمية العطاء وخدمة المجتمع، إنهم يمثلون نموذجاً يحتذى به في التفاني والإنسانية. ختاماً: إن ما يعكسه هؤلاء المتطوعون من قصص ملهمة إنسانية يظهر كيف يمكن للفرد أن يحدث فرقاً حقيقياً في المجتمع من خلال عمله التطوعي، إن روحهم المليئة بالعطاء والتفاني تُعد بمثابة شعلة أمل تُضيء الطريق للعديد من الأسر المحتاجة، وتعكس القيم العميقة للتعاون والتضامن في أوقات الأزمات. عندما نرى كيف يمكن لعمل واحد أن يمس حياة الكثيرين، وكيف تستلهم المبادرات من جوهر تعاليمنا الدينية والإنسانية، فإن ذلك يدفعنا للتساؤل: هل ستلهمنا هذه القصص والمبادرات لمزيد من العطاء والتكافل، لنبني مجتمعاً يشتد فيه التآزر وتعم في أوساطه روحية المبادرة وتتفشى قيم التكافل والتعاون المجتمعي في مقابل تلاشي المعاناة؟ الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون "نعم" مدوية، نعم لكل يد تمتد بالعون، نعم لكل قلب ينبض بالعطاء، ونعم لكل جهد يصب في مصلحة بناء مجتمع يتلاشى فيه الألم والمعاناة.