- عشر أوجاع تفتك باليمنيين شمالا وجنوبا.. والمسؤولون لسان حالهم: بالعشر ما نبالي    - 7يوليو انفجار شعبي مرتقب يهز عدن!    بين شُحّ المياه وشُحّ المرتب: صرخة الموظف في تعز    عندما تنتصر إرادة الشعوب    وزير الشؤون الاجتماعية والعمل يؤكد أهمية دعم الجمعيات التعاونية    نائب رئيس الوزراء المداني يطلع على مشاريع التطوير الإداري بوزارة الخدمة المدنية    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (2)    خلال تدشين العام الدراسي الجديد 1447ه    الحقيقة لاغير    بعد عامين من الإغلاق.. الحوثيون ينهبون ما تبقى من مقر شركة برودجي بصنعاء    خدمات التجسس تفاقم الأزمات في المحافظات المحتلة    في خطابه بذكرى الهجرة النبوية وآخر التطورات.. قائد الثورة : الإسلام سينهض من مرحلة الغُربة وتعلو رايته    المغرب يهيمن على البطولة الإفريقية للكرة الطائرة الشاطئية بتتويجه في فئتي الرجال والسيدات    المرازيق.. جبهة البطولات والانتصارات    هل طوفان الأقصى ورطة؟    فِي مَعْرَكَةِ الْأُمَّةِ: إِيرَانُ تَسْقُطُ مَشْرُوعَ الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ الصِّهْيَوْأمْرِيكِيِّ    إب.. "اتحاد عردن" يدافع عن لقبه في افتتاح بطولة العدين الكروية بنسختها الرابعة    الرايات البيضاء تغادر الضالع بعد فشلها في إقناع مليشيا الحوثي بفتح طريق الفاخر    الوزير بحيبح يؤكد أهمية التنسيق مع الشركاء لتوسيع التدخلات الصحية في اليمن    الزُبيدي: لا سلام في اليمن دون حل قضية الجنوب والقضاء على الحوثيين    بداية تفكيك النخبة الحضرمية بدأت مع تغيير البحسني كمحافظ    حجة.. ندوات وفعاليات بذكرى الهجرة واستشهاد الإمام الحسين    رفض مواجهة إسرائيل.. الأردن ينسحب من مباراته في مونديال الشباب    اتحاد كرة القدم يرشح نادي تضامن حضرموت للمشاركة في بطولة الخليج للأندية للموسم المقبل    تدشين الامتحانات العامة بمدارس تعليم القران الكريم في المحافظات المحررة    رحيل موجع بطعم الألم    تنفيذية النازحين تنفي وجود تهجير قسري في مخيم العرق بمأرب    عاصفة رعدية تؤخر سفر بايرن ميونخ إلى ميامي لملاقاة فلامنغو في مونديال الأندية    فؤاد الحميري.. يمن لا تغيب عنه شمس الحرية    عدم استكمال البنية التحتية لمجاري مدينة شبام التأريخية تعتبر ثلمة    أبين.. تشكيلات تابعة للانتقالي تمنع مرور مقطورات الغاز إلى عدن بعد رفض السائقين دفع جباية مالية    المخدرات.. عدو الحياة    أمجد خالد.. "مهندس التفجيرات" من معاقل الإخوان إلى أحضان الحوثي    تصفية دكتور داخل سجن أمني في لحج    سريع: نفذنا عملية عسكرية في منطقة بئر السبع    من يومياتي في أمريكا .. مع عمدة مدينة نيويورك    احتجاجًا على بدء العام الدراسي في قلب الصيف: نمتُ 18 ساعة!    عدد الخطوات اليومية اللازمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان؟    المكسيك تنهي المغامرة السعودية في الكأس الذهبية    استكمال التحقيقات مع قاتل الفتاة في الفليحي    خصائص علاجية مذهلة للعسل    ب 65 مليونا.. تشيلسي يحسم صفقة جيتنز    في مباراة ال 4 ساعات.. تشيلسي يتأهل برباعية بنفيكا    قرار أحمق وسط هجير يونيو    تقدم مفاوضات وقف النار في غزة وسط تفاؤل أمريكي وتصعيد اسرائيلي في الضفة الغربية    تقرير أممي: نسبة الفقر متعددة الابعاد في اليمن مرتفعة وشدته ثابتة منذ عقد من الزمن    قاضي يطالب النيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية ضد الجهات المعنية ومزارعي الخضروات المروية بالمجاري في صنعاء    فؤاد الحميري السيل الهادر والشاعر الثائر    طقس حار وأمطار متوقعة على المرتفعات وتحذيرات من اضطراب البحر حول سقطرى    - اليمنية عزيزة المسوري تتحرر من اللباس الإسلامي في لبنان بهدوء، بينما هديل تواجه العاصفة في اليمن!     فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    خطأ شائع في طهي المعكرونة قد يرفع سكر الدم بسرعة    عام على الرحيل... وعبق السيرة لا يزول في ذكرى عميد الادارة الشيخ طالب محمد مهدي السليماني    دراسة حديثة.. الصوم قبل العمليات عديم الفائدة    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في معركة الإرادات.. كيف انكسرت مطرقة واشنطن وتل أبيب على صخرة القوة الإيرانية؟
نشر في 26 سبتمبر يوم 30 - 06 - 2025

في سياقٍ تتصادم فيه الروايات وتتأرجح فيه الحقائق، يطل على خشبة المسرح المشهد الأمريكي الصهيوني المشترك بأطروحاتٍ استعراضيةٍ تبعث على السخرية، محاولاً التغطية على فشله الذريع أمام صمود محور المقاومة وقدراته المتنامية، فبينما يتغنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ب"إنقاذ" السيد علي خامنئي من "موت قبيح ومهين"،
وتدعي مصادر في الكيان الصهيوني أن "إسرائيل" كان بإمكانها إيذاء سماحة القائد في الضربة الافتتاحية ولكنها "اختارت" عدم القيام بذلك، تتكشف حقائق الميدان لتفضح هذا التبجح الأجوف، إنها محاولةٌ يائسةٌ لإعادة ترميم صورةٍ تشوهت وقوةٍ مُرِّغَت في الوحل أمام القدرات الدفاعية والتكتيك الهجومي الإيراني الذي أفشل كل المخططات وأزاح الستار عن خوار القنبلة الخارقة للتحصينات والعنجهية التي رافقت الضربة الأمريكية على المنشآت الإيرانية.
يحيى الربيعي
الغدر الصهيوني.. ثغرة عارضة وملايين الدولارات
لقد أعلن بنيامين نتنياهو، مع بداية العدوان الصهيوني على إيران، وهو ممتلئ بالانتشاء، أن "إسرائيل" عازمة على تحقيق أهداف كبرى: القضاء على المشروع النووي الإيراني، وتقويض منظومة الصواريخ الباليستية، وإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط بتغيير النظام الإيراني، لكن توقف القتال بعد 12 يوماً، بضغط من الرئيس ترامب على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، ومن ثم قبول إيران بوساطة قطرية، بعد هجوم القاذفات الأمريكية بقنابل خارقة للتحصينات على منشآت: فوردو، ونطنز، وأصفهان، في المقابل، جاء رد إيران بالموجة العشرين من موجات "الوعد الصادق3" إلى العمق الإسرائيلي، وفي نفس الوقت نفذت هجوما صاروخيا محدودا ورمزيا على قاعدتي عين الأسد في العراق والعيديد في قطر، ليفتح باب التساؤلات بشأن ما أنجزته "إسرائيل" في حربها المباغتة؟
في تحليلٍ يتجاوز السرد السطحي، نُلقي الضوء على عملية "الأسد الخائر" المزعومة ضد منشآت إيرانية، فبينما نجحت تل أبيب، بدعمٍ استخباراتيٍ أمريكيٍ مكثف، في استغلال ثغرةٍ استخباراتية عارضةٍ لاغتيال قادة إيرانيين في عملية هجوم غادرة نفذها الكيان الصهيوني في 13 من يونيو الماضي، فإن هذا الفعل لم يؤكد سوى حقيقة واحدة: أن الكيان الصهيوني كيانٌ فاشيٌ لا يعرف إلا لغة القتل بالغدر.
لقد كانت تلك اللحظة الغادرة نتيجة تحضيراتٍ استغرقت أوقاتاً طويلة، وأنفق عليها جهازَا الاستخبارات الأمريكي والصهيوني (CIA والموساد) ملايين الدولارات بحثاً عن ضعاف النفوس، هذه العملية، التي اعتمدت على الغدر وتدبير الكمائن، هي حادثةٌ عارضةٌ بامتياز، إنها لا تعكس قوةً استراتيجيةً أو تفوقاً دائماً، بل استغلالٌ لحظيٌ لثغرةٍ غير متوقعة في ظل اطمئنان إيراني عميق، خاصة وأن المفاوضات كانت جارية حينها.
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمبادئها التي تغرس الأمن، لم تكن تتوقع مثل هذا الفعل الغادر، فالقادة المستهدفون لم يتصوروا أن العدو يمكن أن يتجاوز كل الخطوط الأخلاقية، هذا يؤكد أن الكيان الصهيوني، بمساعدة شريكه الأمريكي، قد كشف عن وجهه القبيح، ووفقاً لخبراء، فإن العمليات من هذا النوع، حتى وإن أحدثت صدمة، لا تستطيع أن تغير المعادلة الاستراتيجية، محور المقاومة، ورأس حربته الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بنى قوته على مدى عقود، وهي قوة لا ترتبط بفرد، بل نتاج إيمان راسخ وبنية تنظيمية قوية قادرة على استيعاب الضربات، وكما صرح مسؤولون إيرانيون، فإن "القيادات تُستبدل، والعزيمة لا تلين".
صمود النظام الإيراني وتآكل الأهداف الصهيونية
أما المشروع النووي الإيراني، فبعد قصفه بقاذفات B-2 الأمريكية، من المبكّر الحسم بمستوى الضرر، وقد سرّبت محطة CNN الأمريكية عن تقرير سري للاستخبارات العسكرية الأمريكية أن الضربة قد يكون تأثيرها محدوداً، وأن إيران يمكن أن ترمّم ما دُمر خلال أشهر، ما أغضب ترامب، كما أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني أنه من المبكّر جداً استخلاص ما حصل للمشروع النووي، مما يجعل تقييم أحد أهم أهداف نتنياهو محل شك.
وكذلك الصواريخ الإيرانية الباليستية، فقد كان المشهد مثيراً لدقّتها وقدرتها على التدمير حتى الساعات الأخيرة، ويبدو أن طهران لم تستخدم كل أنواعها، في وقت تراجعت فيه كفاءة المنظومة الدفاعية لدى الاحتلال الصهيوني، خاصة أمام صواريخ إيران الفرط صوتية، إضافة إلى تراجع مخزونها من المقذوفات المضادة للصواريخ من نوع حيتس/آرو الباهظة التكلفة.
إن إعلان الفشل الأبرز لدى الاحتلال الصهيوني هو عدم قدرته على خلخلة النظام الإيراني ناهيك عن إسقاطه، فقد جاءت اغتيالات القادة والضربة المباغتة بآثار عكسية، حيث تضامن الشعب الإيراني مع النظام، رغم شراسة القصف الصهيوني واستخدامه جيشاً من العملاء المسلحين بأحدث التقنيات والمسيّرات التجسّسية والهجومية داخل المدن الإيرانية.
ما لم تحسبه «إسرائيل» في أسباب الوقف السريع للحرب
من الصعوبة بمكان أن توقف "إسرائيل" حربها دون تحقيق أهدافها، خاصة تدمير المشروع النووي الذي يعد تهديداً وجودياً في العقل الصهيوني، الشك الذي يلف مصير المنشآت النووية ومخزون اليورانيوم، يعني أن هناك أسباباً ومتغيرات نشأت أثناء المعركة دفعت "إسرائيل" لقبول وقف الحرب، ومنها:
سرعة استيعاب النظام الإيراني للضربة الأولى وتماسكه، وأخذه زمام المبادرة بضرب تل أبيب وكافة المدن الصهيونية بموجات صاروخية مدمرة في ال24 ساعة الأولى، واستهدافه منشآت عسكرية وأمنية حساسة، وإبداء إيران قدرة على التكيّف والاستعداد لحرب استنزاف طويلة لا يحتملها الاحتلال.
حجم الأضرار في الكيان خلال أيام كان كبيراً وغير متوقع، في المنشآت العسكرية والصناعية، إضافة إلى شلل الحياة الاقتصادية وحرية الملاحة الجوية، وقد بلغت الأضرار الأولية نحو 5.3 مليارات دولار، حسب صحيفة كالكاليست الصهيونية، فيما نقل موقع بلومبيرغ الأمريكي عن بيانات لوزارة المالية الصهيونية أن الخسائر الأولية تقدر ب3 مليارات دولار.
رغبة الرئيس ترامب بوقف الحرب بعد ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وإنقاذ نتنياهو من ورطته؛ لأن "إسرائيل" لا تملك إمكانات استهداف منشأة فوردو المحصنة بعمق 80-90 متراً تحت الجبال، ترامب لم يرد استمرار الحرب خشية اتساعها، فإيران دولة كبيرة (1.7 مليون كيلومتر مربع و90 مليون نسمة)، وتملك جيشاً ومقدرات صاروخية نوعية، وقد أبدت صموداً وتكيّفاً سريعاً، استمرار الحرب كان يمكن أن يؤدي إلى أزمة طاقة عالمية بإغلاق مضيق هرمز (25% من مصادر الطاقة)، وأزمة تجارة دولية بإغلاق مضيق باب المندب، كما أن ترامب لم يرد الانخراط في حرب استنزاف طويلة في الشرق الأوسط، وعينه على مواجهة الصين وجعل أمريكا "عظيمة" عبر الصفقات الاقتصادية.
إيران وسد الثغرات في استيعاب الصدمة وتعزيز المناعة
إيران لم ترغب في الحرب وإن كانت تستعد لها، خاصة بعد عملية طوفان الأقصى والتهديدات الصهيونية المستمرة، من بداية العدوان الصهيوني الأخير في 13 يونيو، ربطت إيران استئناف المفاوضات بوقف العدوان، مع إبداء استعدادها للذهاب بعيداً في الحرب إن فُرضت عليها، مستندة إلى قوة ضرباتها الصاروخية وامتلاكها أوراق قوة لم تستخدمها بعد كإغلاق مضيق هرمز وإشراك حلفائها كحزب الله والقوات المسلحة اليمنية.
رغبة إيران بعدم دخول الحرب لم تكن العامل الوحيد لوقف المعركة، بل كانت هناك عوامل ضاغطة بقوة عليها للخروج بأقل الخسائر، ومنها:
أخْذها على حين غرّة، حيث وقعت في فخ وخديعة ترامب الذي صرّح بأن الحرب مرتبطة بنتائج جولة المفاوضات السادسة في عُمان بتاريخ 15 يونيو، بينما وقع الهجوم الصهيوني المباغت يوم 13 يونيو، هذا أحدث صدمة وأضراراً كبيرة في منشآتها العسكرية والنووية ومنظومات الدفاع الجوي، واغتيال عدد من القادة والعلماء.
مواجهتها جيشاً من العملاء في كافة المدن الإيرانية، مزوّدين بإمكانات لوجستية وتقنية عالية من قبل "إسرائيل"، هؤلاء العملاء ساهموا بتزويد الاحتلال بالمعلومات وشاركوا ميدانياً عبر اغتيالات واستهداف مقارّ ومنشآت، هذا التحدي جعل من وقف الحرب متطلباً مهماً لمطاردة هؤلاء العملاء والقضاء عليهم، بعد انكشاف جزء منهم وآلية عمل الكيان معهم، استحضاراً لما حصل مع حزب الله الذي عانى من اختراقات أمنية أثرت على أدائه.
الضربة الصهيونية المباغتة لإيران، وعملياتها الجوية اللاحقة، استهدفت بتركيز عالٍ منظومات الدفاع الجوي، مع الإشارة إلى أن "إسرائيل" عملت على إضعافها سابقاً عندما هاجمت إيران في أكتوبر 2024، واستهدفت بطاريات "إس 300" الروسية ورادارات الكشف المبكر، هذا يؤكد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست دولة ضعيفة، بل قادرة على إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية وتنقية صفوفها من العملاء، مما يجعل هذا الحادث حافزاً لتعزيز اليقظة الأمنية وتطهير البيئة الداخلية.
الثبات الاستراتيجي مقابل الغدر التكتيكي
إن هذه العمليات تفضح الوجه الفاشي للكيان الصهيوني والبيت الأبيض، وتكشف عن عجزهما عن مواجهة إيران في معركة شريفة، لجوء "أكبر وأقوى القوات المسلحة الأمريكية" وكيان الاحتلال إلى الغدر والاغتيالات دليل على فشلهم في فرض إرادتهم بالقوة التقليدية، وانهيار مفهوم الردع، كما أن عملية "مطرقة الليل المكسورة" الأمريكية، وفشلها الذريع، فضحت خوار "القنبلة الخارقة للتحصينات" وأكدت عجز العدو عن اختراق الدفاعات الإيرانية.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست دولة ضعيفة تتلقى الضربات دون رد، بل تمتلك قدرات عسكرية وصاروخية وطائرات مسيرة متطورة، أثبتت فعاليتها، القدرة على "رد الصاع صاعين في العمق الصهيوني أو حتى في واشنطن ذاتها" ليست مجرد تهديدات، بل إمكانيات حقيقية بات العدو يعي خطورتها.
فالضربات التي وجهتها القوات المسلحة الإيرانية والقوة الصاروخية والطيران المسير كانت رسائل واضحة بأن قواعد الاشتباك قد تغيرت، وأن أي عدوان لن يمر دون ثمن باهظ، هذا يعني أن العمليات العارضة، بدلاً من أن تغير مسار المواجهة لصالح العدو، قد تدفعه نحو مزيد من الحسابات الخاطئة التي قد تؤدي إلى تصعيد لا يُحمَد عقباه، وتغير قواعد الاشتباك بشكل أعمق لصالح إيران.
لغة تهديد أمريكية فقدت بريقها
لم تقتصر تصريحات ترامب على "الإنقاذ" المزعوم، بل امتدت لتشمل لغة تهديد ووعيد بخصوص العقوبات الأمريكية، مدعياً أنه كان سيعمل على رفعها لولا "خطاب الغضب والكراهية" من سماحة السيد خامنئي، هذه اللغة التي يحاول ترامب من خلالها تصوير إيران ككيان "محترق ومتفجر، بلا مستقبل، وجيشاً مدمراً"، هي ذات الأسلوب الذي اعتاد الكيان الصهيوني وواشنطن استخدامه لابتزاز بعض دول المنطقة، إلا أن هذه المحاولات تظل مساعي للضغط على دول محور المقاومة، سرعان ما تفقد بريقها مع تصدي هذه الدول وتحويلها التحديات إلى فرص.
دعوة ترامب لإيران ل"العودة إلى النظام العالمي"، وتعبيره عن "الأمل" في أن تدرك القيادة الإيرانية أن "العسل غالباً ما يُحقق أكثر من الخل"، لا تعدو كونها محاولات يائسة لإملاء شروط على دولة أثبتت أنها لا تخضع للتهديدات، فإيران، التي أعلنت أن معركتها مع الكيان الغاصب مفتوحة ولن تنتهي إلا بزوال الكيان وتحرير المقدسات وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، لن تتراجع عن موقفها المبدئي المناهض للهيمنة، بغض النظر عن حجم العقوبات أو التهديدات.
أما ملف اليورانيوم والتخصيب، فقد حاول ترامب الإيحاء بأن إيران "منهكة" ولن "تفكر في النواة"، هذه التصريحات، التي تهدف لبث القلق وتبرير السياسات العدوانية، هي محض أكاذيب تفضحها الحقائق، فطهران، وبحسب التصريحات الرسمية الإيرانية، تلتزم بالاتفاقيات الدولية لكنها لن تتخلى عن حقها في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، ولن تخضع لأي إملاءات تهدف لتقييد قدراتها الدفاعية، إن "قلق" ترامب المزعوم بشأن المواقع النووية السرية ليس سوى ورقة ضغط استخدمها الكيان وواشنطن مراراً لتبرير عمليتهما العدوانية، وهو ما ردت عليه القيادة الإيرانية بتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها.
الثبات الاستراتيجي مقابل الغدر التكتيكي
في المحصلة، يتبين أن مجمل الأطروحات الاستعراضية للكيان الصهيوني وواشنطن، سواء "إنقاذ" ترامب المزعوم أو ادعاءات "الاختيار" بعدم الاستهداف، ليست سوى مسرحية مكشوفة تهدف للتغطية على فشل ذريع أمام قدرات ايران وصمودها. يحاولون الدفاع عن صورة تشوهت وقوة مرغ بها الأرض، لكن الحقائق على الأرض تتحدث عن نفسها: محور المقاومة يزداد قوة وصلابة، بينما يتهاوى أعداؤه تحت وطأة الفشل والهزائم المتتالية.
في الختام، يمكن القول إن العمليات العارضة القائمة على الغدر واستغلال الثغرات، رغم فداحتها الإنسانية، تظل أدوات تكتيكية محدودة التأثير الاستراتيجي، محور المقاومة، ورأس حربته الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يمتلك من الثبات والعقيدة والقوة ما يمكنه من استيعاب هذه الضربات والتغلب عليها، وتحويلها إلى فرصة لتعزيز المناعة الداخلية وتوجيه رسائل قوية للعدو، الغدر قد يحقق انتصاراً تكتيكياً عابراً، لكنه لن يكسر إرادة الصمود ولن يغير مسار المواجهة الاستراتيجية التي تمضي قُدماً نحو تفكيك الهيمنة الأمريكية الصهيونية في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.