وكيل وزارة الخارجية يلتقي المنسق الأممي في اليمن    اجتماع يناقش سير تنفيذ قرار توطين الصناعات ومشاريع التمكين الاقتصادي    وقفة احتجاجية بمسرح جريمة العدوان الإسرائيلي على صحيفتي 26 سبتمبر واليمن    مأرب.. قسم شرطة يعتدي على أسرة رسام كاريكاتير    تقرير اسرائيلي: اليمن ساحة صراع لم ينتهِ.. الحوثيون وباب المندب نقطة المواجهة    حزب الإصلاح اليمني يطبّع إعلاميا مع إسرائيل    لنعش قليلا مع قصص الحيوانات بعيدا عن السياسة    كلمة رئيس الإصلاح ..الحنكة ومنطق الحكمة    النائب العام يعد بالإفراج عن دفعة ثانية من السجناء في الأيام المقبلة    محافظ صعدة يتفقد مشروع سد اللجم في مديرية سحار    إغلاق المجال الجوي لمطار "رامون"    أبو رأس.. فاتح صعدة والجوفين    توزيع ادوات مدرسية لمعلمين ومعلمات المعلا    50 ألفا بلا مأوى في مدينة غزة وسط غارات مكثفة وتحذير من دمار كامل    محافظ حضرموت يلتقي بخبير الطاقة والنفط والغاز المهندس عمر الحيقي    تنفيذا لقرار الرئيس الزُبيدي.. العاقل يتسلم منصبه كنائب لوزير الإعلام    محافظ حضرموت يرعى توقيع عقود مشاريع تحسين لشوارع مدينة المكلا    انتقالي الضالع ينظم محاضرة توعوية بعنوان بالعلم وحب الوطن نبني الجنوب    قرارات تعسفية لمليشيا الحوثي تدفع الغرفة التجارية للإضراب في صنعاء    خبير في الطقس: موجة رطبة ستدخل اليمن مصحوبة برياح وغبار    الخطوط الجوية تعلن استئناف الرحلات بمطار عتق    توقف تطبيق إلكتروني لبنك تجاري واسع الانتشار يثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي    57 دولة عربية وإسلامية تجتمع في الدوحة.. هل تستطيع ردع إسرائيل    خمسة قرارات تُقلقهم: وعشرات الآلاف لم تُحرّك فيهم ساكناً!    نهاية شراكة الأهداف أم شراكة الفشل    نابولي يعود بالنقاط الثلاث من فيورنتينا    يوفنتوس يعمق جراح إنتر برباعية    أتلتيكو يستفيق ب «الغواصات الصفراء»    أحلام تُطرب جدة    الكشف عن 85 جريمة مجهولة    اليونايتد ضد السيتي.. ديربي مداواة الجراح وتخطي البداية المخيبة    منظمة صحفيات بلاقيود: مجزرة إسرائيل بحق الصحفيين جريمة حرب    اليوم العالمي للقانون: نحو تعزيز سيادة القانون في عدن والجنوب    بايرن ميونيخ يضرب هامبورج بخماسية    شباب المعافر يصعق شعب إب ويتأهل إلى نصف نهائي بطولة بيسان    الدوري الايطالي ... يوفنتوس يحسم لقاء القمة أمام إنتر ميلان برباعية    ما أجمل روحك وإنسانيتك، قاضي حاشد    عدن .. مصلحة الجمارك تضع اشتراطات جديدة لتخليص البضائع في المنافذ الجمركية    ماسك يدعو إلى حل البرلمان البريطاني    في محراب النفس المترعة..    الوزير البكري يطلع على استعدادات فريق تضامن حضرموت لبطولة كأس الخليج للأندية    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    هيئة الآثار تصدر العدد ال 18 من مجلة ريدان    العلامة مفتاح يواصل زياراته التفقدية للوزارات    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    الانتظار الطويل    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إصلاحيون على العهد    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو رأس.. فاتح صعدة والجوفين
نشر في يمنات يوم 14 - 09 - 2025


نبهان الفالحي
في حياة الأمم، قِلَّةٌ هم أولئك الرجال الذين تُخلّدهم المواقف، ويصنعون من تضحياتهم جسورًا تعبر بها الأوطان نحو الحرية والكرامة.
من بين هؤلاء القلّة، يتوهج اسم أمين بن حسن بن قاسم أبو رأس كأحد أبرز رجالات اليمن الذين ارتقوا بالموقف إلى مستوى القداسة، وحوّلوا التضحيات إلى أساطير خالدة.
لم يكن الفقيد مجرّد مناضل؛ بل كان مدرسة في الوطنية، ورمزًا ناصعًا للتفاني من أجل الأرض والإنسان. حياته، التي ابتدأت في ظلمات السجون ودهاليز القهر، لم تكن سوى امتداد لملحمة عائلية ممتدة في تاريخ اليمن النضالي، حيث سطّر آباؤه وأجداده ملاحم كبرى ضد الاستعمار والإمامة، منذ الغزو العثماني الأول وحتى عهد الإمام يحيى.
رفض جده القائد الملقب ب"البارود" صلح دعان، وقال للإمام يحيى:
"ألم تعاهدني على ألا تصالح المستعمرين؟"
فكان الثمن غاليًا… وكانت المؤامرة قد حيكت للتخلص من هذه الأسرة الوطنية الصلبة، كما تكشف وثيقة بخط يد الحاكم العثماني "أحمد فيضي" تطالب بإزاحة آل أبو رأس، وهو ما سننشره في وقت لاحق.
أما أمين أبو رأس، فقد شبّ على ذات المبدأ…
وحين انطلقت شرارة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، لم يتردد.
مع القائد مطيع دماج، كان أول من حرّر مدينة إب من براثن الإمامة، ثم استُدعي إلى صنعاء، فأسندت إليه واحدة من أصعب المهام: تحرير صعدة من قبضة الحسن الذي كان مدعومًا من قوى أجنبية معادية للثورة.
دخل صعدة ظافرًا، ثم توغل إلى الجوف، إلى دهم الحمراء، إلى عمق الأرض التي لم تطأها جيوش الإمام إلا بعد 15 عامًا من حكمه الاسمي.
وكان على رأس جيش الجمهورية، المسنود من الزعيم العربي جمال عبد الناصر، يردد الصوت النقي لمرافقه الشهيد مبارك بن نورة:
"أبو رأس قد أتى، فلا يعترضن طريقه أحد!"
ثم عاد إلى برط، جبل الكرامة، ليكمل تطهير الأرض من جيوش الحسن المرتزقة.
وحين استتب الأمن، عُيّن محافظًا للواء الحديدة، ثم عضوًا في مجلس الرئاسة، ممثلًا وطنه في المؤتمرات والمحافل الإقليمية والدولية، رافعًا راية الجمهورية بشموخ.
وفي مؤتمري "ريدة" و"الغراس"، رفض ملايين الريالات التي عُرضت عليه ليبيع موقفه، وقالها مدوّية:
"الجمهورية نظام عادل، ضحى اليمن بخيرة أبنائه لأجل إقامته."
وفي ملحمة حصار صنعاء التاريخية عام 1968، لم يكن متفرجًا، بل كان مقاتلًا، محاربًا، متحديًا قوى الظلام التي أرادت إسقاط العاصمة.
كان يرفض أن يُنادى ب"الشيخ"، ويقول:
"أنا شيخ للكادحين فقط!"
كان بسيطًا، متواضعًا، يحمل وجع الناس، ويتألم لألمهم، ويشاركهم لقمة العيش قبل أن يذوقها.
وفي الخامس من نوفمبر 1968، حين كان الانقلاب وشيكًا، فتح بيته في حي "الصياد" بصنعاء لكل المناوئين، بمختلف مشاربهم، وحماهم من البطش، ووقف معهم موقف الأبطال… لكنه – ويا للأسف – جوبه بالجحود والنكران، بعد مماته، من بعضهم.
لكنه، وبشهادة الموقف، باقٍ حيًّا في ضمير الوطن، حاضرٌ في ذاكرة التاريخ، خالدٌ في كل ضمير حرّ.
لقد كان رجلًا لا يخاف في الحق لومة لائم، وكان شعاره قول المتنبي:
مفرشي صهوة الحصان ولكن
قميصي مسرودة من حديد
وما بلغت مشيئتها الليالي
ولا سارت وفي يدها زمامي
ولأنه كذلك… سيظل أبو رأس أحد أعمدة التاريخ الوطني، ورمزًا من رموز التضحية والفداء، في زمن بات فيه الوفاء عملة نادرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.